بقلم/ د. سعيد عبد المنعم
أصبح الذكاء الاصطناعي من أكثر الموضوعات التي تستقطب أكثر تغطية في جميع المجالات الأكاديمية نظرًا لأسباب تكنولوجية متسارعة من جهة وأسباب اقتصادية بحتة مفتعلة من طرف الشركات من جهة أخرى، والتي تم تعزيزها بظهور البيانات الضخمة في السنوات الأخيرة.
ويرى "ماثيو فينيش" المستشار في بحوث الذكاء الاصطناعي وتدعيمه في (Future Advocacy) أن هناك خلاف كبير بين الاقتصاديين بشأن عدد الوظائف التي من المحتمل أن تُفقد بسبب الأتمتة التي يغذيها الذكاء الاصطناعي، أو بشأن ما إذا كان سيحل محل العمل المؤتمت عمل بديل.
ويشير تاريخ الثورة الصناعية إلى أن عدد فرص العمل التي سيتم توفيرها سيزيد عن عدد الوظائف المفقودة. فالتاريخ لا يعيد نفسه دائمًا. ولكن: إذا أصبحت الآلات أفضل من الإنسان في أداء المهام الفكرية، ماذا سيُترك للإنسان من مهام؟ وأن الشيء الوحيد الذي يتفق عليه الاقتصاديون هو أن التغيير قادم لا محالة وأن حجمه ونطاقه سيكونان غير مسبوقين. وقد أشار أيضًا باحثون آخرون من منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ومؤسسة (PwC)، والذين تنبؤوا بآثار متباينة للأتمتة على الجنسين وعلى مختلف الفئات الاجتماعية–الاقتصادية. وينبثق عن هذه الآثار المتباينة خطر تفاقم أوجه عدم المساواة الاجتماعية–الاقتصادية.
وينتشر في الأوساط العلمية والرأي العام أن التخوفات من تطورات الذكاء الاصطناعي تضم شكلين، أولهما يتعلق بتهديد وظائف البشرية، في البرامج الذكية التي يتم تصميمها أصبحت تنجز وظيفة الإنسان على أكمل وجه؛ بل وتتقنها بكم جهد منخفض من المخاطر والمضاعفات وبأقل تكاليف وهذا ما يجعل إقبال أهل المال والأعمال عليها. أما ثانيهما فهو انتقال التحكم في الأمور إلى الآلة يفقد الإنسان السيطرة. والأمر المرعب حقًا هو التفكير في مصير الإنسان وسط عالم تنجز الآلة فيه وظائف كثيرة وحساسة بشكل كبير. بالإضافة إلى ما يشهده العالم اليوم من اجتياح تكنولوجي وتعددية في الوظائف التي تتطلب تفاعلاً مع الآلة مما يجعل مستقبل الإنسانية غامضًا، والتنبؤ به صعبًا للغاية أيضًا.
ولا يمكن القول بأن هذه الادعاءات خاطئة فحسب؛ وإنما هي غير عقلانية أيضًا. ويجب الاعتراف بأن جزءا من مسؤولية ظهور مثل هذه الادعاءات يقع على عاتق بعض العاملين في مجال الذكاء الاصطناعي نفسه. ومع ذلك؛ فإنها تبدو غير منطقية؛ فلا يوجد شيء في الذكاء الاصطناعي حاليًا أو مستقبلاً يشير إلى حدوث هذه الادعاءات الخطيرة.
وللحديث بقية..
تعليقات
إرسال تعليق