التخطي إلى المحتوى الرئيسي

"براءة مُغتالة: جريمة الاعتداء على الأطفال ذوي الإعاقة في ضوء الشرائع السماوية"

 


بقلم المستشارة/ شيماء سحاب - المحامية بالنقض

يُعد الاعتداء الجنسي على الأطفال ــ وخاصة ذوي الإعاقة ــ من أبشع الجرائم التي تهدم إنسانية الإنسان قبل أن تهدم المجتمع. إنه اعتداء مزدوج: على الجسد العاجز، وعلى الروح البريئة التي لا تملك الدفاع عن نفسها.

معنى الجريمة

الاعتداء الجنسي هو كل سلوك مشين موجّه لطفل دون السادسة عشرة، سواء بالإيحاء أو اللمس أو الإكراه. وتتضاعف قسوة الجريمة حين يكون الضحية طفلًا ذا إعاقة، عاجزًا عن الرفض أو البوح بما حدث له.

صور مأساوية من الواقع

رأينا أبًا خان الأمانة، وعمًّا وخالًا استغلّا عجز ابن أخيهما، وجارًا أغرى طفلًا بحلوى، ومعلمًا خانه ضميره فدخل بيتًا ليغتصب ثقةً قبل أن يغتصب جسدًا. جميعهم فقدوا إنسانيتهم، وخانوا وصية الله.

في الشرع الإسلامي

الإسلام عدّ هذه الجريمة حربًا على الله ورسوله وفسادًا في الأرض، وعقوبتها مغلظة تصل إلى الإعدام، لأن المغتصب لا يختلف عن القاتل. يقول تعالى:

"إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ".

في اليهودية

التوراة شددت على قدسية الجسد، وحرّمت الاعتداء على الأطفال تحت أي صورة. في سفر اللاويين ورد: "لا تضاجع أحدًا من ذرية قومك لتنجس به اسم إلهك" (لاويين 18:21). والشريعة اليهودية تعتبر الاعتداء على القُصّر من الكبائر التي تستوجب أشد العقوبات.

في المسيحية

المسيحية جعلت حماية الطفل وصون براءته واجبًا مقدسًا، وجاء في الإنجيل قول المسيح عليه السلام:

"من أعثر أحد هؤلاء الصغار المؤمنين بي، فخير له أن يُعلّق في عنقه حجر رحى ويُغرق في لجة البحر" (متى 18:6).
فالاعتداء على الطفل يُعد في المسيحية خيانة لله قبل أن يكون جريمة ضد الإنسان.

في البوذية

الديانة البوذية، رغم بعدها عن فكرة "الإله المُشرّع"، فإنها جعلت قاعدة اللاعنف (أهيمسا) أساسًا للأخلاق. وكل فعل يُلحق الأذى بالكائنات، وخاصة الأطفال الضعفاء، يُعد كارما سوداء تجرّ على المعتدي شقاءً في الدنيا والآخرة.

آثار الجريمة

  1. جسدية: أمراض معدية، تهتك الأعضاء، وربما العقم.

  2. سلوكية: ميل الطفل لسلوكيات منحرفة قد تلازمه مستقبلًا.

  3. نفسية: انطواء، فقدان ثقة، اكتئاب، واضطرابات مزمنة.

كلمة للأهل

أيتها الأم.. أيها الأب: لا تتركوا أطفالكم عرضةً للذئاب البشرية، ولا تسلّموا الأمانة حتى لأقرب الأقربين. إن أبناءكم، ولا سيما ذوي الهمم، عطايا الله وودائعه، ومن ضيّع الأمانة فقد خان الله قبل أن يخون نفسه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شهادة لا يجب أن تُؤجل

