بقلم/ لواء أ.د. محمد رضا عوض
لعبت القوات البحرية المصرية دورًا محوريًا فى تحقيق نصر أكتوبر، اعتبارا من هزيمة الخامس من يونيو 1967 وفى بداية مرحلة حرب الاستنزاف، قامت القوات البحرية بعدة بطولات شهد لها العالم، كان أولها إغراق المدمرة إيلات الذي يعتبر حدثًا فارقًا فى تاريخ القوات المسلحة المصرية وتاريخ الصراع العربى - الإسرائيلى وتاريخ البحرية العالمية.
فقد أمرت قيادة الجيش الإسرائيلى بأن تخترق المدمرة إيلات المياه الإقليمية المصرية وتدخل المنطقة البحرية لبورسعيد، فقررت القيادة السياسية المصرية بعد هذه الأعمال الاستفزازية إعطاء الأوامر للقوات البحرية بضرب المدمرة وإغراقها.
وفى يوم 21 أكتوبر1967م صدر أمر بالاشتباك مع المدمرة وتشكّلت مجموعتان للقيام بالمهمة، تتكون من لنشين للصواريخ، وعند دخول المدمرة إيلات المياه الإقليمية، هجم اللنش الأول بإطلاق صاروخ أصاب جانب المدمرة إصابة مباشرة فأخذت تميل على جانبها، فلاحقها بالصاروخ الثانى فتم إغراق المدمرة على مسافة تبعد 11 ميلا بحريا شمال شرق بورسعيد يوم 21 أكتوبر 1967 وعليها طاقمها الذي يتكون من نحو مائة فرد. وقد غرقت المدمرة داخل المياه الإقليمية المصرية بنحو ميل بحرى، وعاد اللنشان إلى القاعدة لترتفع معنويات كل رجال القوات المسلحة.
لقد كان إغراق المدمرة الإسرائيلية إيلات بواسطة صواريخ بحرية سطح/سطح، هى الأولى من نوعها فى تاريخ الحروب البحرية، وبداية مرحلة جديدة من مراحل تطوير الأسلحة البحرية واستراتيجيات القتال البحرى فى العالم.
ولقد كنت شاهدًا على هذا الحدث، حيث كنت ضمن طاقم مستشفى بورسعيد العسكرى.. وأصبح غرق المدمرة إيلات فى 21 أكتوبر1967م عيدًا للقوات البحرية المصرية، وتم تسجيل هذه المعركة ضمن أشهر المعارك البحرية فى التاريخ.
والمعركة الثانية للبحرية المصرية فى حرب الاستنزاف هى الغارات التي قامت بها على ميناء إيلات الإسرائيلى وهى ثلاث عمليات عسكرية بحرية تم تنفيذها بواسطة ضفادع بشرية من البحرية المصرية بالتعاون مع المخابرات العامة المصرية، لتدمير السفينة بيت شيفع التي تحمل 7 مدرعات برمائية وناقلة الجنود بات يام والرصيف الحربى لميناء ايلات.
وهاتان السفينتان تم شراؤهما من الولايات المتحده فى أوائل عام 1968 وقامتا بعمليات إغارة على السواحل الشرقية لمصر وأسفرت هذه العمليات على خسائر بالجانب المصري وأسر أفراد والاستيلاء على معدات عسكرية، فقررت القيادة العامة للقوات المسلحة القيام بعملية بهدف التخلص من الناقلتين بأى وسيلة، واستقر الأمر بالموافقة على اقتراح قائد القوات البحرية بتنفيذ أول عملية للضفادع البشرية المصرية فى العمق الإسرائيلى، وبعد إجراء عمليات الاستطلاع. تمت العملية الأولى فى(16 نوفمبر 1969م)،وتمت العملية الثانية (5-6 فبراير 1970م)، وتمت العملية الثالثة (14-15 مايو 1970م) بنجاح، وأسفرت هذه العمليات الثلاث عن إغراق سفينتين إسرائيليتين هما (هيدروما ودهاليا) وكانتا تشاركان فى المجهود الحربى الإسرائيلى وحاملة الجنود بات يام واصابة السفينة بيت شيفع، وتدمير الرصيف الحربى لميناء إيلات وخسائر بشرية كبيرة.
وكذلك دعم أعمال قتال الجيوش الميدانية فى سيناء سواء بالنيران أو بحماية جانب القوات البرية المتقدمة بمحاذاة الساحل، كما قامت بتنفيذ المعاونة بالإبرار البحرى لعناصر القوات الخاصة على الساحل الشمالى لسيناء، وسيطرت على مضيق باب المندب وباشرت حق الزيارة والتفتيش واعتراض السفن التجارية ومنعها من الوصول إلى ميناء إيلات الإسرائيلى.
وهكذا أدت هذه الانتصارات للقوات البحرية المصرية إلى تحقيق آثار عسكرية واقتصادية ومعنوية على إسرائيل وقواتها المسلحة، وكانت مفتاحا رئيسيا من مفاتيح نصر أكتوبر المجيد.
تعليقات
إرسال تعليق