التخطي إلى المحتوى الرئيسي

نحو رؤى اقتصادية وتنموية رائدة

 


اللواء محمد بيومي

إلى متى تظل التوجهات الاقتصادية لرجال الأعمال والمستثمرين قاصرة على الإدخارات البنكية تارة ومشروعات المقاولات طويلة المدى تارة أخرى، وهي المشروعات ذات الهيمنة الكبيرة على عقول الغالبية العظمى ممن ترفض اتجاهاتهم الفكرية التوجه نحو بناء استثماري رائد؛ تتضافر فيه مبادرات الشباب وريادة الأعمال على الصعيدين الإنتاجي والخدمي؛ كمشروعات الإنتاج اليدوي، والصناعات اللوجيستية، وصناعة المؤتمرات والمعارض الداعمة للحملات التسويقية والتوعوية  لرجال الأعمال.

وعلي الصعيد السياسي لا يمكن تجاهل تأثير الأزمات المالية العالمية؛ وما يتبعها من تغيير في بيئة التجارة الدولية علي تنفيذ عمليات المسئولية الاجتماعية للشركات ودوافع الموظفين للقيام بها، وعدم الاستقلالية التامة للمنظمات ببعض الدول وتبعيتها للحكومة، وهو ما يفرض عليها اتساق وارتباط برامج مسئولياتها الاجتماعية مع الاستراتيجية الحكومية، ومن ثم تغليب بعض المبادرات، ومنحها أولوية خاصة علي حساب الأنشطة الموجهة نحو الموظفين والعملاء. 

كما لم تسلم جماعات المصالح من هذه التحديات؛ حيث صاروا يعانون من التجاهل وعدم تضمينهم بأبعاد تقييم المسئولية الاجتماعية للشركات مثل الموردين والعملاء، إلي جانب نقص الوعي الأخلاقي لبعضهم، وتركيزهم علي الربح المادي بدلًا من الفائدة المجتمعية، وغياب اللوائح والمعايير الاجتماعية والافتقار إلي التدقيق الاجتماعي Lack of social audit والذي يتيح لأصحاب المصالح الإعفاء من تقارير المسئولية الاجتماعية للشركات.

ولا يمكن تجاهل ارتفاع تكلفة أنشطة المسئولية الاجتماعية للشركات، وعدم توافر برامج دعائية وإعلامية بأهمية الدور الاجتماعي للشركات، فضلًا عن عدم اهتمام إدارة الشركات بدراسة احتياجات المجتمع المحيط، والاعتقاد باقتصار دور الشركات علي الجانب الاقتصادي فقط دون الاجتماعي، وذلك على نحو مواز من صعوبة إجراءات حصول الجمعيات علي دعم الشركات لخدماتها.

لعل ما سبق كان محاولة لإلقاء الضوء على رؤية نقدية ذات أبعاد سوسيولوجية واقتصادية نحو المساهمة في دعم أجندة التنمية الحكومية من خلال مذكرات التفاهم وعلاقات العمل المشتركة، وإضفاء شرعية اجتماعية لجماعات المصالح وتقديم تيسيرات ضريبية وحوافز مالية لهم.

تلك الرؤية المؤمنة بضرورة  إدراج جماعات المصالح في عملية صنع القرار؛ كتكنيك حيوي لتبرير الأموال والموارد المادية التي يتم الحصول عليها، وتوجيه المزيد من الدعم نحو رأس المال البشري بالمنظمات التابعة لجماعات المصالح وتطويرهم اجتماعيًا واقتصاديًا، فضلًا عن توفير فرص مناسبة لانخراط جماعات المصالح في هيئات المجتمع المحلي؛ لضمان الاتساق وعدم ازدواجية وتضارب مصالحهم بين المجتمع والمنظمات الداعمين لها، وضمان امتثال جماعات المصالح للمعايير والممارسات الأخلاقية المتسقة مع قيم المجتمع؛ كي تستمد الشركات والمؤسسات نفوذها السياسي من علاقاتها بجماعات المصالح من الشركات متعدية الجنسيات.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شهادة لا يجب أن تُؤجل

