بقلم/ مصطفى جبور
مما لا شكّ فيه أن رمضان من الشهور المُقدّسة عند كافة المسلمين، فهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن الكريم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار كما أخبر بذلك عليه الصلاة والسلام.
ويلاحظ أن أغلب فئات المجتمع تلتزم بفعل الخيرات والالتزام بالطاعات خلال هذا الشهر الكريم، حيث تشهد صلاة التراويح إقبالا كبيرا، فيتجه الناس بعد الإفطار إلى المساجد مفعمين بروح الإيمان رجالا ونساء شبابا وشيبا، كما يُساعدون الفقراء والمحتاجين، فتسود نسمات التسامح، وبوادر الخير وبشائر التعاون والأخوة والمحبة والتضامن.
لكن سرعان ما يحلّ يوم العيد، وتعود الأيام إلى مسراها والمياه إلى مجاريها، فتفرغ المساجد، ولا تجد بعد رمضان سوى ثلة من الشيوخ القلائل.
كما يتراجع التمسك بالقيم وأواصر التعاون، وتظهر العادات السيئة والرذائل المرفوضة!
في هذا الشهر الكريم ترتفع نفقات الأسر في إعداد ما لذ وطاب من المأكولات والأطباق الفاخرة، بما يعني الإسراف والتبذير، مقارنة بباقي أشهر السنة.
وتشير دراسات وبحوث، مثل الدراسة التي قامت بها المندوبية السامية للتخطيط حول سلوكيات الاستهلاك خلال شهر رمضان، حيث أظهرت ارتفاع نفقات الأسر المغربية خلال هذا الشهر الفضيل بنسبة 28% مقارنة بباقي أشهر السنة.
كما يظهر جليا ارتفاع نسبة الهدر الغذائي، حيث تُرمى كميات كبيرة من الطعام في القمامة.
علاوة على ذلك، فقد بيّنت دراسة أجرتها إحدى الجامعات المغربية أن استهلاك المغاربة للطاقة (الإنارة، الغاز، الماء) يرتفع بنسبة 10% خلال شهر رمضان بالمقارنة مع باقي أشهر السنة.
وعليه فإن شهر رمضان ليس سوى شهراً للتباهي بالمأكولات والعبادات وعرضها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، والاستغراق في مشاهدة المسلسلات والمحتويات التافهة.
ولا يدل هذا على أن شهر رمضان يعكس صور العبادة والتقرب من الله أكثر، بل يظهر أنه مجرد اندفاع اجتماعي نحو الاستهلاك المفرط للمواد الغذائية والإنتاجات الإعلامية على حد سواء، مما يستدعي ضرورة وعي الأفراد والمجتمع بالمطلوب منهم في شهر رمضان وإعادة النظر في تفعيل دور السلطة الرابعة (الإعلام) والمؤسسات الاجتماعية في توعية الناس عبر البرامج والحملات من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
تعليقات
إرسال تعليق