بقلم/ هاني جاد
انظر حولك في الشارع.. الناس تمشي ورقابها منحنية إلى الموبايل. أطفال يحفظون أسماء التطبيقات أكثر مما يحفظون أسماء الصحابة، وبيوت تبدو ساكنة من الخارج لكن داخلها ضجيج إلكتروني لا ينقطع. كل واحد يعيش في عالم افتراضي صنعه لنفسه، بعيدا عن حقيقته.
ألا يشبه هذا ما حذّرنا منه النبي ﷺ عن المسيخ الدجال؟! يخدع الأبصار ويقلب الحقائق، فيُرِي الجنة وهي نار، والنار وهي جنة. قال رسول الله ﷺ: «ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال» (رواه مسلم).
فتنة المقارنة
شاب طيب وبسيط ضاعت حياته بسبب الهاتف. انشغل بمشاهدة حياة المشاهير: سيارات، سفر، وأموال، فامتلأ قلبه بالحسد والنقص. قارن نفسه بهم حتى غرق في الديون محاولًا تقليدهم. لكنه اكتشف متأخرًا أن ما رآه كان وهمًا، وأنه باع سعادته الحقيقية من أجل صورة خادعة.
وهذا يذكّرنا بقول الله تعالى:
﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ [لقمان: 33].
فخ العلاقات المحرمة
وبنت صغيرة لم تتجاوز الخامسة عشرة، انساقت وراء كلمات معسولة من شخص مجهول على الإنترنت. صدّقته، وحكت له أسرارها، ثم اكتشفت أنها وقعت فريسة لذئب بشري يعبث بقلبها وعقلها. انكسرت نفسها، وضاع أمانها.
قال رسول الله ﷺ: «إن أخوف ما أخاف على أمتي، كل منافق عليم اللسان» (رواه أحمد).
وهم الشفاء
كم من إشاعة قتلت النفوس! امرأة مسكينة باعت ذهبها بعد أن وصلها خبر كاذب عن علاج سحري لابنها المريض بالسرطان. اشترت الوهم، فازدادت حالته سوءًا.
قال الله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [الحجرات: 6].
جندي من جنود الفتنة
الموبايل اليوم أصبح سحرًا في أيدينا: يسرق أعمارنا، ويشغل قلوبنا، ويملأ عيوننا بالباطل، حتى نسلم له وقتنا وإرادتنا بلا مقاومة. وإن كان النبي ﷺ قد حذرنا من الدجال، أفلا نحذر نحن من جنوده الذين يمهّدون له الطريق؟
قال رسول الله ﷺ: «من سمع بالدجال فلينأ عنه، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات» (رواه أبو داود).
إخوتي وأخواتي.. لسنا في زمن عادي؛ نحن في زمن الفتن، زمن النار المشتعلة تحت الرماد. الموبايل والسوشيال ميديا ليسا مجرد وسائل للتسلية، بل هما جنديان من جنود الدجال يفسدان القلوب والعقول.
تذكروا:
ما يضحككم في البداية قد يبكيكم في النهاية.
ما يشغلكم عن أهلكم ودينكم لا خير فيه.
من ترك نفسه للفتنة ابتلعته، ومن تمسّك بالحق نجا.
قال النبي ﷺ: «ستكون فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل» (رواه مسلم).
تعليقات
إرسال تعليق