بقلم/ فاطمة صابر ردًا على منشور قديم نُشر عن د. أنس عطية، وما زال أثره حيًا، [انظر الرابط: https://alalamalyoumnews.blogspot.com/2024/02/blog-post_67.html ] أحب أقول: نعم، الكلمات التي كُتبت آنذاك عن د. أنس، أنا لم أقرأها فقط، بل عشتها. في سنة واحدة فقط، في مقرر واحد، شعرت كأنني أمام شخصية أب… رغم قلقي وخوفي في البداية، إلا أن تعامله العميق وأسلوبه الطيب احتواني، فشعرت بالأمان… الأمان الذي لا يُمثَّل، بل يُعاش. ولكن في زحمة الكلمات، هناك اسم آخر لا بد أن يُذكر، لا بد أن يُنصف، لا بد أن يُقدّر. اسم حين يُقال، ينحني له القلب قبل القلم… د. حنان شكري. قد أبدو لكم فتاة صامتة، لا تُكثر الكلام، وهذا صحيح… لكنني لست صامتة داخليًا. عقلي يعمل أكثر مما يظهر، ومشاعري تنبض من عمق لا يعرفه إلا القليل، ومن هذا العمق أكتب اليوم. د. حنان شكري ليست مجرد وكيلة لكلية، ولا حتى مجرد دكتورة… هي نموذج نادر من البشر، إنسانة تؤدي عملها كأنها تؤدي عبادة، وكأن التعليم أمانة كُتبت في رقبتها، لا تفرّط فيها مهما كانت التكاليف. رأيت فيها مثالًا لإنسان لا يسعى للمنصب، بل يسعى للصدق. لا تؤدي واجبها، بل تعيشه. لا تنتظر...

رأس المال الاجتماعي للمرأة

بقلم/ دلال عبد الحفيظ تحاول العديد من منظمات المجتمع المدني تبني إستراتيجيات تنموية من شأنها القيام بدور بارز في التحول من أهداف تحسين الحياة النوعية للنساء والحرفيات إلى تعزيز الميزة التنافسية والصورة الذهنية لمنظمات الأعمال والمستثمرين ورجال الأعمال من جماعات المصالح ذات الشراكات المتبادلة مع الشركات والمؤسسات المعنية.  لذا، كان لزامًا اتجاه مؤسسات الأعمال نحو تدريب المنتجين على مضاعفة الصادرات، وزيادة عدد ونوع عملاء المنظمة، والانفتاح الواسع علي الأسواق العالمية المتطورة، وتعزيز شراكات العمل، ومن ثم تجسيد الارتباط بين قوة رأس المال الاجتماعي من جانب وبين تنمية شبكة الأعمال الدولية، وترويج العلامة التجارية لمنظمات المجتمع المدني، وتنمية رأس المال الإنساني لصغار المنتجين. ونستعرض في السطور الآتية بعض النماذج التطبيقية الناجحة لاتباع مثل هذه المبادرات الجامعة بين المزيجين النظري والعملي؛  فبالتطبيق علي مؤسسة CHOL-CHOL التشيلية، جاءت مبادرة توظيف النساء الحرفيات في إنتاج منسوجات عالية الجودة بالأنماط التقليدية والشعبية القديمة لمواطني مدينة"مابوتشو"، وارتكزت الإستراتيجية على ج...

رسالة دكتوراة توصي بالتوطين المحلي لصناعة السيارات

حصل الباحث محمد جمال عبد الناصر؛ المدرس المساعد بقسم إدارة الأعمال، بكلية التجارة جامعة عين شمس على درجة دكتور الفلسفة في إدارة الأعمال؛ مع التوصية بتداول الرسالة مع الجامعات الأخرى، وذلك عن رسالته بعنوان "توسيط المسئولية الاجتماعية والتسويق الأخضر في العلاقة بين أخلاقيات الشركات المدركة والولاء للعلامة (دراسة ميدانية)" وتشكلت لجنة الحكم والمناقشة من الدكتور عبد القادر محمد، أستاذ التسويق بكلية التجارة جامعة المنصورة وعميد كلية التجارة جامعة المنصورة الجديدة" رئيسًا "، والدكتورة جيهان عبد المنعم، أستاذ التسويق بكلية التجارة ، ومستشار نائب رئيس جامعة عين شمس لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة" مشرفًا"، والدكتورة عزة عبد القادر، أستاذ التسويق بكلية التجارة جامعة عين شمس" عضوًا"، والدكتورة حنان حسين، مدرس إدارة الأعمال بكلية التجارة بجامعة عين شمس" مشرفًا مشاركًا". وأجرى الباحث دراسته بالتطبيق على المشتركين في مبادرة تحويل وإحلال المركبات للعمل بالطاقة النظيفة، موصيًا  بأهمية العمل على زيادة المكون المحلي في السيارات داخل مبادرة الإحلال؛ بما...