التخطي إلى المحتوى الرئيسي

اللواء الدكتور محمد رضا عوض يكتب عن النكبة الكبرى

 


لواء أ.د. محمد رضا عوض

اندلع الصراع العربى الاسرائيلى يوم 15 مايو 1948، عندما أعلن بن جوريون قيام دولة إسرائيل التى قامت بعد اغتصابها واحتلالها أرض دولة فلسطين، كان هذا صدمة لمن يعرف تاريخ هذه البلاد. فمنذ مئات السنين كانت فلسطين دولة قائمة بذاتها وتنعم بالأمن والأمان فى ظل دولة الخلافة الإسلامية فى عهد الخلفاء الراشدين منذ عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عام ٦٣٦م والخلافة الأموية والعباسية والدولة الفاطمية والدولة الأيوبية حيث قامت على أرضها معركة تحرير القدس من أيدى الصليبيين (موقعه حطين) عام 1186 م بقياده الناصر صلاح الدين الأيوبي، ثم دولة المماليك والتى قامت بدحر الخطر المغولى الذى كاد يطيح بالدولة الإسلامية كلها بعد سقوط بغداد والدولة العباسية ولكن هزمهم جيش مصر بقياده الظافر قطز فى موقعة (عين جالوت) عام 1260 م على أرض فلسطين، إلى الدولة العثمانية لمدة 400 عام من عام 1517 إلى أن سقطت فى ايدى القوات البريطانية عام 1917. أصبحت فلسطين مطمعا للحركة الصهيونية وهى حركة سياسية أسسها الصحفى النمساوى اليهودى تيودور هيرتزل للتخلص من الاضطهاد المستمر لليهود فى أوروبا، على هذا الأساس كان هرتزل يدرس فكرة السيادة اليهودية، فنشر فى عام 1896 كتابه: الدولة اليهودية، وذكر فيه أن أوروبا لا يمكن أبدا أن تقبل اليهود كمواطنين متساوين مع بقية المواطنين، واستنتج أن الحل الوحيد يتمثل بهجرة ضخمة لليهود إلى أرض يمكن لهم أن يعتبروها ملكا لهم، وحدد فلسطين مكانا لقيام هذه الدولة بدعوى أن لليهود تاريخا قديما فى أرض فلسطين.

فتم انعقاد المؤتمر الصهيونى الأول فى أغسطس عام 1897م فى بازل بسويسرا والذى تم فيه وضع خطة تنفيذ إقامة الدولة، بمساعدة الدولة العظمى فى ذلك الوقت وهى بريطانيا. بعد هذا المؤتمر ذهب وفد من الصهاينة الى السلطان عبد الحميد سلطان الدولة العثمانية وعرضوا عليه المال مقابل إنشاء مستوطنات لهم فى فلسطين، ولما رفض السلطان عبدالحميد الثانى إعطاء أى تسهيلات لهم فى فلسطين تم اقتراح أن تكون الدولة اليهودية فى أوغندا أو الأرجنتين فى المؤتمر الذى عقد بلندن عام 1900م وذلك يبين أكذوبة ما يرددونه عن فلسطين بأنها (أرض الميعاد). بعد وفاة هرتزل عام 1904م تولى قيادة الحركة الصهيونية عالم الطبيعة اليهودى البريطانى حاييم وايزمان والذى وتقرب الى بلفور وزير الخارجية البريطانى الذى أعطى اليهود وعد بلفور بعد سقوط فلسطين فى يد الانجليز عام 1917م.

وتم وضع فلسطين تحت الحماية البريطانية عام 1620م والتى شجعت هجرة اليهود من أوروبا إلى فلسطين. ويذكرنا التاريخ بأن أكبر مشجع ومساعد للهجرة اليهودية هو البريطانى تشرشل وزير المستعمرات فى ذلك الوقت، حيث كان عدد اليهود بفلسطين حوالى خمسين الف فقط بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى ولكن بعد وضع فلسطين تحت الانتداب الانجليزى أصبح عدد اليهود عام 1947 ستمائة وخمسين ألفا.

