التخطي إلى المحتوى الرئيسي

فوائد من كتاب "أيها الولد" لحجة الإسلام أبى حامد الغزالى



فضيلة الدكتور مجدى محمد عاشور

درس الاثنين: ٢/ شعبان/ ١٤٤٥ه

                      ١٢/ ٢/ ٢٠٢٤م

                    الدرس (٦٦)

            _______

يقول الإمام أبو حامد رضي الله عنه:

" وإن ابتليت بهذا العمل( أي الوعظ والتذكير ) فاحترز عن خصلتين :

الأولى : عن التكلف في الكلام بالعبارات و......، ومعنى التذكير: أن يذكر العبد نار الآخرة، وتقصير نفسه في خدمة الخالق و.....، وأن يهتم بحاله في القيامة ومواقفها وهل يعبر على الصراط سالما أم يقع في الهاوية؟

ويستمر ذكر هذه الأشياء في قلبه فيزعجه عن قراره......"

________

١_ كثيرٌ من الوعاظ في هذا الزمان يحتاج إلى مَن يعِظُه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " سيأتي على أمتي زمانٌ تكثر فيه القراءُ و تقل الفقهاء و يُقبَض العلم و يَكثرُ الهرج." أخرجه الحاكم.

٢_ قد تجد عالما ولكن هذا لا يكفي لأنه لا بد وأن يكون فاهمًا، لأنه إن لم يكن فاهما فلن تجد عنده الحكمة، وبالتالي يستخدم العلم في كل شيء ومع كل أحد يفهم أو لا يفهم، مع إن الفصاحة هي: (مطابقة الكلام لمقتضى الحال) فعلى حسب من أمامي أتكلم، فكيف أكلم إنسانا عن شيء لا يعرف عنه شيئا ؟!!.

٣_الفارق بين العالم وبين الشيخ المربي الفاهم العامل -العالم الربَّاني- :

أن الشيخ المربي يكون كلامه دقيقًا على قدر فهم الإنسان، لذا يأتي الشيخُ أحيانا فيتعامل مع بعض المريدين بالعبارة، ومع غيره بالإشارة واللمحة، وهذا لتلتفتَ في الجلسة مع الشيخ في كل أحواله وحركاته وسكناته، وهذا لأنك تأخذ من هذا الشيخ كلَّ شيء، لأنه لا يتحرك إلا بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما العالم فليس بهذه الدقة لأنك لا تأخذ منه كل هذا، فهو يتكلم بكلامٍ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكفيك منه ما يخرج من فيه من كلام. 

٤_ قال تعالى :

{وَجَعَلۡنَا بَعۡضَكُمۡ لِبَعۡضࣲ فِتۡنَةً أَتَصۡبِرُونَۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِیرࣰا }[سُورَةُ الفُرۡقَانِ: ٢٠]

فالمرأة فتنةٌ للرجل، والرجل فتنة للمرأة، والمريد فتنة للشيخ، والشيخ فتنة للمريد والغني فتنة للفقير، والفقير فتنة للغني، وهكذا، لماذا؟

لأن الإنسان لا يتحرك إلا إذا اهتز ورُجَّ، وهذا ما سيحدث في الآخرة من أهوال فالشمس سوف تُكوّر، والجبال سوف تُنسف، وهكذا، فتجد شخصًا يمشي في الحرام والباطل لا يتحرك -أي لا يتوب- إلا بالهِزَّة والرجَّة؛ فيُبتَلى في ولده أو نفسه أو ماله أو أي شيءٍ يحبه، لذا صار التخويفُ بالنار خوفًا ورُعبًا، والترغيب في الجنة حبًّا وطربًا، كما قال صلى الله عليه وسلم:"عَجِبَ اللهُ مِن قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ في السَّلاسِلِ." أخرجه البخاري.

٦_ إذا تكررت عباراتُ الشيخ أو إشاراته دون التفاتِ المريد فالمريد على خطرٍ عظيمٍ، ويبدأ الشيخ بإشاراته قبل عباراته سترًا منه عليه، وإن استمر المريد في غفلته يضطر الشيخُ للبوح بالعبارة .

