بقلم/ أ.د. سهير صفوت
تقول إحدى الأمهات في حيرة:
"أشعر أن أولادي تغيّروا فجأة، لم يعودوا كما كانوا وهم صغار. أصواتهم ترتفع عليّ، يعاندون، يرفضون ما كانوا يحبونه، يضحكون فجأة ويبكون بلا سبب، أصدقاؤهم صاروا كل حياتهم... حتى الصلاة بدأوا يتكاسلون عنها، وملابسهم تغيّرت، وأنا خائفة عليهم من زمن لم يعد فيه ثوابت".
وتضيف أخرى:
"ابني صار عصبياً، ينام نهارًا ويسهر ليلًا، يصرخ ويغضب لأتفه الأسباب، لا أعرف كيف أتعامل معه!".
تلك الأصوات ليست غريبة، بل هي صدى لمعاناة تعيشها معظم الأسر حين يدخل أحد أبنائها مرحلة المراهقة، تلك المرحلة التي وصفها الفلاسفة منذ قرون بأنها "العاصفة التي تسبق الهدوء".
يقول "جان جاك روسو":
"هدير الأمواج الذي يسبق العاصفة، هكذا تأتي همسات التغير في المراهقة، نوبات من الغضب والتمرد، كأن الولد خارج سيطرتنا".
ويضيف:
"يصرخ المراهق من أعماق قلبه: وداعًا أيتها الطفولة! ثم يُفاجأ بمن يعامله كطفل، فيثور ليُثبت أنه أصبح راشدًا، بينما يُثقلونه بمسؤوليات لا طاقة له بها".
مرحلة البحث عن الذات
كيف نحتوي المراهق؟
-
كن صديقًا قبل أن تكون آمرًا. لا تعامل ابنك كجندي يتلقى الأوامر، بل كصديق تحتاج إلى كسب ثقته.
-
اضبط انفعالك. لا تدخل في صراع صوتي معه، فالمراهق بطبعه انفعالي، وصراخه لا يحتاج إلى صراخ مضاد.
-
افصل بين الشخص والسلوك. قل له: "أنا أحبك، لكن لا أحب هذا التصرف"، فالمراهق يحتاج أن يشعر أن الحب ثابت حتى في لحظات الخطأ.
-
استبدل السؤال "لماذا؟" بـ"كيف؟" فـ"لماذا" تستفز وتدفعه للدفاع، أما "كيف فعلت؟" فهي مدخل للتفاهم.
-
كن واضحًا وموجزًا. المراهق لا يحب التعليمات الطويلة والمواعظ.
-
ضع قواعد واضحة للبيت، مع التزام الجميع بها دون استثناء.
-
ازرع الثقة والمدح، فكل كلمة إيجابية تُنمّي بداخله احترامه لذاته.
-
دع له مساحة للاختيار، مع توضيح العواقب، ودعه يتحمل النتائج.
-
استخدم الإقناع بدل الترهيب، والمرونة بدل التسلط، فالتسلط لا يولّد إلا التمرّد.
الرسالة الأخيرة
فلتكن بيوتكم مدارس للحوار، وموانئ للرحمة، حتى تمرّ عاصفة المراهقة وتخلف وراءها شبابًا ناضجًا يعرف من هو، ويعرف إلى أين يمضي.

تعليقات
إرسال تعليق