التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المستشارة شيماء سحاب: الرؤية حق منحه القانون للأب بمواعيد ثابتة طول فترة الحضانة

 




حوار: عبد الرحمن هاشم
لقاء متجدد مع قرائها الأعزاء تناقش فيه “المستشارة شيماء سحاب” قضية الرؤية التي تنتج عن الانفصال بين الزوجين؛ هذا الانفصال والشقاق الذي تصدعت به الأسرة وصَاحَبَهُ وأعقَبَهُ المزيد من العناد.
ويأتي دور القانون ليوجه الأسرة ويلزم أفرادها كي تسلك المسار الصحيح حتى لا يجرنا الصراع بين الأب والأم الحاضنة إلى ما لا تحمد عقباه من تكريس لذكريات مخيفة تنعكس سلبًا على تربية الأبناء وتبدو واضحة للعيان في افتقداهم الاستقرار النفسي والسلام الاجتماعي.
وتتحدث المستشارة شيماء سحاب المحامية بالنقض والدستورية العليا في هذا الحوار أو هذه الحلقة من الحوار عن الرأفة بالأطفال وتجنيبهم الصراع تحت أي مسمى كان وتؤكد معنى فاصلا ربما يغيب عن الوالدين في خضم عنادهم وصراعهم هو كون هؤلاء الأطفال ضعفاء لا حيلة لهم، وهم لهذا الضعف يحتاجون إلى حضن الأم والأب معا.
وهي وصية تحمل من المعاني النبيلة ما يوجب التوقف أمامها حتى إذا ما اقتضت الظروف الانفصال البغيض إلى الله عز وجل؛ فليس أقل من مراعاة هذه المباديء والقيم الإنسانية النبيلة فنمكن الصغار من رؤية أبيهم حتى يشعروا بمحبته وتعلقه بهم.
يقول الحق سبحانه وتعالى في الآية 233 من سورة البقرة (لاَ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ).
ويقول جل جلاله في الآية 75 من سورة الأنفال: (وأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ).
والذي يهمنا في هذا الحوار الذي يشرفنا أن نجريه مع المستشارة شيماء سحاب المحامية بالنقض والدستورية العليا تأكيد أهمية توفير الوقت اللازم للأب ليقوم بدوره في تنشئة طفله أو أطفاله جنبا إلى جنب مع الأم، فلا غنى عن كليهما في تربية الأطفال.
في البداية سألنا المستشارة شيماء سحاب ما معنى مصطلح “حق الرؤية”، وهذا الحق يتعين لمن؟ فأجابت سيادتها:
أبدأ حديثي مع حضرتك بالتأكيد على ضرورة الاعتدال وعدم التطرف في الخصام، وبتعبير الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم حينما حدثنا عن النفاق وعلاماته أن من علامات المنافق الأساسية الكذب والغدر والفجور في الخصومة.
ومن هنا، فينبغي فى جميع أحوال الانفصال بين الزوجين الأخذ في الاعتبار مصلحة الأطفال بما يعني الحرص على تربيتهم وتنشئتهم واستقرارهم النفسي والمادي، ذلك أن طفل اليوم هو رجل الغد وهو رب الأسرة فى المستقبل فلو نشأ في أسرة مفككة لن يستطيع مستقبلا الحفاظ على أسرته.
وكما ينبغي أن ينشأ هذا الطفل فى بيئة صالحة وحضن دافئ بعيدا عن جو الصراعات والمحاكم وأقسام البوليس، ينبغي على كل أب أن يحاور نفسه: ماذا يكون وضع أطفالي إذا حدث الانفصال؟ فأنا اليوم مع زوجتى وأطفالي. أرى أطفالي فى كل وقت، أشبع منهم ويشبعون مني. وغدا بعد الانفصال ربما يصل الأمر بينى وبين أمهم إلى المحاكم وبالتالي أحرم منهم، وبعد أن كانوا معي طول الوقت، الآن لا أستطيع رؤيتهم سوى مرة كل أسبوع وقد تمتنع أمهم فلا تستجيب لرغبتي في رؤية الصغار.
وإذا ما أصررت محاوري الكريم على استئناف الإجابة على سؤالك أجيبك بأن الرؤية تتم بطريقين معروفين للجميع أولهما طريق التراضى بين الطرفين وذلك فى حالة تحضر الأبوين ورقيهم الدال على تغليبهم مصلحة الصغار قبل التفكير فى مصلحتهم.
عندما يسلك الأبوان هذا الطريق يشعر وقتها الصغير بالأمان والاستقرار النفسي وحينئذ يمكن لكل منهما اصطحاب الصغار فى السفر والرحلات وغير ذلك من الاستضافة والمبيت معهم كلما لزم الأمر إذ أصبحت أمور الأطفال قائمة بين الأبوين على التراضي والتفاهم والرقي في التعامل.
أما في حالة عدم التفاهم، فهنا يسلك الأب أو الأم إجراءت دعوى الرؤية طالما وصلت العلاقة لذلك.
