التخطي إلى المحتوى الرئيسي

د. عزة شبل محمد تكتب أحدث قصصها القصيرة: شجرة الكرز

 


بقلم أ.د. عزة شبل محمد

أستاذة اللغويات بكلية اللغات الأجنبية في جامعة أوساكا باليابان

تجرى أوراقي في الهواء، تحاول الاختباء بين الزوايا والشقوق، تنجح الأرض في ابتلاع بعض منها، بينما يفر الآخرون إلى مصيرهم مجهول.

تحكي إحداهن أنها احترقت وهي ما زالت على قيد الحياة في ليلة من ليالي الصقيع، في مدفأة أحد المنازل العتيقة. لم يكن في المنزل أحد تستغيث به سوى رجل وحيد يجلس على أريكة بالية. سافر ابنه، وأغلقت زوجته المصابيح بعد رحيلها. أصبحتْ رمادًا، ولحسن حظها كانت النافذة مفتوحة، فنقلتها الرياح لتواري الأرض سوءتها، لعلها تعود من جديد للمكان الذي وُلِدتْ فيه.

وأخرى تقص أنَّها لم تشعر إلا وأن اقتلعتها قبضة طفل صغير، كان يسير في إحدى الليالي المظلمة في طريقه لقبر أبيه.  في البداية ظننتُ أنه يريدني رفيقةً معه، أؤنس رحلته، وحتمًا سأعود. لكنه بمجرد أن وصل أجهش بالبكاء، ونسيني هناك، تركني في ذلك الظلام الموحِش، وانصرف مذهولاً.

أما الصغرى، فتروي قصتها العجيبة، فقد أصبحت سجينة في كتاب لا أحد يستطيع أن يقترب منه، بعد أن أهداها عاشق متيم لمحبوبته التي انتقلت مع زوجها لمكان بعيد. صارت حبيسة بعد أن كان عبيرها يملأ الأفق، يتسابق العشاق لرؤيتها، تبادلهم الضحكات، واللعب، ويهمس في أذنها الصغار بشقاوتهم.

الآن أصبحتُ عجوزًا شمطاء، أقف وحيدة بعد أن تكسَّرت جميع أغصاني. ذهبوا جميعًا لاهثين  وراء الخريف إلى مصير مجهول، وتركوني وحيدة. لكن ما زال صوت الطائر الحزين القادم من بعيد يهتف في أذني، بأن السماء قد انتهت من تجفيف دموعي التي أرسلتها إليها، وأن الربيع قادم في طريقه؛  ليضع على رأسي إكليلاً من الزهور.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شهادة لا يجب أن تُؤجل

بقلم/ فاطمة صابر ردًا على منشور قديم نُشر عن د. أنس عطية، وما زال أثره حيًا، [انظر الرابط: https://alalamalyoumnews.blogspot.com/2024/02/blog-post_67.html ] أحب أقول: نعم، الكلمات التي كُتبت آنذاك عن د. أنس، أنا لم أقرأها فقط، بل عشتها. في سنة واحدة فقط، في مقرر واحد، شعرت كأنني أمام شخصية أب… رغم قلقي وخوفي في البداية، إلا أن تعامله العميق وأسلوبه الطيب احتواني، فشعرت بالأمان… الأمان الذي لا يُمثَّل، بل يُعاش. ولكن في زحمة الكلمات، هناك اسم آخر لا بد أن يُذكر، لا بد أن يُنصف، لا بد أن يُقدّر. اسم حين يُقال، ينحني له القلب قبل القلم… د. حنان شكري. قد أبدو لكم فتاة صامتة، لا تُكثر الكلام، وهذا صحيح… لكنني لست صامتة داخليًا. عقلي يعمل أكثر مما يظهر، ومشاعري تنبض من عمق لا يعرفه إلا القليل، ومن هذا العمق أكتب اليوم. د. حنان شكري ليست مجرد وكيلة لكلية، ولا حتى مجرد دكتورة… هي نموذج نادر من البشر، إنسانة تؤدي عملها كأنها تؤدي عبادة، وكأن التعليم أمانة كُتبت في رقبتها، لا تفرّط فيها مهما كانت التكاليف. رأيت فيها مثالًا لإنسان لا يسعى للمنصب، بل يسعى للصدق. لا تؤدي واجبها، بل تعيشه. لا تنتظر...

رأس المال الاجتماعي للمرأة

بقلم/ دلال عبد الحفيظ تحاول العديد من منظمات المجتمع المدني تبني إستراتيجيات تنموية من شأنها القيام بدور بارز في التحول من أهداف تحسين الحياة النوعية للنساء والحرفيات إلى تعزيز الميزة التنافسية والصورة الذهنية لمنظمات الأعمال والمستثمرين ورجال الأعمال من جماعات المصالح ذات الشراكات المتبادلة مع الشركات والمؤسسات المعنية.  لذا، كان لزامًا اتجاه مؤسسات الأعمال نحو تدريب المنتجين على مضاعفة الصادرات، وزيادة عدد ونوع عملاء المنظمة، والانفتاح الواسع علي الأسواق العالمية المتطورة، وتعزيز شراكات العمل، ومن ثم تجسيد الارتباط بين قوة رأس المال الاجتماعي من جانب وبين تنمية شبكة الأعمال الدولية، وترويج العلامة التجارية لمنظمات المجتمع المدني، وتنمية رأس المال الإنساني لصغار المنتجين. ونستعرض في السطور الآتية بعض النماذج التطبيقية الناجحة لاتباع مثل هذه المبادرات الجامعة بين المزيجين النظري والعملي؛  فبالتطبيق علي مؤسسة CHOL-CHOL التشيلية، جاءت مبادرة توظيف النساء الحرفيات في إنتاج منسوجات عالية الجودة بالأنماط التقليدية والشعبية القديمة لمواطني مدينة"مابوتشو"، وارتكزت الإستراتيجية على ج...

رسالة دكتوراة توصي بالتوطين المحلي لصناعة السيارات

حصل الباحث محمد جمال عبد الناصر؛ المدرس المساعد بقسم إدارة الأعمال، بكلية التجارة جامعة عين شمس على درجة دكتور الفلسفة في إدارة الأعمال؛ مع التوصية بتداول الرسالة مع الجامعات الأخرى، وذلك عن رسالته بعنوان "توسيط المسئولية الاجتماعية والتسويق الأخضر في العلاقة بين أخلاقيات الشركات المدركة والولاء للعلامة (دراسة ميدانية)" وتشكلت لجنة الحكم والمناقشة من الدكتور عبد القادر محمد، أستاذ التسويق بكلية التجارة جامعة المنصورة وعميد كلية التجارة جامعة المنصورة الجديدة" رئيسًا "، والدكتورة جيهان عبد المنعم، أستاذ التسويق بكلية التجارة ، ومستشار نائب رئيس جامعة عين شمس لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة" مشرفًا"، والدكتورة عزة عبد القادر، أستاذ التسويق بكلية التجارة جامعة عين شمس" عضوًا"، والدكتورة حنان حسين، مدرس إدارة الأعمال بكلية التجارة بجامعة عين شمس" مشرفًا مشاركًا". وأجرى الباحث دراسته بالتطبيق على المشتركين في مبادرة تحويل وإحلال المركبات للعمل بالطاقة النظيفة، موصيًا  بأهمية العمل على زيادة المكون المحلي في السيارات داخل مبادرة الإحلال؛ بما...