أدرك الشعب الفلسطينى هذا الخطر الصهيونى وقاوم بلا هوادة. وبعد الحرب العالمية الثانية تلقى الصهاينة الدعم من أغلب الدول الأوروبية وأمريكا وروسيا, وكان قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 والذى أُصدر بتاريخ 29 نوفمبر 1947م ويتبنّى خطة تقسيم فلسطين القاضية بإنهاء الانتداب البريطانى على فلسطين وتقسيم أراضيها إلى ثلاثة كيانات جديدة، كالتالى دولة عربية: تبلغ مساحتها ما يمثل 42.3% من فلسطين التاريخية ودولة يهودية: تبلغ مساحتها ما يمثل 57.7% من فلسطين، ثم القدس وبيت لحم والأراضى المجاورة، تحت وصاية دولية اى أن هناك اعترافا دوليا بدولة فلسطين منذ عام 1947م. ثم جاء اليوم المشئوم عندما أعلن بن جوريون قيام دولة إسرائيل فى يوم 15 مايو عام 1948.

وفى نفس اليوم دخلت الجيوش العربية إلى أرض فلسطين وبدون خطة متكاملة بينها وإلى أرض مجهولة بالنسبة لهم وتحت قيادة القائد العام للجيوش العربية الانجليزى جلوب باشا الذى واجه اتهامات تاريخية فى أثناء نكبة 1948 حيث اتهم بسوء إدارة القوات العربية ومساعدة اليهود فى قيام دولتهم، وهو ما يفسره إصراره على الموافقة على الهدنة الأولى التى تسببت فى تقوية جبهة اليهود وإضعاف الجبهتين الأردنية والمصرية مما أدى لخسارة العرب للحرب وقيام دولة إسرائيل والتى بدأت فى تنفيذ المجازر لتهجير الفلسطينيين من ديارهم. ومنذ ذلك الوقت بدأ الصراع العربى الاسرائيلي، والذى لن ينتهى إلا بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية بإذن الله وبإصرار الشعب الفلسطينى المناضل. وهكذا تحققت وجهة نظر الدكتور عبدالوهاب المسيرى فى موسوعته، حيث قال إن المسألة اليهودية صناعة غربية مائة بالمائة، نشأت فى أحضان دول أوروبا الغربية وشكلت أزمة فى وجدان الغرب، فأراد أن يتخلص منها ويتجمل فى الوقت ذاته فكان الحل فى الصهيونية حلا مثاليا يرضى الطرفين معا اليهودى والغربي، ويتلخص فى التخلص من اليهود فى أوروبا عن طريق نقلهم الى فلسطين المحتلة، ليؤسسوا الدولة الصهيونية، التى تقوم على خدمة الاستعمار الغربي، ويقوم هو بالمقابل برعايتها ودعمها.

والآن نشهد المذابح والابادة الجماعية التى يقوم بها الجيش الصهيونى وهدفها تهجير سكان غزة من أرضهم وارض آبائهم منذ آلاف السنين لجلب مزيد من المستعمرين الصهاينة إلى هذه الأرض المباركة وبدعم من الكيان الامريكى ورفض من أغلب دول العالم ورفض تام من الدول العربية بقياده مصر العروبة وسيبقى الصراع العربى الاسرائيلى إلى أن يتحقق قيام دوله فلسطين التاريخية وعاصمتها القدس الشرقية بإذن الله.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بالصور.. اليوم التعريفي لصيدلة "مصر للعلوم والتكنولوجيا"

  عقدت كلية الصيدلة والتصنيع الدوائي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا فعاليات (اليوم التعريفي للطلاب الجدد orientation day) تحت رعاية  خالد الطوخي رئيس مجلس الأمناء والدكتور نهاد المحبوب القائم بعمل رئيس الجامعة والدكتورة رحاب عبدالمنعم عميد كلية العلوم الصيدلية والتصنيع الدوائي. وشهدت الفعاليات حضور  الدكتورة مها عيسي وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث والدكتورة ولاء حمادة وكيلة الكلية لشئون التعليم والطلاب ومدير وحدة ضمان الجودة بالكلية؛ وحضور رؤساء الأقسام بالكلية وأعضاء من هيئة التدريس والهيئة المعاونة، والدكتور الحسيني الجندي رئيس قسم العقاقير ومقرر لجنة رعاية الطلاب، والدكتورة ندى لبيب؛ عميد المكتبات ومستشار رئيس مجلس الأمناء. وقام أعضاء الاتحاد العام لطلاب كلية العلوم الصيدلانية والتصنيع الدوائي بعرض الأنشطة المختلفة التي يقوم بها الاتحاد واللجان المختلفة، فضلا عن  تكريم الأوائل من الطلاب بكل دفعة بلائحة pharm D ولائحة pharm D clinical بجائزة شهادة  الدكتورة سعاد كفافي للتفوق العلمي، وأخيرا تكريم اللجنة المنظمة لفعاليات الاحتفالية. يذكر أن الفعاليات ...