يتقدم الأب بطلب تسوية بمحكمة الأسرة المرفوع أمامها الدعوى القضائية ويرفق بالطلب حافظة مستندات بها صورة وثيقة الزواج ومستخرج بشهادة ميلاد الصغير ويتم تحديد جلسة لحضور الطرفين لحل موضوع الرؤية وديا، وفى حالة عدم الاتفاق على الرؤية وديا يتم تنظيمها عن طريق المحكمة على أن تتم فى مكان لا يضر بالصغير بل يكون مناسبا يشعر فيه بالطمأنينة والاستقرار النفسي بمعنى أنه يتم حسب المكان الذي يسكنه الطفل فلو كان على سبيل المثال يسكن في بورسعيد فلن نذهب به إلى الجيزة ليراه الأب بل لا بد أن يكون المكان الذي تتم فيه الرؤية قريبا من سكن الطفل في الحدائق أو النوادي أو أي مكان يشعر فيه الطفل بالأمان.
ولا بد لي هنا من التنويه على أن رؤية الأب لطفله تدخل في مصلحة الطفل ولا تخصم منها أبدا لاحتياجه لأبيه فتتم الأمور على فطرتها؛ الطفل في حضن أمه كحق مكفول له شرعا وقانونا وغريزة وفي الوقت نفسه غير ممنوع من رؤية أبيه. فحق الرؤية للطفل حتى يشعر بالأمان والاستقرار. وتخيل معي أمَّا تُعذب طفلها أو تعامله معاملة غير آدمية وهذا الطفل لا يستطيع رؤية أبيه ليبث له متاعبه وما يعانيه مع هذه الأم! إذن رؤية الأب لطفله وتفقده إياه أسبوعيا من الأمور التي تصب في مصلحة الطفل وعدم تعرضه للإيذاء النفسي أو البدني من أي حاضن كان.
ما دلالة وصول الحق الإنساني في رؤية الطفل إلى المحكمة؟ وهل تردت علاقاتنا الاجتماعية إلى هذا الواقع المرير؟
لو هناك حضارة ورقي في التعامل بين الأب والأم لا يصل الأمر مطلقا إلى المحكمة بل يتم بالتراضي فيرى الوالد ولده متى أراد وفي أي مكان أراد. لكن مع التدني الحضاري والأخلاقي والسلوكي وصل الأمر في بعض الحالات للأسف الشديد إلى أن الأب يرى طفله في قسم الشرطة.
فى حالة امتناع الأم عن الحضور لتنفيذ الرؤية ماذا يحدث؟
لو امتنعت الأم عن الحضور بدون أسباب مقنعة، يجوز للأب إثبات ذلك بكل سهولة، فيثبت عدم حضور الأم الحاضنة إلى الموعد المحدد للرؤية عن طريق السجل الذي يتم فيه تدوين حضور أو عدم حضور الطرف الصادر ضده حكم الرؤية، ثم يعمل محضرا فى قسم الشرطة لإثبات عدم حضور الأم فى الموعد المحدد لأكثر من مرة، وبناءً عليه، يتم تحريك دعوى ضد الأم لامتناعها عن تنفيذ حكم واجب التنفيذ.
وفى حالة إثبات تخلفها 4 مرات يحق للأب رفع دعوى تعويض لما تسببت فيه الحاضنة من وقوع ضرر مادي وأدبي عليه تمثل فيما سلكه من إجراءات وما تكبده من مصاريف ويكفي أن يذهب إلى رؤية صغيره متلهفا عليه ثم لا يجده.
من المقرر قانوناً، عملاَ بنص المادة 163 من القانون المدنى، أن كل خطأ سبب ضررا للغير، يلزم من ارتكبه بالتعويض، وذلك بأن يكون الخطأ تقصيريا بالإخلال بالتزام قانوني، كما أن الضرر مادياَ يصيب المضرور فى جسمه أو ماله، أو أدبيا يصيب المضرور فى شعوره أو عاطفته”.
ويحق للأب رفع دعوى إسقاط حضانة، ويجوز للقاضي الحكم بنقل الحضانة بشكل مؤقت إلى من يلى الأم في الحضانة.
متى يسقط حق الأب في الرؤية؟
مثلما أعطاه القانون الحق في رؤية ابنه، أعطى للأم الحق في إثبات عدم حضور الأب 4 مرات متتاليات؛ فتثبت ذلك في محضر رسمي وتأخذ به حكمًا بإسقاط الرؤية عن الأب لمن يليه، وأخذ تعويض مالي عن كل 4 مرات يتخلف فيها الأب عن الحضور لرؤية طفله لتضررها النفسي وتضرر الطفل كذلك.
متى يجوز لمن تقرر له حق الحضانة السفر مع المحضون خارج البلاد؟
لا بد في هذه الحالة من أخذ موافقة الطرف الآخر المعني بالطفل المحضون كتابة.
ما الفارق بين الرؤية والاستضافة؟
الاستضافة تعني أن يأخذ الأب الطفل من الحاضنة (الأم) وتتراوح من يوم إلى يومين بالاتفاق ولا يوجد قانون بذلك حتى الآن.
وهناك عمر للاستضافة فالأم من الطبيعي أن تكون مع طفلها الرضيع ويفضل للأب أن يستضيف طفله بعد سن خمس سنوات.
والرؤية حق منحه القانون للأب بمواعيد ثابتة طول فترة الحضانة وفي حالة عدم وجود الأبوين فهو حق للأجداد.
ومكان الرؤية يكون في المكان الذي يقيم فيه الطفل مع الحاضنة والعكس صحيح إذا كان الأب هو الحاضن للطفل.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بالصور.. اليوم التعريفي لصيدلة "مصر للعلوم والتكنولوجيا"

