التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كرنفال العلاقات العامة بمصر للعلوم والتكنولوجيا


 

د. محمود فوزي

عندما توجه لك الدعوة للإشراف أو حضور مهرجان عرض وتحكيم مشروعات التخرج بكليات ومعاهد الإعلام، فأنت حقًا من المحظوظين، لأنك علي موعد مرتقب مع الإبهار الممزوج بتوليفة نادرة من جودة الإنتاج الإعلامي وبراعة الحملات التوعوية ذات المنهج العلمي المحكم الذي يرسم ملامحه أساتذة وخبراء مبدعون يجمعون بين أدبيات المبادئ النظرية وآليات التنفيذ الفعال للتطبيقات العملية.

وألقى الانفتاح الواسع في تأسيس كليات الإعلام بظلاله على  تحسين مخرجات العمل التي يشارك طلاب مشروعات التخرج بالفرقة الرابعة في دراستها وتخطيطها وتنفيذها ووضع آليات تقييمها؛ وفقا لأطر موضوعية واقعية، ترتكز علي مهارات النقد والتحليل والتفسير والاستنباط.

ولقد كنت محظوظًا هذا الفصل الدراسي بنيل شرف المشاركة الأكاديمية على عدد من مشروعات تخرج طلاب قسم العلاقات العامة والإعلان بكلية الإعلام جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا؛ لأرى أفكارًا إبداعية حول الحد من التلوث البيئي، كظاهرة اجتماعية وبيئية خطيرة، حولها الطلاب لمصدر ثروة متنامية عبر تطبيقهاتهم الرقمية وآلياتهم التكنولوجية متلاحقة الحداثة التطور، وهي الحملة الترويجية التي حملت اسم "TRASH GO".

وحول مبادرات المسئولية الاجتماعية؛ جاءت الأفكار التوعوية الرشيدة متدفقة حول التصدي لظاهرة الهجرة غير الشرعية، من خلال تكاتف أجهزة ومنظمات المجتمع المدني، فضلًا عن إعداد مشروع حول ترويج معالم السياحة الدينية، وذلك في محاولة لإعادة  إحياء التراث الثقافي الديني، هذه الحضارة العريقة التي طالما نستمد منها قيمنا وأعرافنا الأخلاقية والاجتماعية القويمة، ولم تنس المشروعات التوجه صوب الأسرة المصرية الأصيلة؛ كأولى أجهزة التنشئة الاجتماعية، ومن ثم كان لزامًا تسليط الضوء على أهمية الكشف المبكر للأمراض الوراثية قبل الزواج، عبر حملة توعوية متكاملة، حملت اسم "اختيار حياة".   

هذه المهارات هي عنوان التميز البراق الذي صار مبدأً عامًا مهيمنًا على إستراتيجية التدريس الأكاديمي بكليات ومعاهد الإعلام التي قطعت أشواطًا ضخمة نحو التأهيل المهني الكامل للطالب في مختلف التخصصات، وذلك شريطة امتلاك الكلية رأس مال إداري تتكامل رؤيته الثاقبة مع رأس المال المادي من تجهيزات وموارد وبني تحتية، يتصدى لإدراتها وتطويعها موارد بشرية فعالة، تمتلك الكفاءة الممزوجة بقيم التعاون، والإنجاز، والعمل الجماعي.

لم أكن منصفًا إن تناولت ظاهرة مشروعات التخرج بمعزل عن  ثقافة التميز المؤسسي والعقلية القيادية التي تؤمن بأهمية الابتكار وجودة العمل المتسق مع احتياجات وأهداف المجتمع، ويأتي ذلك عن طريق رفع معايير تقييم الأداء وتحسين القيمة النوعية، لبناء الثقة بين الطلاب ومشرفي المشروعات الملتزمين بمسئوليات عملهم والوفاء بوعودهم، وحرصهم المتلاحق علي تنمية قدراتهم وخبراتهم، وتحسين مهاراتهم العملية، فضلًا عن تغليب الأهداف المشتركة للمشروع علي الاهتمامات الشخصية، والسعي الدائم نحو تجاوز مشكلات العمل التي قد تنشأ بين الطلاب، واتخاذ القرارات المشتركة؛ حتى وإن اختلفت الآراء.

عند هذا الحد قد لا يكون الأمر ملفتًا إلي حد كبير، لأن الجاذب للانتباه حقا هو ذلك الإنتاج الإعلامي الباهر العارض لقضايا إنسانية وظواهر اجتماعية؛ من واقع معايشة حياتية؛ قام بها الطلاب بصحبة مشرفيهم؛ كي يقدموا لنا أفلامًا روائية ووثائقية تجمع بين عمق التحليل وسلاسة المعني المراد توصيله؛ حينئذ يبدو الإسقاط مفهومًا، والرمزية خيالًا مصورًا.

