التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

من جيبك لا من جيبها.. هكذا تُبنى البيوت

بقلم المستشارة/ شيماء سحاب المحامية النقض لا يحق للزوج أن يمد يده إلى أموال زوجته، فلكلٍّ منهما ذمّة مالية مستقلة. لكننا نرى اليوم، وبناءً على وقائع حقيقية وقصص تتكرر، أن بعض الأزواج صاروا يعتمدون اعتمادًا شبه كامل على أموال الزوجة؛ سواء كانت عاملة أو حتى تملك مدخرات بسيطة. أصبح البيت والأطفال والاحتياجات اليومية عبئًا تُلقى مسؤوليته على كتفي المرأة، بينما الزوج يتنصل من دوره الأساسي. كثيرًا ما أسمع من زوجات يطلبن الخُلع، وعندما أسألهن عن السبب يقلن بمرارة: "زوجي تعمّد أن يفرغ جيبي، وأصبح يعتمد عليّ في كل مصاريف البيت والأولاد. يا أستاذة، على رأي المثل: خذ من التل يختل." كلام صادق ومرير. فكيف يرى الزوج نفسه قائدًا وهو يتعمّد أن يجعل زوجته بنكًا مفتوحًا ينفق منه؟! وماذا بعد أن تنفد أموالها؟ هل سيتركها تواجه مصيرها وحدها، أم يبحث عن زوجة جديدة لديها ما ينفقه؟ أيها الزوج، أنت وحدك المسؤول عن النفقة: على بيتك، على زوجتك، على أطفالك. نعم، في أوقات الأزمات تظهر المعادن الأصيلة، والزوجة الصالحة لا تتردد في مساندة زوجها لتجاوز العثرات. لكن أن تتحوّل المساندة إلى التزام دائم، فهذا جَو...
آخر المشاركات

مولد السيدة زينب عليها السلام: الروحانية الوجدانية والكرنفالية الشعبية المُعَبِّرة بـ"نظرة يا ست"

بقلم/ د. نجلاء الورداني مولد السيدة زينب واحدًا من أبرز الموالد الشعبية والدينية في مصر، حيث يتحول حي السيدة زينب بالقاهرة كل عام إلى ساحة احتفالية ضخمة تستقطب مئات الآلاف من الزوار من مختلف المحافظات. يقام المولد في شهر رجب، ويستمر عادةً لأيام عدة، ليجمع بين الطابع الديني والبعد الاجتماعي والاقتصادي والثقافي. البعد الديني يرتبط المولد بذكرى السيدة زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب، حفيدة النبي محمد ﷺ، التي تحظى بمكانة روحية خاصة في قلوب المصريين. خلال المولد يتوافد الزوار إلى المسجد والضريح لقراءة الفاتحة، وتقديم النذور، وطلب البركة، في أجواء يغلب عليها الشعور بالسكينة والطمأنينة. البعد الاجتماعي والثقافي لا يقتصر المولد على الجانب الديني فحسب، بل يشكل أيضًا ملتقى اجتماعيًا واسعًا، حيث تنتشر حلقات الذكر والمديح الصوفي، وتقام خيام الضيافة التي تقدم الطعام مجانًا للزوار، في تعبير عن قيم الكرم والتكافل. كما تتحول الساحات المحيطة بالمسجد إلى سوق شعبي كبير يعرض السلع البسيطة والألعاب والحلوى، مما يمنح المولد طابعًا اقتصاديًا موسميًا. الطابع الشعبي الاحتفالي والكرنفالي يمتاز المولد بأجوائه ال...

من الغيرة ما قتل!