  عقدت كلية الصيدلة والتصنيع الدوائي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا فعاليات (اليوم التعريفي للطلاب الجدد orientation day) تحت رعاية  خالد الطوخي رئيس مجلس الأمناء والدكتور نهاد المحبوب القائم بعمل رئيس الجامعة والدكتورة رحاب عبدالمنعم عميد كلية العلوم الصيدلية والتصنيع الدوائي. وشهدت الفعاليات حضور  الدكتورة مها عيسي وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث والدكتورة ولاء حمادة وكيلة الكلية لشئون التعليم والطلاب ومدير وحدة ضمان الجودة بالكلية؛ وحضور رؤساء الأقسام بالكلية وأعضاء من هيئة التدريس والهيئة المعاونة، والدكتور الحسيني الجندي رئيس قسم العقاقير ومقرر لجنة رعاية الطلاب، والدكتورة ندى لبيب؛ عميد المكتبات ومستشار رئيس مجلس الأمناء. وقام أعضاء الاتحاد العام لطلاب كلية العلوم الصيدلانية والتصنيع الدوائي بعرض الأنشطة المختلفة التي يقوم بها الاتحاد واللجان المختلفة، فضلا عن  تكريم الأوائل من الطلاب بكل دفعة بلائحة pharm D ولائحة pharm D clinical بجائزة شهادة  الدكتورة سعاد كفافي للتفوق العلمي، وأخيرا تكريم اللجنة المنظمة لفعاليات الاحتفالية. يذكر أن الفعاليات شهدت مشاركة كل من المهند

