التخطي إلى المحتوى الرئيسي

التنمية الاقتصادية.. عفوا الإشارة ما زالت صفراء!



بقلم/ اللواء محمد بيومي


كتبت مقالًا منذ شهور؛ حاولت في غضون سطوره أن أدق أجراس الإنذار حول عديد الأشباح التي تواجه كيانات الاقتصاد المصري؛ ليتنا نتأهب ونستعد لخوض غمار التنمية المجتمعية المستدامة؛  قبل الاصطدام الحتمي بخطر السقوط في هاوية التضخم؛ حيث ترتكز رءوس الأموال في خزائن كبرى الشركات القابضة، والتي يتبعها إداريًا شركات أخرى متوسطة وصغيرة، وبدلًا من ضخ الأموال وتدفقها بسهولة وسرعة في الخطوط الإنتاجية لهذه الشركات؛ كي يستفيد منها المواطن مباشرة.

فمازالت العديد من الشركات الإنتاجية والخدمية -تتجه عن عمد - نحو الاحتفاظ والتراكم السلبي للأموال الجاري استثمارها؛ وذلك في صورة أوعية إدخارية بالعديد من البنوك؛ كي تستفيد من فروق الأسعار؛ الناتج عن تباين سعر الصرف؛ لاسيما مع تنامي الشائعات المتكررة حول ارتفاع سعر العملة.

والآن أكرر وأرددها بكل صراحة وعلانية لمن يعتبر؛ لا يمكن الحديث عن التصدي لمشكلات التضخم والركود؛ دون الإشارة إلى ضرورة اعتماد وارتكاز رءوس الأموال النقدية والمادية علي السوق المحرر اقتصاديًا وسياسيًا وتنظيميًا، والذي يجب أن تحكمه وتهيمن عليه قواعد قانونية مرنة؛ تتبني مفاهيم الديمقراطية وتحرير الاقتصاد، وتكفل حرية وسرعة سريان المعلومات والحقائق ومشاركتها بين المستثمرين ورجال الأعمال، وسهولة الحصول عليها من مصادرها المتجددة، ومن ثم إمكانية إجراء عمليات البحث والتطوير في الخطط الاستثمارية، والاستراتيجيات التنموية؛ دون تعسف أو بيروقراطية أو فساد إداري.

فإلى متي  سيبقي الاقتصاد المصري صامدًا أمام هذه التحديات؟ وإلى متي سيخشي المسؤولون من المواجهة ومصارحة الرأي العام؟ وإلى متي يظل رجل الأعمال مذعورا يخشي الاستثمار ؟ وإلي متي ستستمر الطبقات الاجتماعية في التآكل ؟ إنها مشكلات أمن قومي؛ أكرر أمن قومي فلتستقيموا وتعتدلوا يرحمكم الله 

لقد بات الأمر  أكثر إلحاحا في ظل التداعيات الإستراتيجية المحيطة بالمنطقة؛ ما  يفرض بشدة ضرورة التوجه نحو فتح العديد من الملفات كدراسة سبل السداد الميسر لمديونيات الشركات لدي الحكومة؛ حتي  تستطيع الوفاء بالتزاماتها وتسديد حقوق العاملين فيها، ومن ثم مواصل السعي نحو تقديم الخدمات لصالح المواطنين .

تمتلك الدولة المصرية البنى التحتية اللازمة لتحقيق الإنجازات الاقتصادية، والارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطن، والأهم من ذلك هو امتلاك العقول والموارد البشرية القادرة على التغيير، الأمر الذي يتطلب إدارة إستراتيجية واعية تقود هذا الرصيد الإنساني نحو الاستدامة المجتمعية، والتوجه الريادي نحو القضايا والموضوعات الملحة والعاجلة؛ لخدمة الشعب و تحسين خدماته.

لا يمكن المناداة بشعارات التنمية المجتمعية المستدامة؛ دون التصدي للشائعات المغرضة حول أسعار العملة؛ كسبب رئيسي في نفور المستثمر الأجنبي، كي تسعى الدولة بدعم هيئاتها وجماعات مصالحها في تعزيز مبادرات الانفتاح الاقتصادي، وتبني المشروعات التنموية الرائدة في ربوع الدولة وأقاليمها؛ مرحبة بشراكات العمل، والانفتاح الواسع علي الأسواق العالمية؛ وترسيخ علاقات الدولة ذات الأبعاد السياسية والإستراتيجية بالنظم والهيئات المحلية والدولية، وغيرها من الجهود والمبادرات الساعية نحو الارتقاء برفاهية المجتمع، وتعزيز نموه الاقتصادي.