٥_ الناصح الحاذق من استحضر نيرانَ الآخرة قبل الآخرة، فمن فعل ذلك صارت نارُه جنةً، قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن رب العزة: " وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين ولا أجمع له أمنين ، إذا أمِنني في الدنيا أخفته يوم القيامة ، وإذا خافني في الدنيا أمَّنته يوم القيامة." أخرجه ابن حبان في صحيحه .

٦_ الفقير في نار، والمريض في نار، والكل في نار إن لم نرجع إلى الواحد القهار، ولا يطمئنُّ إلا أربابُ القلوب، فنحن نشكو الآن من كثرة الغلاء والبلاء وعدم وجود الأشياء والشكوى عامة من الفقير والغني، وسبب ذلك  أن كلَّنا عاص، إما إنه واقع في المعصية حقيقة، أو لا يدعو لصاحب المعصية بنوره، فنحن في حاجة إلى توبة عامة، قال تعالى:

{ وَتُوبُوۤا۟ إِلَى ٱللَّهِ جَمِیعًا أَیُّهَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ }[سُورَةُ النُّورِ: ٣١]

٧_ نحن في هذا الوقت بحاجة إلى الزهد؛ أي قليلها ككثيرها، وحينها تهون الدنيا عليك فيستوي القليل والكثير عندك في مرضات الله فكله من الله، وعلينا أن نكثر من الصدقات في هذا العصر فقد قال الله تعالى:

{ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُغَیِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ یُغَیِّرُوا۟ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ }[سُورَةُ الرَّعۡدِ: ١١]

فلا يغير الإنسانَ مثلُ الصدقة، لذا صاحب الصلاة قد تشفع له الصلاة و قد لا تشفع، أما صاحب السخاء يشفع له سخاؤه لأن الله كريم يحب الكرم

، قال تعالى:{ وَأَنفِقُوا۟ مِن مَّا رَزَقۡنَـٰكُم مِّن قَبۡلِ أَن یَأۡتِیَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ فَیَقُولَ رَبِّ لَوۡلَاۤ أَخَّرۡتَنِیۤ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ قَرِیبࣲ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ }[سُورَةُ المُنَافِقُونَ: ١٠]، 

فلما طلب التأخر في الدنيا كان لأجل التصدق وليس شيئا آخر. 

٨_في أوقات الفتنة لابد أن تكون كلماتك منضبطة وصريحة ومفهومة للجميع، كمن فاجأه السيلُ كيف ستخبره بهذا الخبر؟! فلن تتكلف له العبارة ولن تخبره بالإشارة، ونحن نعيش في عصر فتن فقد قال صلى الله عليه وسلم: "ما من عامٍ إلا والذي بعده شرٌّ منه حتى تلقوا ربكم" أخرجه البخاري .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بالصور.. اليوم التعريفي لصيدلة "مصر للعلوم والتكنولوجيا"

  عقدت كلية الصيدلة والتصنيع الدوائي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا فعاليات (اليوم التعريفي للطلاب الجدد orientation day) تحت رعاية  خالد الطوخي رئيس مجلس الأمناء والدكتور نهاد المحبوب القائم بعمل رئيس الجامعة والدكتورة رحاب عبدالمنعم عميد كلية العلوم الصيدلية والتصنيع الدوائي. وشهدت الفعاليات حضور  الدكتورة مها عيسي وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث والدكتورة ولاء حمادة وكيلة الكلية لشئون التعليم والطلاب ومدير وحدة ضمان الجودة بالكلية؛ وحضور رؤساء الأقسام بالكلية وأعضاء من هيئة التدريس والهيئة المعاونة، والدكتور الحسيني الجندي رئيس قسم العقاقير ومقرر لجنة رعاية الطلاب، والدكتورة ندى لبيب؛ عميد المكتبات ومستشار رئيس مجلس الأمناء. وقام أعضاء الاتحاد العام لطلاب كلية العلوم الصيدلانية والتصنيع الدوائي بعرض الأنشطة المختلفة التي يقوم بها الاتحاد واللجان المختلفة، فضلا عن  تكريم الأوائل من الطلاب بكل دفعة بلائحة pharm D ولائحة pharm D clinical بجائزة شهادة  الدكتورة سعاد كفافي للتفوق العلمي، وأخيرا تكريم اللجنة المنظمة لفعاليات الاحتفالية. يذكر أن الفعاليات شهدت مشاركة كل من المهند

