التخطي إلى المحتوى الرئيسي

د. سعيد إسماعيل علي يكتب: علقة متوحشة عن أول مقال لى


د. سعيد إسماعيل علي 

يعلم الله كم كانت فرحتى العارمة يوم 23 يوليو 1952، بقيام حركة الضباط لقلب نظام الحكم، حتى لقد كانت الموسيقى العسكرية التى تذاع بالراديو بين حين وآخر، تُمتعنى أكثر من أى موسيقى أخرى.

  وكان اللون " الكاكى" ، لون الملابس العسكرية، يمثل لى ما يمثله ثوب الزفاف الأبيض بالنسبة للفتيات المقبلن على الزواج.

  ولما عرفت بالمدرسة الثانوية النهارية بالفجالة التى كنت بها أن هناك تشكييلا عسكريا باسم  (الحرس الوطنى) ، بقيادة الضابط وحيد رمضان، فى بداياته، حيث قام به ضابط من الصف الثانى من ضباط يوليو(وحيد رمضان)، سارعت إلى الالتحاق به.

  عندما تسلمت الملابس العسكرية، وارتديتها بالمنزل للتجريب، وقفت أمام المرآة متباهيا، وكأنى القائد البريطانى الشهيير (مونتجمرى)!!

  وقاموا فى المدرسة بتدريبنا على بعض الحركات والتشكيلات العسكرية، وبالذات من ناحية الاصطفاف.

  كانوا يعدوننا لعرض خاص فى 23 يناير 1953 بمناسبة مرور 6 شهور على (الحركة)، كما كان الشائع فى التسمية.

   وجاء اليوم الموعود، وأخذونا إلى مييدان التحرير، وسرنا طوابير عسكرية أمام قادة الحركة، حيث كانوا يجلسون أمام المتحف المصرى، ويتوسطهم محمد نجيب، الوجه الذى كان أمامنا، بملامحه الطيبة، وتواضعه الشديد..

  بعد هذا اليوم، لم نرى لتشكيلنا نشاطا آخر، وكأن إعدادنا تم فقط لمجرد (الاستعراض).. وصدمنى هذا.

  وكنت قد أعددت " مجلة حائط" ، بها مواد متنوعة، وأبرزها أول مقال لى فى حياتى بعنوان (عرائس المولد)، شكوت فيه من توقف عملنا بالحرس الوطنى، وأشرت إلى أننا أصبحا مثل عرائس المولد، لا نظهر إلا فى الاحتفالات..

  وأثناء جلوسى بالفصل، فوجئنا بمن يقتحم الباب بقوة وعنفذ، ويسأل بصوت مرتفع: فين الولد اللى اسمه سعيد إسماعيل؟

  كان هو المدرس المشرف على الحرس الوطنى باللمدرسة.

  وما أن وقفت لأريه نفسى، حتى فوجئت به ينهال ضربا بالصفعات على وجهى، فضلا، عن بقية جسمى بركلات القدم، ثم شدنى من ملابسى، وأخذ يجرجرنى خارج الفصل..حتى وصل إلى مكان مجلة الحائط فى فناء المدرسة ، ثم نزع المجلة من الحائط، ومزقها، ورماها على الأرض ، واضعا إياها تحت قدميه، وطوال ذلك وهو يضربنى ويسبنى، وبتوعدنى..

  وكان هذا هو الدرس الذى لم أنساه منذ فبراير 1953؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بالصور.. اليوم التعريفي لصيدلة "مصر للعلوم والتكنولوجيا"