بقلم/ فاطمة صابر ردًا على منشور قديم نُشر عن د. أنس عطية، وما زال أثره حيًا، [انظر الرابط: https://alalamalyoumnews.blogspot.com/2024/02/blog-post_67.html ] أحب أقول: نعم، الكلمات التي كُتبت آنذاك عن د. أنس، أنا لم أقرأها فقط، بل عشتها. في سنة واحدة فقط، في مقرر واحد، شعرت كأنني أمام شخصية أب… رغم قلقي وخوفي في البداية، إلا أن تعامله العميق وأسلوبه الطيب احتواني، فشعرت بالأمان… الأمان الذي لا يُمثَّل، بل يُعاش. ولكن في زحمة الكلمات، هناك اسم آخر لا بد أن يُذكر، لا بد أن يُنصف، لا بد أن يُقدّر. اسم حين يُقال، ينحني له القلب قبل القلم… د. حنان شكري. قد أبدو لكم فتاة صامتة، لا تُكثر الكلام، وهذا صحيح… لكنني لست صامتة داخليًا. عقلي يعمل أكثر مما يظهر، ومشاعري تنبض من عمق لا يعرفه إلا القليل، ومن هذا العمق أكتب اليوم. د. حنان شكري ليست مجرد وكيلة لكلية، ولا حتى مجرد دكتورة… هي نموذج نادر من البشر، إنسانة تؤدي عملها كأنها تؤدي عبادة، وكأن التعليم أمانة كُتبت في رقبتها، لا تفرّط فيها مهما كانت التكاليف. رأيت فيها مثالًا لإنسان لا يسعى للمنصب، بل يسعى للصدق. لا تؤدي واجبها، بل تعيشه. لا تنتظر...

رأس المال الاجتماعي للمرأة

بقلم/ دلال عبد الحفيظ تحاول العديد من منظمات المجتمع المدني تبني إستراتيجيات تنموية من شأنها القيام بدور بارز في التحول من أهداف تحسين الحياة النوعية للنساء والحرفيات إلى تعزيز الميزة التنافسية والصورة الذهنية لمنظمات الأعمال والمستثمرين ورجال الأعمال من جماعات المصالح ذات الشراكات المتبادلة مع الشركات والمؤسسات المعنية.  لذا، كان لزامًا اتجاه مؤسسات الأعمال نحو تدريب المنتجين على مضاعفة الصادرات، وزيادة عدد ونوع عملاء المنظمة، والانفتاح الواسع علي الأسواق العالمية المتطورة، وتعزيز شراكات العمل، ومن ثم تجسيد الارتباط بين قوة رأس المال الاجتماعي من جانب وبين تنمية شبكة الأعمال الدولية، وترويج العلامة التجارية لمنظمات المجتمع المدني، وتنمية رأس المال الإنساني لصغار المنتجين. ونستعرض في السطور الآتية بعض النماذج التطبيقية الناجحة لاتباع مثل هذه المبادرات الجامعة بين المزيجين النظري والعملي؛  فبالتطبيق علي مؤسسة CHOL-CHOL التشيلية، جاءت مبادرة توظيف النساء الحرفيات في إنتاج منسوجات عالية الجودة بالأنماط التقليدية والشعبية القديمة لمواطني مدينة"مابوتشو"، وارتكزت الإستراتيجية على ج...

رسالة دكتوراة توصي بالتوطين المحلي لصناعة السيارات

حصل الباحث محمد جمال عبد الناصر؛ المدرس المساعد بقسم إدارة الأعمال، بكلية التجارة جامعة عين شمس على درجة دكتور الفلسفة في إدارة الأعمال؛ مع التوصية بتداول الرسالة مع الجامعات الأخرى، وذلك عن رسالته بعنوان "توسيط المسئولية الاجتماعية والتسويق الأخضر في العلاقة بين أخلاقيات الشركات المدركة والولاء للعلامة (دراسة ميدانية)" وتشكلت لجنة الحكم والمناقشة من الدكتور عبد القادر محمد، أستاذ التسويق بكلية التجارة جامعة المنصورة وعميد كلية التجارة جامعة المنصورة الجديدة" رئيسًا "، والدكتورة جيهان عبد المنعم، أستاذ التسويق بكلية التجارة ، ومستشار نائب رئيس جامعة عين شمس لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة" مشرفًا"، والدكتورة عزة عبد القادر، أستاذ التسويق بكلية التجارة جامعة عين شمس" عضوًا"، والدكتورة حنان حسين، مدرس إدارة الأعمال بكلية التجارة بجامعة عين شمس" مشرفًا مشاركًا". وأجرى الباحث دراسته بالتطبيق على المشتركين في مبادرة تحويل وإحلال المركبات للعمل بالطاقة النظيفة، موصيًا  بأهمية العمل على زيادة المكون المحلي في السيارات داخل مبادرة الإحلال؛ بما...