بقلم/ عبد الرحمن هاشم
اهتم
القرآن الكريم بـ«القلب» اهتمامًا كبيرًا، من حيث كونه الوعي الكامل الذي به نعرف
الحق من الباطل، والعدل من الظلم، والصدق من الكذب، والنور من الظلام.
وشاع على
ألسنة الناس الطيبين قولهم: «قلبي مقبوض من هذه الخطوة فلا تقدم عليها»، أو «قلبي
دليلي»، أو «قلبي غير مستريح لهؤلاء الناس».
وعندما
اختار الله خاتم الأنبياء والمرسلين اختار «قلبه صلى الله عليه وسلم» ليكون متنزل
الأنوار.. ﴿وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِين. َنَزَلَ بِهِ الرُّوحُ
الْأَمِينُ. عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ﴾ الشعراء: 192 –
194.
والقلوب هي
التي تتلقى دعوة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ولقد رفض الله تعالى رفضًا تامًا
جماعة جاءوا بغير قلوبهم.. ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل
لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي
قُلُوبِكُمْ﴾ الحجرات: 14.
وإذا تشبع
القلب بالإيمان أحبه وأحب الطاعة والصلاح وكره أن يعود إلى الكفر والفسوق والعصيان..
﴿وَلَٰكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ
فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ﴾
الحجرات: 7.
والذي يكره
الإيمان ودواعي الإيمان فليتفقد قلبه فقد أصابته العلل والأمراض.
وحينما
أصبحت قلوب الأمة على قلب رجل مؤمن صادق واحد التحم المسلمون فكان مجتمعهم المجتمع
الآمن من الأحقاد والغل والحسد والضغائن.
والسلاح
الأول الذي ركّزّ الله عليه هو سلاح القلب وما ينبغي أن يكون عليه من حب وصفاء
ومودة وتآلف.. ﴿وَإِن يُرِيدُوا أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ
وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ
مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ
أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ الأنفال: 62 – 63.
وقد عدّد
الله الأسلحة التي اشتركت في الحرب مع المؤمنين وهي (النعاس – المطر – الملائكة)
لكنه –سبحانه- احتفظ بسلاح أخطر اختص به وحده هو سلاح «تحويل القلوب»، فلما دخل
المسلمون في حمية القتال دخل الله بسلاح لا يفله سلاح ألا وهو سلاح «تحويل
القلوب».. ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا
الَّذِينَ آمَنُوا ۚ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ
فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾ الأنفال:12.
وفي صلح الحديبية رأى الله قلوب الأمة في وحدة القلب الواحد فأنزل عليهم
رضوانه وليس بعد الرضوان إلا الرضوان وكل شيء تحته وهو الغاية المرجوّة من
الحياة.. ﴿لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ
مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا
قَرِيبًا﴾ الفتح: 18.
تعليقات
إرسال تعليق