التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الشيخ محمد إبراهيم عبد الباعث وبراعة التدقيق في الآيات القرآنية والألفاظ النبوية


 إذا كان المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم هو مدينة العلم وعلي عليه السلام هو بابها، فإن آل البيت المطهرين لهم في كل زمان ومكان علامة تدل على وجود مدد موصول بهذا العلم النبوي الشريف، ومن آيات ذلك في حياتنا المعاصرة، هذه الفتوحات التي فتح الله بها على فضيلة الشيخ محمد إبراهيم عبد الباعث رحمه الله (ت 2024م) ننقل منها ما استطعنا من أحاديثه المسجلة بالصوت والصورة على قناته الرسمية المسماه باسمه الكريم:

*في قوله تعالى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ۖ لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكَ ۗ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ﴾، المعنى؛ اصطبر على الصلاة بالمحافظة عليها نرزقك وأهلك.

*ويعد قوله صلى الله عليه وسلم "لا عدوى ولا طيرة"، بمعنى: لا تعدوا الآخرين، ولا تعرضوهم للعدوى والمرض، وهذا من باب : {فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} أي: لا ترفثوا ولا تفسقوا. ومن باب : لا يوردن ممرض على مصح.. ونوقن أن الرسول شفاء كل داء، فكيف تصيبه العدوى؟

*دائما الإنسان لا يألف إلا إلفه.

*في هذه الأحداث والخطوب التي تمر بأمتنا، إن انزعجنا، فللحدث، وإن سكتنا، فلركوننا إلي تقديره وتدبيره جل شأنه.

*في قوله تعالى: {وروحا منه}،أي ليس من ذاته، وإنما من عنده، لأن جميع خلق الله من عند الله، لقوله: {جميعا منه}.

*في قوله صلى الله عليه وسلم: "الحسن والحسين سبطان من الأسباط"، ليس المعنى: ابني البنت، وإنما كأسباط بني إسرائيل، أي كأنبياء بني إسرائيل.

*في قوله تعالى: {كل نفس ذائقة الموت}، النفس: أرى أنها الدورة الدموية التي هي واسطة اتصال الروح بالجسم، وفيها جزء من خصائص الروح، وجزء من خصائص الجسم، فيظهر الدم كمادة والنبض كروح. لذلك قال ربنا: {كل نفس ذائقة الموت}، ولم يقل "كل روح"، لأن الروح باقية لا تفنى. أما النفس فتموت بتوقف الدورة الدموية.

ومن هنا نفهم ما ورد في صحيح البخاري ومسلم: (إنَّ الشَّيطانَ يَجري مِن ابنِ آدمَ مَجرى الدَّمِ)، أي يتمكن من نفسه ويتسلط عليها.

أما الروح في قوله تعالى: {ونفخت فيه من روحي}، أي أمري، فهي وليدة الأمر من غير ألفاظ كن فيكون، والروح ليس لها ماهية تحس أو تجس، وتنسلخ من الجسد ومن النفس عند الموت، فلا بد من التفرقة بين الثلاثة.

*النبي صلى الله عليه وسلم مفضل بالذات ومفضل بالصفات، والحق سبحانه وتعالى أحبه لذاته، فكيف لا نحبه لذاته؟ وقد ولد نبيا؛ فالنبوة سابقة والرسالة لاحقة، ولذلك جاء الخطاب القرآني: {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا}. وعليه، فالنور الذي أنزل معه في قوله تعالى: {واتبعوا النور الذي أنزل معه} هو نور النبوة، أما النور الذي أنزل عليه فهو القرآن الكريم {طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى}.

*من أسلوب اللف والنشر: {ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله؟ ألا إن نصر الله قريب}، فالمتسائل هنا بقوله متى نصر الله؟ هم "والذين آمنوا معه" أما الإجابة عليهم فهي كلام الرسول المطمئن لوعد الله: "ألا إن نصر الله قريب" حيث استخدم بلاغة اللف والنشر.  

* ومن ذلك أيضًا، قوله تعالى: {لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}فتعزروه وتوقروه الضمير عائد على الرسول، أما التسبيح فلله عز وجل بكرة وأصيلا.

*سيدنا الإمام علي كرَّم الله وجهه ورضي عنه أنزله الرسول صلى الله عليه وسلم منزلة نفسه فقال: (علي مني وأنا من علي ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي) فأنزله منزلة نفسه، ولذلك فتفسير قوله تعالى: {ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه}أي عن عليّ عليه السلام فلا يُصدروا أنفسهم عليه.

وفي قوله تعالى:{فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}فأبناءنا: الحسن والحسين، ونساءنا: فاطمة الزهراء، وأنفسنا: منصوبة على المفعولية وفعلها ندعو أي عليًّا عليه السلام، فالدعوة ليست للذات.

وفي قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}فالذي مات هو سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والذي قتل هو سيدنا علي الذي أنزله رسول الله منزلة نفسه، والذي بقتله عليه السلام حدث الانقلاب على الأعقاب وانقضاء عصر الخلفاء الراشدين.