شهادة لا يجب أن تُؤجل

بقلم/ فاطمة صابر ردًا على منشور قديم نُشر عن د. أنس عطية، وما زال أثره حيًا، أحب أقول: نعم، الكلمات التي كُتبت آنذاك عن د. أنس، أنا لم أقرأها فقط، بل عشتها. في سنة واحدة فقط، في مقرر واحد، شعرت كأنني أمام شخصية أب… رغم قلقي وخوفي في البداية، إلا أن تعامله العميق وأسلوبه الطيب احتواني، فشعرت بالأمان… الأمان الذي لا يُمثَّل، بل يُعاش. ولكن في زحمة الكلمات، هناك اسم آخر لا بد أن يُذكر، لا بد أن يُنصف، لا بد أن يُقدّر. اسم حين يُقال، ينحني له القلب قبل القلم… د. حنان شكري. قد أبدو لكم فتاة صامتة، لا تُكثر الكلام، وهذا صحيح… لكنني لست صامتة داخليًا. عقلي يعمل أكثر مما يظهر، ومشاعري تنبض من عمق لا يعرفه إلا القليل، ومن هذا العمق أكتب اليوم. د. حنان شكري ليست مجرد وكيلة لكلية، ولا حتى مجرد دكتورة… هي نموذج نادر من البشر، إنسانة تؤدي عملها كأنها تؤدي عبادة، وكأن التعليم أمانة كُتبت في رقبتها، لا تفرّط فيها مهما كانت التكاليف. رأيت فيها مثالًا لإنسان لا يسعى للمنصب، بل يسعى للصدق. لا تؤدي واجبها، بل تعيشه. لا تنتظر التقدير، بل تزرعه في الآخرين. هي لا تعمل كإدارية، بل كقائدة حقيقية، وكأنها تظن أ...

رأس المال الاجتماعي للمرأة

بقلم/ دلال عبد الحفيظ تحاول العديد من منظمات المجتمع المدني تبني إستراتيجيات تنموية من شأنها القيام بدور بارز في التحول من أهداف تحسين الحياة النوعية للنساء والحرفيات إلى تعزيز الميزة التنافسية والصورة الذهنية لمنظمات الأعمال والمستثمرين ورجال الأعمال من جماعات المصالح ذات الشراكات المتبادلة مع الشركات والمؤسسات المعنية.  لذا، كان لزامًا اتجاه مؤسسات الأعمال نحو تدريب المنتجين على مضاعفة الصادرات، وزيادة عدد ونوع عملاء المنظمة، والانفتاح الواسع علي الأسواق العالمية المتطورة، وتعزيز شراكات العمل، ومن ثم تجسيد الارتباط بين قوة رأس المال الاجتماعي من جانب وبين تنمية شبكة الأعمال الدولية، وترويج العلامة التجارية لمنظمات المجتمع المدني، وتنمية رأس المال الإنساني لصغار المنتجين. ونستعرض في السطور الآتية بعض النماذج التطبيقية الناجحة لاتباع مثل هذه المبادرات الجامعة بين المزيجين النظري والعملي؛  فبالتطبيق علي مؤسسة CHOL-CHOL التشيلية، جاءت مبادرة توظيف النساء الحرفيات في إنتاج منسوجات عالية الجودة بالأنماط التقليدية والشعبية القديمة لمواطني مدينة"مابوتشو"، وارتكزت الإستراتيجية على ج...