  عقدت كلية الصيدلة والتصنيع الدوائي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا فعاليات (اليوم التعريفي للطلاب الجدد orientation day) تحت رعاية  خالد الطوخي رئيس مجلس الأمناء والدكتور نهاد المحبوب القائم بعمل رئيس الجامعة والدكتورة رحاب عبدالمنعم عميد كلية العلوم الصيدلية والتصنيع الدوائي. وشهدت الفعاليات حضور  الدكتورة مها عيسي وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث والدكتورة ولاء حمادة وكيلة الكلية لشئون التعليم والطلاب ومدير وحدة ضمان الجودة بالكلية؛ وحضور رؤساء الأقسام بالكلية وأعضاء من هيئة التدريس والهيئة المعاونة، والدكتور الحسيني الجندي رئيس قسم العقاقير ومقرر لجنة رعاية الطلاب، والدكتورة ندى لبيب؛ عميد المكتبات ومستشار رئيس مجلس الأمناء. وقام أعضاء الاتحاد العام لطلاب كلية العلوم الصيدلانية والتصنيع الدوائي بعرض الأنشطة المختلفة التي يقوم بها الاتحاد واللجان المختلفة، فضلا عن  تكريم الأوائل من الطلاب بكل دفعة بلائحة pharm D ولائحة pharm D clinical بجائزة شهادة  الدكتورة سعاد كفافي للتفوق العلمي، وأخيرا تكريم اللجنة المنظمة لفعاليات الاحتفالية. يذكر أن الفعاليات ...

شهادة لا يجب أن تُؤجل

بقلم/ فاطمة صابر ردًا على منشور قديم نُشر عن د. أنس عطية، وما زال أثره حيًا، أحب أقول: نعم، الكلمات التي كُتبت آنذاك عن د. أنس، أنا لم أقرأها فقط، بل عشتها. في سنة واحدة فقط، في مقرر واحد، شعرت كأنني أمام شخصية أب… رغم قلقي وخوفي في البداية، إلا أن تعامله العميق وأسلوبه الطيب احتواني، فشعرت بالأمان… الأمان الذي لا يُمثَّل، بل يُعاش. ولكن في زحمة الكلمات، هناك اسم آخر لا بد أن يُذكر، لا بد أن يُنصف، لا بد أن يُقدّر. اسم حين يُقال، ينحني له القلب قبل القلم… د. حنان شكري. قد أبدو لكم فتاة صامتة، لا تُكثر الكلام، وهذا صحيح… لكنني لست صامتة داخليًا. عقلي يعمل أكثر مما يظهر، ومشاعري تنبض من عمق لا يعرفه إلا القليل، ومن هذا العمق أكتب اليوم. د. حنان شكري ليست مجرد وكيلة لكلية، ولا حتى مجرد دكتورة… هي نموذج نادر من البشر، إنسانة تؤدي عملها كأنها تؤدي عبادة، وكأن التعليم أمانة كُتبت في رقبتها، لا تفرّط فيها مهما كانت التكاليف. رأيت فيها مثالًا لإنسان لا يسعى للمنصب، بل يسعى للصدق. لا تؤدي واجبها، بل تعيشه. لا تنتظر التقدير، بل تزرعه في الآخرين. هي لا تعمل كإدارية، بل كقائدة حقيقية، وكأنها تظن أ...

رأس المال الاجتماعي للمرأة

بقلم/ دلال عبد الحفيظ تحاول العديد من منظمات المجتمع المدني تبني إستراتيجيات تنموية من شأنها القيام بدور بارز في التحول من أهداف تحسين الحياة النوعية للنساء والحرفيات إلى تعزيز الميزة التنافسية والصورة الذهنية لمنظمات الأعمال والمستثمرين ورجال الأعمال من جماعات المصالح ذات الشراكات المتبادلة مع الشركات والمؤسسات المعنية.  لذا، كان لزامًا اتجاه مؤسسات الأعمال نحو تدريب المنتجين على مضاعفة الصادرات، وزيادة عدد ونوع عملاء المنظمة، والانفتاح الواسع علي الأسواق العالمية المتطورة، وتعزيز شراكات العمل، ومن ثم تجسيد الارتباط بين قوة رأس المال الاجتماعي من جانب وبين تنمية شبكة الأعمال الدولية، وترويج العلامة التجارية لمنظمات المجتمع المدني، وتنمية رأس المال الإنساني لصغار المنتجين. ونستعرض في السطور الآتية بعض النماذج التطبيقية الناجحة لاتباع مثل هذه المبادرات الجامعة بين المزيجين النظري والعملي؛  فبالتطبيق علي مؤسسة CHOL-CHOL التشيلية، جاءت مبادرة توظيف النساء الحرفيات في إنتاج منسوجات عالية الجودة بالأنماط التقليدية والشعبية القديمة لمواطني مدينة"مابوتشو"، وارتكزت الإستراتيجية على ج...