التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حرب الاستنزاف مفتاح نصر أكتوبر المجيد


 

بقلم/ لواء أ.د. محمد رضا عوض

حرب الاستنزاف أو حرب الألف يوم كما أطلق عليها بعض الإسرائيليين استمرت لنحو ثلاث سنوات وفى ثلاث مراحل أولاها مرحلة الصمود، كان الهدف منها هو سرعة إعادة البناء، ووضع الهيكل الدفاعى عن الضفة الغربية لقناة السويس، والثانية مرحلة الدفاع النشط أو المواجهة، والثالثة ومع تصاعد القتال إلى مرحلة جديدة أطلقت عليها مرحلة التحدى والردع، وذلك من خلال عبور بعض القوات والإغارة على القوات الإسرائيلية.


بدأت أحداث حرب الاستنزاف فى أول يوليو وبعد انتهاء حرب يونيو 1967 بعدة أيام بمعركة رأس العش، وتعتبر هذه المعركة هى الشرارة الأولى لهذه الحرب، عندما حاولت المدرعات الإسرائيلية احتلال مدينة بور فؤاد، فصدتها عن المدينة قوة من الصاعقة المصرية، وخلال يومى 14 و15 يوليو 1967، نفذت القوات الجوية المصرية طلعات هجومية جريئة ضد القوات الإسرائيلية فى سيناء، أحدثت فيها خسائر فادحة، وكذلك معارك المدفعية فى قطاع شرق الإسماعيلية يوم 20 سبتمبر1967.


ثم الحدث الكبير وهو إغراق المدمرة البحرية الإسرائيلية إيلات فى يوم 21 أكتوبر 1967. وكانت خسارة فادحة للقوات البحرية الإسرائيلية، كما كانت خسائرها كبيرة فى الأرواح ، وتوالت الانتصارات المصرية فى المرحلة الثانية بنشاط من القوات البحرية التى اكتشفت هدفًا مائيًا شمال الإسكندرية، فاشتبكت معه الدوريات البحرية وأغرقته، ثم اتضح أنها غواصة إسرائيلية اسمها داكار، وبها 69 بحارًا كانوا فى طريقهم من بريطانيا إلى إسرائيل1969 وفى المرحلة الثالثة قامت مصر بثلاث عمليات تحت إشراف الضفادع البشرية البحرية المصرية بداية من ميناء إيلات وتدمير بعض القطع البحرية، ثم تدمير الحفار فى أبيدجان بساحل العاج، الذى كان متوجهًا بواسطة الإسرائيليين إلى خليج السويس ليقوم بإنتاج بترول مصرى لصالح إسرائيل. ولقد قام أبطال «المجموعة 39 قتال» التى كان يقودها العميد إبراهيم الرفاعى الذى استشهد فيما بعد فى حرب أكتوبر بأعمال بطولية سجلها لهم التاريخ  ،فقد أوكلت إليهم مهام خطيرة وتم تنفيذها بنجاح خلال حرب الاستنزاف، وكانت تلك المجموعة تضم خيرة مقاتلى الصاعقة والضفادع البشرية والصاعقة البحرية والتى أذاقت جيش الاحتلال الإسرائيلى الويل والأهوال، وكان الرد الإسرائيلى على هذه الانتصارات هو ضرب أهداف مدنية فى العمق المصرى معتمدا على التفوق الجوي، وقد اختارت إسرائيل هدفها فى نجع حمادي، وفى محطة محولات كهرباء السد العالى بالتحديد، حتى يكون التأثير محسوساً لدى الشعب كله مما أحدث بعض الخسائر الاقتصادية والحيوية، وضربت مصنع أبو زعبل ومخازن دهشور ومدرسة بحر البقر فى إبريل 1970.


أدى تفوق الطيران الإسرائيلى إلى تفكير مصر فى إنشاء سلاح للدفاع الجوى كقوة مستقلة، وتبعه إنشاء حائط الصواريخ الشهير حتى حدث تغيير هائل بعد يوم الثلاثين من يونيو 1970، ليحسم الصراع الدائر بين بناة مواقع الصواريخ المصرية وبين ذراع إسرائيل الطويلة، حيث احتلت بعض كتائب الصواريخ مواقعها من خلال تنظيم صندوقى لعناصر الدفاع الجوي، ابتكرته العقول المصرية فى قيادة الدفاع الجوى المصري. وبدأ عقب ذلك تساقط الطائرات الإسرائيلية فيما عرف بأسبوع تساقط الفانتوم، ليصاب الطيران الإسرائيلى بأول نكسة فى تاريخه أثرت على أسس نظرية الأمن الإسرائيلى بالكامل.


وتعد حرب الاستنزاف أطول الحروب بين العرب وإسرائيل، وهى أول صراع مسلح تضطر إسرائيل فيه إلى الاحتفاظ بنسبة تعبئة عالية ولمدة طويلة وهو ما ترك آثاره السلبية على معنويات الشعب الإسرائيلى واقتصاد الدولة. وقد نشرت المجلة العسكرية لجيش الدفاع الإسرائيلى أن القوات الإسرائيلية فقدت خلال حرب الاستنزاف أربعين طيارا و827 فردا فى القوات البرية و3141 ما بين جريح وأسير.. وفى المجال الاقتصادى زاد حجم الإنفاق العسكرى بما مقداره 300 فى المائة تحملها أفراد الشعب الإسرائيلى حيث بلغ نصيب الفرد 417 دولارا فى عام بينما كان 168 دولارا فى عام 1970 - 1966.