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بالصور.. اليوم التعريفي لصيدلة "مصر للعلوم والتكنولوجيا"

  عقدت كلية الصيدلة والتصنيع الدوائي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا فعاليات (اليوم التعريفي للطلاب الجدد orientation day) تحت رعاية  خالد الطوخي رئيس مجلس الأمناء والدكتور نهاد المحبوب القائم بعمل رئيس الجامعة والدكتورة رحاب عبدالمنعم عميد كلية العلوم الصيدلية والتصنيع الدوائي. وشهدت الفعاليات حضور  الدكتورة مها عيسي وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث والدكتورة ولاء حمادة وكيلة الكلية لشئون التعليم والطلاب ومدير وحدة ضمان الجودة بالكلية؛ وحضور رؤساء الأقسام بالكلية وأعضاء من هيئة التدريس والهيئة المعاونة، والدكتور الحسيني الجندي رئيس قسم العقاقير ومقرر لجنة رعاية الطلاب، والدكتورة ندى لبيب؛ عميد المكتبات ومستشار رئيس مجلس الأمناء. وقام أعضاء الاتحاد العام لطلاب كلية العلوم الصيدلانية والتصنيع الدوائي بعرض الأنشطة المختلفة التي يقوم بها الاتحاد واللجان المختلفة، فضلا عن  تكريم الأوائل من الطلاب بكل دفعة بلائحة pharm D ولائحة pharm D clinical بجائزة شهادة  الدكتورة سعاد كفافي للتفوق العلمي، وأخيرا تكريم اللجنة المنظمة لفعاليات الاحتفالية. يذكر أن الفعاليات ...

رأس المال الاجتماعي للمرأة

بقلم/ دلال عبد الحفيظ تحاول العديد من منظمات المجتمع المدني تبني إستراتيجيات تنموية من شأنها القيام بدور بارز في التحول من أهداف تحسين الحياة النوعية للنساء والحرفيات إلى تعزيز الميزة التنافسية والصورة الذهنية لمنظمات الأعمال والمستثمرين ورجال الأعمال من جماعات المصالح ذات الشراكات المتبادلة مع الشركات والمؤسسات المعنية.  لذا، كان لزامًا اتجاه مؤسسات الأعمال نحو تدريب المنتجين على مضاعفة الصادرات، وزيادة عدد ونوع عملاء المنظمة، والانفتاح الواسع علي الأسواق العالمية المتطورة، وتعزيز شراكات العمل، ومن ثم تجسيد الارتباط بين قوة رأس المال الاجتماعي من جانب وبين تنمية شبكة الأعمال الدولية، وترويج العلامة التجارية لمنظمات المجتمع المدني، وتنمية رأس المال الإنساني لصغار المنتجين. ونستعرض في السطور الآتية بعض النماذج التطبيقية الناجحة لاتباع مثل هذه المبادرات الجامعة بين المزيجين النظري والعملي؛  فبالتطبيق علي مؤسسة CHOL-CHOL التشيلية، جاءت مبادرة توظيف النساء الحرفيات في إنتاج منسوجات عالية الجودة بالأنماط التقليدية والشعبية القديمة لمواطني مدينة"مابوتشو"، وارتكزت الإستراتيجية على ج...

من تراث المجمعيين: الدكتور حسن علي إبراهيم

أصدر مجمع اللغة العربية ضمن سلسلة "من تراث المجمعيين" الكتاب الأول فيها، وهو بعنوان "الدكتور حسن علي إبراهيم". هذا العمل الذي قام على إعداده وتصنيفه وترتيبه فريق عمل دءوب برئاسة أ.د.حافظ شمس الدين عبدالوهاب، وأ.د.أحمد زكريا الشلق (عضوي المجمع)، والأساتذة كبيري محرري المجمع: خالد مصطفى، وجمال عبد الحي، وحسين خاطر، وإلهام رمضان علي. جدير بالذكر أن هذا العمل العلمي الرفيع القدر قد استغرق العمل فيه عدة سنوات، وأن أ.د.صلاح فضل (رئيس المجمع السابق) قد صدَّر لهذا السِّفْر الكبير قبيل وفاته. وقد جاء في تصدير سيادته: "منذ صدور المرسوم الملكي بإنشاء مجمع اللغة العربية بالقاهرة في الثالث عشر من ديسمبر عام 1932م، وعبر هذا التاريخ الممتد ظفر بعضوية هذا المجمع لفيف من العلماء والمفكرين والكتاب الرواد، واللغويين النابهين، وعدد من المستشرقين ممن لهم سهمة جلية في تحقيق التراث العربي ودراسته. وقد حرص هؤلاء العلماء منذ انتخابهم أعضاء بالمجمع على تقديم عصارة فكرهم، وخلاصة تجاربهم العلمية والحياتية، فجاءت بحوثهم المجمعيّة دالة على أصالتهم وجدتهم وعمق معارفهم وتنوع منابع ثقافتهم، ور...