فلنتكاتف معًا نحو تنمية مقومات رءوس الأموال المادية والبشرية؛ باعتبارها رصيدًا تأمينيًا وقائيًا أثناء الأزمات الاتصالية الناجمة عن الشائعات والبلبلة الاقتصادية عديمة الجدوى، ودون التصدي بكل حسم وحزم لهذه الشائعات فلا سبيل للسؤال حول ارتفاع قيمة الأسهم المالية للشركات المحلية ذات الروابط الاقتصادية القوية الساعية نحو نمو مبيعاتها، وزيادة حصتها الإنتاجية، وتعزيز عوائدها الاقتصادية.. وللحديث بقية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بالصور.. اليوم التعريفي لصيدلة "مصر للعلوم والتكنولوجيا"

  عقدت كلية الصيدلة والتصنيع الدوائي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا فعاليات (اليوم التعريفي للطلاب الجدد orientation day) تحت رعاية  خالد الطوخي رئيس مجلس الأمناء والدكتور نهاد المحبوب القائم بعمل رئيس الجامعة والدكتورة رحاب عبدالمنعم عميد كلية العلوم الصيدلية والتصنيع الدوائي. وشهدت الفعاليات حضور  الدكتورة مها عيسي وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث والدكتورة ولاء حمادة وكيلة الكلية لشئون التعليم والطلاب ومدير وحدة ضمان الجودة بالكلية؛ وحضور رؤساء الأقسام بالكلية وأعضاء من هيئة التدريس والهيئة المعاونة، والدكتور الحسيني الجندي رئيس قسم العقاقير ومقرر لجنة رعاية الطلاب، والدكتورة ندى لبيب؛ عميد المكتبات ومستشار رئيس مجلس الأمناء. وقام أعضاء الاتحاد العام لطلاب كلية العلوم الصيدلانية والتصنيع الدوائي بعرض الأنشطة المختلفة التي يقوم بها الاتحاد واللجان المختلفة، فضلا عن  تكريم الأوائل من الطلاب بكل دفعة بلائحة pharm D ولائحة pharm D clinical بجائزة شهادة  الدكتورة سعاد كفافي للتفوق العلمي، وأخيرا تكريم اللجنة المنظمة لفعاليات الاحتفالية. يذكر أن الفعاليات ...

شهادة لا يجب أن تُؤجل

بقلم/ فاطمة صابر ردًا على منشور قديم نُشر عن د. أنس عطية، وما زال أثره حيًا، أحب أقول: نعم، الكلمات التي كُتبت آنذاك عن د. أنس، أنا لم أقرأها فقط، بل عشتها. في سنة واحدة فقط، في مقرر واحد، شعرت كأنني أمام شخصية أب… رغم قلقي وخوفي في البداية، إلا أن تعامله العميق وأسلوبه الطيب احتواني، فشعرت بالأمان… الأمان الذي لا يُمثَّل، بل يُعاش. ولكن في زحمة الكلمات، هناك اسم آخر لا بد أن يُذكر، لا بد أن يُنصف، لا بد أن يُقدّر. اسم حين يُقال، ينحني له القلب قبل القلم… د. حنان شكري. قد أبدو لكم فتاة صامتة، لا تُكثر الكلام، وهذا صحيح… لكنني لست صامتة داخليًا. عقلي يعمل أكثر مما يظهر، ومشاعري تنبض من عمق لا يعرفه إلا القليل، ومن هذا العمق أكتب اليوم. د. حنان شكري ليست مجرد وكيلة لكلية، ولا حتى مجرد دكتورة… هي نموذج نادر من البشر، إنسانة تؤدي عملها كأنها تؤدي عبادة، وكأن التعليم أمانة كُتبت في رقبتها، لا تفرّط فيها مهما كانت التكاليف. رأيت فيها مثالًا لإنسان لا يسعى للمنصب، بل يسعى للصدق. لا تؤدي واجبها، بل تعيشه. لا تنتظر التقدير، بل تزرعه في الآخرين. هي لا تعمل كإدارية، بل كقائدة حقيقية، وكأنها تظن أ...

رأس المال الاجتماعي للمرأة

بقلم/ دلال عبد الحفيظ تحاول العديد من منظمات المجتمع المدني تبني إستراتيجيات تنموية من شأنها القيام بدور بارز في التحول من أهداف تحسين الحياة النوعية للنساء والحرفيات إلى تعزيز الميزة التنافسية والصورة الذهنية لمنظمات الأعمال والمستثمرين ورجال الأعمال من جماعات المصالح ذات الشراكات المتبادلة مع الشركات والمؤسسات المعنية.  لذا، كان لزامًا اتجاه مؤسسات الأعمال نحو تدريب المنتجين على مضاعفة الصادرات، وزيادة عدد ونوع عملاء المنظمة، والانفتاح الواسع علي الأسواق العالمية المتطورة، وتعزيز شراكات العمل، ومن ثم تجسيد الارتباط بين قوة رأس المال الاجتماعي من جانب وبين تنمية شبكة الأعمال الدولية، وترويج العلامة التجارية لمنظمات المجتمع المدني، وتنمية رأس المال الإنساني لصغار المنتجين. ونستعرض في السطور الآتية بعض النماذج التطبيقية الناجحة لاتباع مثل هذه المبادرات الجامعة بين المزيجين النظري والعملي؛  فبالتطبيق علي مؤسسة CHOL-CHOL التشيلية، جاءت مبادرة توظيف النساء الحرفيات في إنتاج منسوجات عالية الجودة بالأنماط التقليدية والشعبية القديمة لمواطني مدينة"مابوتشو"، وارتكزت الإستراتيجية على ج...