أما عن الجانب المصرى فلم يكن يهتم إلا بالتدريب الجاد الشاق للوصول إلى أعلى درجات الكفاءة القتالية، وكذلك وقوف شعب مصر العظيم بكل إمكاناته المادية والمعنوية لدعم قواته المسلحة انتظارا للحظة الحسم، وهو ما جعل الخبراء يؤكدون أنه لولا حرب الاستنزاف لاستمرت الحال على ما هى عليه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بالصور.. اليوم التعريفي لصيدلة "مصر للعلوم والتكنولوجيا"

  عقدت كلية الصيدلة والتصنيع الدوائي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا فعاليات (اليوم التعريفي للطلاب الجدد orientation day) تحت رعاية  خالد الطوخي رئيس مجلس الأمناء والدكتور نهاد المحبوب القائم بعمل رئيس الجامعة والدكتورة رحاب عبدالمنعم عميد كلية العلوم الصيدلية والتصنيع الدوائي. وشهدت الفعاليات حضور  الدكتورة مها عيسي وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث والدكتورة ولاء حمادة وكيلة الكلية لشئون التعليم والطلاب ومدير وحدة ضمان الجودة بالكلية؛ وحضور رؤساء الأقسام بالكلية وأعضاء من هيئة التدريس والهيئة المعاونة، والدكتور الحسيني الجندي رئيس قسم العقاقير ومقرر لجنة رعاية الطلاب، والدكتورة ندى لبيب؛ عميد المكتبات ومستشار رئيس مجلس الأمناء. وقام أعضاء الاتحاد العام لطلاب كلية العلوم الصيدلانية والتصنيع الدوائي بعرض الأنشطة المختلفة التي يقوم بها الاتحاد واللجان المختلفة، فضلا عن  تكريم الأوائل من الطلاب بكل دفعة بلائحة pharm D ولائحة pharm D clinical بجائزة شهادة  الدكتورة سعاد كفافي للتفوق العلمي، وأخيرا تكريم اللجنة المنظمة لفعاليات الاحتفالية. يذكر أن الفعاليات شهدت مشاركة كل من المهند

من تراث المجمعيين: الدكتور حسن علي إبراهيم

أصدر مجمع اللغة العربية ضمن سلسلة "من تراث المجمعيين" الكتاب الأول فيها، وهو بعنوان "الدكتور حسن علي إبراهيم". هذا العمل الذي قام على إعداده وتصنيفه وترتيبه فريق عمل دءوب برئاسة أ.د.حافظ شمس الدين عبدالوهاب، وأ.د.أحمد زكريا الشلق (عضوي المجمع)، والأساتذة كبيري محرري المجمع: خالد مصطفى، وجمال عبد الحي، وحسين خاطر، وإلهام رمضان علي. جدير بالذكر أن هذا العمل العلمي الرفيع القدر قد استغرق العمل فيه عدة سنوات، وأن أ.د.صلاح فضل (رئيس المجمع السابق) قد صدَّر لهذا السِّفْر الكبير قبيل وفاته. وقد جاء في تصدير سيادته: "منذ صدور المرسوم الملكي بإنشاء مجمع اللغة العربية بالقاهرة في الثالث عشر من ديسمبر عام 1932م، وعبر هذا التاريخ الممتد ظفر بعضوية هذا المجمع لفيف من العلماء والمفكرين والكتاب الرواد، واللغويين النابهين، وعدد من المستشرقين ممن لهم سهمة جلية في تحقيق التراث العربي ودراسته. وقد حرص هؤلاء العلماء منذ انتخابهم أعضاء بالمجمع على تقديم عصارة فكرهم، وخلاصة تجاربهم العلمية والحياتية، فجاءت بحوثهم المجمعيّة دالة على أصالتهم وجدتهم وعمق معارفهم وتنوع منابع ثقافتهم، ور

د. حنان شكري تكتب عن قضايا إثبات النسب

  د.حنان شكري أستاذ الأدب المساعد كلية اللغات والترجمة في الآونة الأخيرة طرقت مسامع المصريين كلمات جديدة، دخيلة على عاداتهم وتقاليدهم، من أمثلة ذلك: عبارة إثبات النسب، وبالتالي اكتظت أروقة محاكم الأحوال الشخصية بقضايا تُرفع لإثبات النسب، أو لعدمه، وفي حقيقة الأمر لابد أن هناك أسبابا عديدة لتلك الظاهرة، لعل أهمها غياب الدين وإهمال القيم والمبادئ التي تربينا عليها منذ الصغر، هذه المفردات الغريبة على المجتمع المصري تنذر بشر مستطير، إذا لم تتصد لها كل الجهات المسئولة، وأولها الأزهر الشريف، والمجالس التشريعية والنيابية، علاوة على دور الأسرة؛ فهي المسئول الأول عن هذا الكيان. إنه من الموجع حقا أن نجد تلك القضايا معلنة من ذويها على السوشيال ميديا، دون خجل أو حياء، وعلاوة على أنها قضايا تمس الشرف؛ فهي تؤذي نفوسا بريئة، تؤذي أطفالا صغارا ليس لهم ذنب أو جريرة، وإنني أتساءل: هل اغتيال شرف طفل وسمعته يساوي لحظات لذة محرمة عابرة؟!  والمؤسف أن مثل هذه القضايا يمتد لسنوات، فماذا جنى هؤلاء الصغار، ليكبروا فيجدوا أنفسهم على تلك الحالة بين أم تسعى لإثبات نسب وأب يتنكر لهذا النسب. وإنني كإنسانة ومواطنة مص