بقلم/ د. نجلاء الورداني لم تعد الغيرة بين الزوجات مجرّد همس مكتوم أو نظرات حادة خلف الأبواب المغلقة؛ بل تحوّلت في بعض البيوت المصرية إلى صرخة مدوية تهز الجيران وتصل إلى دفاتر الشرطة. من منافسة صامتة على قلب رجل واحد، إلى مشادات كلامية حادة، ثم إلى عراك ترتفع فيه الأيادي وتفحش الألفاظ، قبل أن يسقط أحدهم ضحية... قد تكون الزوجة الأخرى، أو الزوج نفسه، وأحيانًا الأبناء الذين يُستَخدمون كورقة انتقام بين المتصارعات. قصص الجرائم التي تملأ صفحات الحوادث وساعات البث الفضائي لا تبدأ عادة بسكين أو سمّ، بل بشرارة صغيرة: كلمة قاسية، نظرة غيظ، أو إحساس بالظلم وعدم المساواة؛ إنها الشرارة التي تنتج حريقا في بيت يفتقد الحوار والتوازن العاطفي، وربما يتفاقم أوار هذا الحريق فلا يجد مَنْ يطفئة. علماء الاجتماع يربطون الأمر بخلل في بنية الأسرة نفسها: غياب الاستقرار، تضارب الأدوار، إحساس النساء بعدم العدالة. وفي غياب العلاج النفسي والاجتماعي، تتحول الغيرة من شعور إنساني طبيعي إلى غيرة مَرَضية تُهدّد أمن البيت والمجتمع معًا. أمّا من جهة الأمن، فالأرقام تكشف عن جرائم أسرية تتكرر كل عام، وقصص متشابهة تكاد تصوغ نف...

قراءة نقدية: "علاقات الظل... سردية الاعتراف والتوبة"

  بقلم/ د. نجلاء الورداني يبحر نص "امرأة في الظل" للزميل الأستاذ عبد الرحمن هاشم [انظر الرابط: https://alalamalyoumnews.blogspot.com/2025/09/blog-post_24.html  ] في زوايا معتمة من العلاقات الإنسانية، متخذاً من تجربة "المرأة الأخرى" مدخلاً لسبر أغوار الضعف الإنساني والبحث عن الذات. ما يميزه ليس فقط جرأة الطرح، بل قدرته على تحويل الاعتراف الفردي إلى مرآة تعكس أزمة مجتمعية أوسع. رحلة الألم والتحرر ينطلق النص من سؤال وجودي عن السعادة الزوجية، لينحصر سريعاً في تجربة شخصية معقدة. البطلة ليست مجرد ضحية؛ إنها شريكة في علاقة قائمة على الوهم، تستقبل الرجل في ساعات مسروقة وتمنحه ما لا يجده في بيته. غير أن هذا "المهرب العاطفي" للرجل يتحول تدريجياً إلى "سجن عاطفي" للمرأة. لحظة الوعي الحاسمة تأتي حين يواجهها الرجل باعتراف قاسٍ: أي زواج منه سيحوّلها إلى نسخة أخرى من زوجته. هنا يحضر الاستهلاك العاطفي الذي تعرّضت له البطلة في أشد صوره قسوة وعنف الرمز والمعنى، وتبدأ رحلة التحرر عبر إدراك الحقيقة ورفض الاستمرار  خلف حوائط الظل والخيال. رحلة الخلاص النص لا يكتفي بتش...

​الملبن: قصة حلوى تصنعها الذاكرة

بقلم/ د. نجلاء الورداني ​لا يمكن اعتبار الملبن مجرد حلوى؛ إنه قطعة من الذاكرة الشرقية، قصة مكتوبة بالسكر والمكسرات، تروي حكايات الأعياد والمناسبات العائلية. خلف غلافه الأبيض الناعم من النشا أو السكر البودرة، يختبئ عالم من الطعم الغني، تمامًا كتحفة فنية تنتظر من يكتشفها. ​تذوب حلاوته الطرية في الفم، تاركةً إحساسًا بالبهجة الخالصة. وعندما يمتزج مع عين الجمل أو الفستق، يتحول إلى لوحة متكاملة من النكهات والقوام، حيث يجمع بين نعومته وقرمشة المكسرات التي ترسخ مذاقه في الذاكرة. ​الملبن هو حلوى بسيطة وصادقة، لا تتكلف ولا تتصنع. يمثل جسرًا بين الماضي والحاضر، حيث يحافظ على نفس الطعم الذي عرفه الأجداد، ليمرره إلى الأجيال الجديدة. هذه البساطة هي سر سحره وجاذبيته. ​في كل قضمة من الملبن، يكمن شعور بالحنين إلى الأيام الخوالي، وإلى الدفء الذي يرافق المناسبات السعيدة. إنه حلوى تلامس الروح قبل اللسان، وتذكرنا بأن أجمل الأشياء غالبًا ما تكون الأكثر بساطة ونقاءً.

