بقلم أ.د. عزة شبل محمد أستاذة اللغويات بكلية الآداب في جامعة القاهرة وأستاذة اللغويات بكلية الدراسات الأجنبية في جامعة أوساكا باليابان امتدت يده عبر فتحة ضيقة من زجاج النافذة الأسود، وأخذ منها واحدة، وقبل أن تمتد يدها، تطايرت النقود المبعثرة، وتطايرت هي معها في سباق محموم، بعد أن انطلقت سيارته الفارهة، وعلت ابتسامة بائسة وجهها الأسمر النحيل. ما زال معها الكثير، لم تستطع التخلص إلا من واحدة، وقد أوشك الظلام أن يغيم. تقدمت باستحياء ممسكة بأخرى، واقتربت أكثر وأكثر، لكن ملابسها المتسخة، وعينيها الغائرتين كانتا تدفعان السيارات للسباق مع الريح في الممرات الضيقة. تحسست البقع الزرقاء المتفرقة التي ترقد على جسدها النحيل، لم يكن هناك أمل في النجاة. استجمعت قواها، واقتحمت الميدان، فإذا بالفوضى تعم الميدان، وأصوات الضجيج تعلو وتعلو، لتجد أختها الكبرى ملقاةً على الجانب الآخر من الطريق. نظرات متبادلة يملؤها الفزع والفقر والجوع، والمارة يعبرون هنا وهناك. لفَّ السكون الميدان، وعمَّ الصمت، وتحول الميدان إلى قبر ابتلع الفتاتين. لمعت فكرة وسط هذا السكون، حاولت الصغرى تقل...
بقلم/ د. وليد الإمام مبارك المنسق الإداري لمركز دراسات التراث العلمي بجامعة القاهرة في مارس عام 1950، وبعد رحيل عبقري الفيزياء العربية الدكتور علي مصطفى مشرفة بخمسة أشهر فقط، أصدر اتحاد الجامعة المصرية قرارًا بتخليد ذكراه داخل كلية العلوم – جامعة القاهرة، بإنشاء تمثال له يُعبّر عن تقدير الأجيال لعطائه العلمي والوطني. كان مشرفة في حياته رمزًا للعقل المصري الحر، وفي وفاته أصبح رمزًا للخلود العلمي. ورغم مرور عقود طويلة على هذا القرار النبيل، ظلّ حلم إقامة التمثال مؤجلاً... حتى جاء اليوم الذي تعود فيه الروح إلى الفكرة من جديد، مع احتفال الكلية بمئويتها الأولى تحت قيادة أول عميدة في تاريخها، الأستاذة الدكتورة سهير رمضان فهمي، التي جعلت من هذه المناسبة التاريخية نقطة التقاء بين الماضي العريق والمستقبل الواعد. ففي عصرها، تجتمع رمزية الزمان والمكان: كلية العلوم التي أنجبت العلماء والرواد، ومشرفة الذي كان أول عميد مصري لها، وها هي بعد 75 عامًا تشهد ميلاد التمثال الذي انتظره التاريخ. إن إقامة تمثال للدكتور علي مصطفى مشرفة في مئوية الكلية لا تمثل مجرد تكريمٍ لشخصٍ رحل، بل هي رسال...