من تراث المجمعيين: الدكتور حسن علي إبراهيم

أصدر مجمع اللغة العربية ضمن سلسلة "من تراث المجمعيين" الكتاب الأول فيها، وهو بعنوان "الدكتور حسن علي إبراهيم". هذا العمل الذي قام على إعداده وتصنيفه وترتيبه فريق عمل دءوب برئاسة أ.د.حافظ شمس الدين عبدالوهاب، وأ.د.أحمد زكريا الشلق (عضوي المجمع)، والأساتذة كبيري محرري المجمع: خالد مصطفى، وجمال عبد الحي، وحسين خاطر، وإلهام رمضان علي. جدير بالذكر أن هذا العمل العلمي الرفيع القدر قد استغرق العمل فيه عدة سنوات، وأن أ.د.صلاح فضل (رئيس المجمع السابق) قد صدَّر لهذا السِّفْر الكبير قبيل وفاته. وقد جاء في تصدير سيادته: "منذ صدور المرسوم الملكي بإنشاء مجمع اللغة العربية بالقاهرة في الثالث عشر من ديسمبر عام 1932م، وعبر هذا التاريخ الممتد ظفر بعضوية هذا المجمع لفيف من العلماء والمفكرين والكتاب الرواد، واللغويين النابهين، وعدد من المستشرقين ممن لهم سهمة جلية في تحقيق التراث العربي ودراسته. وقد حرص هؤلاء العلماء منذ انتخابهم أعضاء بالمجمع على تقديم عصارة فكرهم، وخلاصة تجاربهم العلمية والحياتية، فجاءت بحوثهم المجمعيّة دالة على أصالتهم وجدتهم وعمق معارفهم وتنوع منابع ثقافتهم، ور

د. حنان شكري تكتب عن قضايا إثبات النسب

  د.حنان شكري أستاذ الأدب المساعد كلية اللغات والترجمة في الآونة الأخيرة طرقت مسامع المصريين كلمات جديدة، دخيلة على عاداتهم وتقاليدهم، من أمثلة ذلك: عبارة إثبات النسب، وبالتالي اكتظت أروقة محاكم الأحوال الشخصية بقضايا تُرفع لإثبات النسب، أو لعدمه، وفي حقيقة الأمر لابد أن هناك أسبابا عديدة لتلك الظاهرة، لعل أهمها غياب الدين وإهمال القيم والمبادئ التي تربينا عليها منذ الصغر، هذه المفردات الغريبة على المجتمع المصري تنذر بشر مستطير، إذا لم تتصد لها كل الجهات المسئولة، وأولها الأزهر الشريف، والمجالس التشريعية والنيابية، علاوة على دور الأسرة؛ فهي المسئول الأول عن هذا الكيان. إنه من الموجع حقا أن نجد تلك القضايا معلنة من ذويها على السوشيال ميديا، دون خجل أو حياء، وعلاوة على أنها قضايا تمس الشرف؛ فهي تؤذي نفوسا بريئة، تؤذي أطفالا صغارا ليس لهم ذنب أو جريرة، وإنني أتساءل: هل اغتيال شرف طفل وسمعته يساوي لحظات لذة محرمة عابرة؟!  والمؤسف أن مثل هذه القضايا يمتد لسنوات، فماذا جنى هؤلاء الصغار، ليكبروا فيجدوا أنفسهم على تلك الحالة بين أم تسعى لإثبات نسب وأب يتنكر لهذا النسب. وإنني كإنسانة ومواطنة مص