امرأة في الظل

قصة قصيرة بقلم/ عبد الرحمن هاشم لماذا لا يجد أحدٌ السعادة التي يبغيها بعد زواجه؟ سؤال ظلّ يطاردني طويلًا وأنا أراقب صديقاتي وقريباتي، وأتذكّر تجربتي بمرارة. كنتُ أنا "المرأة الأخرى"، الوجه الخفيّ في حياة رجل متزوج. كان يأتي إلى شقتي في ساعات مختلسة، يخلع همومه عند الباب، ويتقمّص دور العاشق الولهان. أعدّ له طعامًا يحبّه، يضحك، يغازلني، ثم يتركني مع بقايا آثاره. يصرف عليّ أحيانًا — نقود موسمية تكفي حاجتي ولا تكفي كرامتي — ثم يعود إلى بيته وزوجته وأولاده وكأنني نسيًا منسيا. مرّت شهور. وفي لحظة صفاء، سألته: – "لماذا لا نديم هذا الهناء، ما المانع في أن نتزوج؟ لماذا لا نجعل ما بيننا حلالًا في النور يراه كل الناس؟". ابتسم ابتسامةً بلا معنى وتمتم: – "لا تغيّري ما هو جميل... بمجرد ما أن أتزوجك تصبحين نسخة من زوجتي القابعة في البيت الآن!". كان جوابه كصفعة. أدركت حينها أنني لستُ إلا مَهْربًا، أو "البديل المؤقت" لامرأته الأساسية. مع الوقت اكتشفت أنني لا أحبه بصدق؛ إنما أتعلق بوهم وجوده المادي بجانبي. وحين يغيب، يتفجّر في داخلي غضب وكراهية له، بل لنفسي. ...

عندما يصبح البيت جحيمًا: أثر قسوة الزوج على صحة الزوجة وسلامة الأبناء

  بقلم المستشارة/ شيماء سحاب المحامية بالنقض نعم، ثمة رجال يتعاملون بالقسوة فقط: أب يقهر حياة أولاده، وزوج يجعل بيت الزوجية جحيمًا لزوجته، وجار يفتك بالجار. صور القسوة كثيرة ومتعدِّدة، وما يترتب عليها من عقد نفسية وأمراض صحية ونفسية للأطفال والزوجة لا يُحمد عقباه. الأطفال الذين يكبرون في بيت فيه أب قاسٍ لا ينشئون أطفالًا أَسوياء بالضرورة؛ فالقسوة المستمرة تُدمِّر نفوس أفراد الأسرة؛ ذلك أن البيت الذي هو نواة المجتمع الآمن ينبغي أن تسكنه الطمأنينة. القسوة تُولِّد الخوف والرغبة في الانتقام، وقد تَثمر إما شخصية ضعيفة الإرادة أو شخصية انتقامية متصلبة — وفي الحالتين تُصبح حياة الأسرة بعيدة كل البعد عن السعادة والاستقرار. فالأب الذي يظن أنه «يؤدّب» بالقسوة، يرتكب خطأ فادحًا، والطفل الذي ينشأ في محيط مفعم بالحب والحنان يكون فردًا راقٍ واثقًا من نفسه، بينما الطفل الذي ينشأ في جو يحيط به الخوف والتوتر فعادة ما يفتقد المشاعر الإنسانية وبالتالي تتعطل فرصته في بناء مجتمعه أو حتى الإسهام في بناء بيت صحي منتج ومفيد. وأمامنا نموذج الزوجة التي نالت قسوة زوجها فنجدها تعاني أزمات يومية؛ تفتقد الحب وا...