د. حنان شكري تكتب عن قضايا إثبات النسب

  د.حنان شكري أستاذ الأدب المساعد كلية اللغات والترجمة في الآونة الأخيرة طرقت مسامع المصريين كلمات جديدة، دخيلة على عاداتهم وتقاليدهم، من أمثلة ذلك: عبارة إثبات النسب، وبالتالي اكتظت أروقة محاكم الأحوال الشخصية بقضايا تُرفع لإثبات النسب، أو لعدمه، وفي حقيقة الأمر لابد أن هناك أسبابا عديدة لتلك الظاهرة، لعل أهمها غياب الدين وإهمال القيم والمبادئ التي تربينا عليها منذ الصغر، هذه المفردات الغريبة على المجتمع المصري تنذر بشر مستطير، إذا لم تتصد لها كل الجهات المسئولة، وأولها الأزهر الشريف، والمجالس التشريعية والنيابية، علاوة على دور الأسرة؛ فهي المسئول الأول عن هذا الكيان. إنه من الموجع حقا أن نجد تلك القضايا معلنة من ذويها على السوشيال ميديا، دون خجل أو حياء، وعلاوة على أنها قضايا تمس الشرف؛ فهي تؤذي نفوسا بريئة، تؤذي أطفالا صغارا ليس لهم ذنب أو جريرة، وإنني أتساءل: هل اغتيال شرف طفل وسمعته يساوي لحظات لذة محرمة عابرة؟!  والمؤسف أن مثل هذه القضايا يمتد لسنوات، فماذا جنى هؤلاء الصغار، ليكبروا فيجدوا أنفسهم على تلك الحالة بين أم تسعى لإثبات نسب وأب يتنكر لهذا النسب. وإنني كإنسانة ومواطنة مص

رحلة مريض في مدينة غنيم

  بقلم/ شريف محمد الأزهري على بعد حوالي 140 كم من القاهرة وتحديدا في أجمل محافظات مصر حيث مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية يوجد مركز المسالك البولية والكلى العالمي التابع لجامعة المنصورة، ودائما يقال في الأمثال "ليس من رأى كمن سمع". إنه شيء أشبه بالمعجزة، ومن ساقته الظروف لزيارة المكان في المنصورة لخرج حامدا شاكرا أنعم الله، ولعرف قيمة الوقاية والغذاء السليم الخالي من المواد الحافظة، فضلا عن قيمة الصحة والعافية. حصل المركز على المرتبة الأولى على مستوى العالم فيما يتعلق بأمراض الكلى والمسالك البولية حيث تخطى مركز سان فرانسيسكو بالولات المتحدة الأمريكية وذلك منذ عام 2015 إلى الآن. وظل محتفظا بالتصنيف رقم 2 على مستوى العالم فيما يتعلق بأمراض الكلى والمسالك لأعوام طويلة. وجامعة المنصورة نموذج فريد بين جامعات مصر، وتتصدر أبحاثها المجلات والصحف العلمية المحكمة. قُدر لي أن أصلي الجمعة مع الدكتور محمد غنيم الذي يتابع يوميا تلاميذه وجنوده الذين يعملون مستهدفين من المنصورة أن تكون "مدينة طبية عالمية على أرض مصرية". الدكتور غنيم يوقر الكبير ويحترم الصغير وفي ذات ا