من أين أتي الطلاب في هذا العمر المبكر بهذا المزيج الإبداعي النادر القادر علي محاكاة الواقع بل وطرح حلول واقعية لقضايا عصرية في سياقات درامية مثيرة؟ 

من أين أتي الطلاب بهذا القدر من الفهم والإدراك الدقيق لمنهجيات البحث العلمي كي يستنبطوا توصيات مبتكرة لحملاتهم التوعوية المتسقة مع مبادئ التخطيط الإستراتيجي مع هيئات المجتمع؟ 

من أين أتي طلاب قسم العلاقات العامة والإعلان بأفكارهم الخلاقًة في صحفهم ومنصاتهم الرقمية الداعية لبناء فكري إعلامي، يلتزم بأخلاقيات المهنة، ويطور قوالبها الإعلامية، بل ويسخرها في رصد وتحليل ومعالجة مشكلات النظام الاجتماعي؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شهادة لا يجب أن تُؤجل

بقلم/ فاطمة صابر ردًا على منشور قديم نُشر عن د. أنس عطية، وما زال أثره حيًا، [انظر الرابط: https://alalamalyoumnews.blogspot.com/2024/02/blog-post_67.html ] أحب أقول: نعم، الكلمات التي كُتبت آنذاك عن د. أنس، أنا لم أقرأها فقط، بل عشتها. في سنة واحدة فقط، في مقرر واحد، شعرت كأنني أمام شخصية أب… رغم قلقي وخوفي في البداية، إلا أن تعامله العميق وأسلوبه الطيب احتواني، فشعرت بالأمان… الأمان الذي لا يُمثَّل، بل يُعاش. ولكن في زحمة الكلمات، هناك اسم آخر لا بد أن يُذكر، لا بد أن يُنصف، لا بد أن يُقدّر. اسم حين يُقال، ينحني له القلب قبل القلم… د. حنان شكري. قد أبدو لكم فتاة صامتة، لا تُكثر الكلام، وهذا صحيح… لكنني لست صامتة داخليًا. عقلي يعمل أكثر مما يظهر، ومشاعري تنبض من عمق لا يعرفه إلا القليل، ومن هذا العمق أكتب اليوم. د. حنان شكري ليست مجرد وكيلة لكلية، ولا حتى مجرد دكتورة… هي نموذج نادر من البشر، إنسانة تؤدي عملها كأنها تؤدي عبادة، وكأن التعليم أمانة كُتبت في رقبتها، لا تفرّط فيها مهما كانت التكاليف. رأيت فيها مثالًا لإنسان لا يسعى للمنصب، بل يسعى للصدق. لا تؤدي واجبها، بل تعيشه. لا تنتظر...

رأس المال الاجتماعي للمرأة

بقلم/ دلال عبد الحفيظ تحاول العديد من منظمات المجتمع المدني تبني إستراتيجيات تنموية من شأنها القيام بدور بارز في التحول من أهداف تحسين الحياة النوعية للنساء والحرفيات إلى تعزيز الميزة التنافسية والصورة الذهنية لمنظمات الأعمال والمستثمرين ورجال الأعمال من جماعات المصالح ذات الشراكات المتبادلة مع الشركات والمؤسسات المعنية.  لذا، كان لزامًا اتجاه مؤسسات الأعمال نحو تدريب المنتجين على مضاعفة الصادرات، وزيادة عدد ونوع عملاء المنظمة، والانفتاح الواسع علي الأسواق العالمية المتطورة، وتعزيز شراكات العمل، ومن ثم تجسيد الارتباط بين قوة رأس المال الاجتماعي من جانب وبين تنمية شبكة الأعمال الدولية، وترويج العلامة التجارية لمنظمات المجتمع المدني، وتنمية رأس المال الإنساني لصغار المنتجين. ونستعرض في السطور الآتية بعض النماذج التطبيقية الناجحة لاتباع مثل هذه المبادرات الجامعة بين المزيجين النظري والعملي؛  فبالتطبيق علي مؤسسة CHOL-CHOL التشيلية، جاءت مبادرة توظيف النساء الحرفيات في إنتاج منسوجات عالية الجودة بالأنماط التقليدية والشعبية القديمة لمواطني مدينة"مابوتشو"، وارتكزت الإستراتيجية على ج...

رسالة دكتوراة توصي بالتوطين المحلي لصناعة السيارات

حصل الباحث محمد جمال عبد الناصر؛ المدرس المساعد بقسم إدارة الأعمال، بكلية التجارة جامعة عين شمس على درجة دكتور الفلسفة في إدارة الأعمال؛ مع التوصية بتداول الرسالة مع الجامعات الأخرى، وذلك عن رسالته بعنوان "توسيط المسئولية الاجتماعية والتسويق الأخضر في العلاقة بين أخلاقيات الشركات المدركة والولاء للعلامة (دراسة ميدانية)" وتشكلت لجنة الحكم والمناقشة من الدكتور عبد القادر محمد، أستاذ التسويق بكلية التجارة جامعة المنصورة وعميد كلية التجارة جامعة المنصورة الجديدة" رئيسًا "، والدكتورة جيهان عبد المنعم، أستاذ التسويق بكلية التجارة ، ومستشار نائب رئيس جامعة عين شمس لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة" مشرفًا"، والدكتورة عزة عبد القادر، أستاذ التسويق بكلية التجارة جامعة عين شمس" عضوًا"، والدكتورة حنان حسين، مدرس إدارة الأعمال بكلية التجارة بجامعة عين شمس" مشرفًا مشاركًا". وأجرى الباحث دراسته بالتطبيق على المشتركين في مبادرة تحويل وإحلال المركبات للعمل بالطاقة النظيفة، موصيًا  بأهمية العمل على زيادة المكون المحلي في السيارات داخل مبادرة الإحلال؛ بما...