التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الله قريب.. قصة استجابة دعائي



بقلم المستشارة/ شيماء سحاب - المحامية بالنقض

تجربتي مع الدعاء علمتني أن الله لا يرد قلبًا أخلص في الطلب، ولا يخذل عبدًا ناجاه بصدق.
سنوات طويلة رفعت فيها يدي إلى السماء، أرجو الله أن يرزقني ولدًا واحدًا يملأ قلبي فرحًا وبيتي أنسًا. ولم يطل الانتظار حتى استجاب الله لي، فوهبني ما دعوت به تمامًا، طفلاً واحدًا كما طلبت. حينها أدركت أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ لو ألهمني أن أطلب اثنين لأعطاني، لأن الذي يُحرّك لسانك بالدعاء هو نفسه الذي يُحرّك قلبك إليه، ودعاء القلب إذا صدق، صعد إلى السماء ففُتحت له الأبواب.

تأملت ذلك في قصة سيدنا يوسف عليه السلام حين قال:

«رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ، وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ» (يوسف: 33).

فاستجاب الله دعاءه، فصرف عنه كيدهن، ولكنه دخل السجن لأن لسانه نطق بذلك. ولو أنه قال: «الخروج من القصر أحب إليّ مما يدعونني إليه» لكان الله حقق له ذلك أيضًا.
وهنا تتجلى دقة الدعاء، وحكمة اختيار اللفظ، فحتى يوسف عليه السلام ـ وهو النبي المعصوم ـ جرت عليه سنن الدعاء والاستجابة.

ومع ذلك، كان في سجنه حكمة بالغة، فقد جعل الله من محبسه منبرًا للدعوة، وميدانًا لتقرير قيم الصبر والثبات والنصر على الأعداء، حتى من وراء القضبان.

ومن هنا، أيقنت أن على الإنسان أن يتخير في دعائه ألفاظ الرجاء والتفاؤل، لأن الكلمات الطيبة تنبت خيرًا، كما في الحديث الشريف: «تفاءلوا بالخير تجدوه».
فالكلمة اللينة الرحيمة لا تثمر إلا بركة، أما اللفظ القاسي الجارح فلا يورث إلا الشقاء.

إن الله قريب... قريب جدًا، لكننا نحن الذين نبتعد عنه.
هو قريب ممن دعاه، ونحن نغفل عن مناجاته.
نبحث عن الأسباب وننسى المُسبِّب، ولو أننا التمسنا المسبب قبل الأسباب، لأكرمنا الله بما لا يخطر لنا على بال.

الله قريب، لكننا نحجب أنفسنا عنه بأكل الحرام، وشرب الحرام، وبترك الصلاة والذكر والدعاء، ثم نتعجب: لماذا لا تُستجاب دعواتنا؟


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شهادة لا يجب أن تُؤجل

بقلم/ فاطمة صابر ردًا على منشور قديم نُشر عن د. أنس عطية، وما زال أثره حيًا، [انظر الرابط: https://alalamalyoumnews.blogspot.com/2024/02/blog-post_67.html ] أحب أقول: نعم، الكلمات التي كُتبت آنذاك عن د. أنس، أنا لم أقرأها فقط، بل عشتها. في سنة واحدة فقط، في مقرر واحد، شعرت كأنني أمام شخصية أب… رغم قلقي وخوفي في البداية، إلا أن تعامله العميق وأسلوبه الطيب احتواني، فشعرت بالأمان… الأمان الذي لا يُمثَّل، بل يُعاش. ولكن في زحمة الكلمات، هناك اسم آخر لا بد أن يُذكر، لا بد أن يُنصف، لا بد أن يُقدّر. اسم حين يُقال، ينحني له القلب قبل القلم… د. حنان شكري. قد أبدو لكم فتاة صامتة، لا تُكثر الكلام، وهذا صحيح… لكنني لست صامتة داخليًا. عقلي يعمل أكثر مما يظهر، ومشاعري تنبض من عمق لا يعرفه إلا القليل، ومن هذا العمق أكتب اليوم. د. حنان شكري ليست مجرد وكيلة لكلية، ولا حتى مجرد دكتورة… هي نموذج نادر من البشر، إنسانة تؤدي عملها كأنها تؤدي عبادة، وكأن التعليم أمانة كُتبت في رقبتها، لا تفرّط فيها مهما كانت التكاليف. رأيت فيها مثالًا لإنسان لا يسعى للمنصب، بل يسعى للصدق. لا تؤدي واجبها، بل تعيشه. لا تنتظر...

رأس المال الاجتماعي للمرأة

بقلم/ دلال عبد الحفيظ تحاول العديد من منظمات المجتمع المدني تبني إستراتيجيات تنموية من شأنها القيام بدور بارز في التحول من أهداف تحسين الحياة النوعية للنساء والحرفيات إلى تعزيز الميزة التنافسية والصورة الذهنية لمنظمات الأعمال والمستثمرين ورجال الأعمال من جماعات المصالح ذات الشراكات المتبادلة مع الشركات والمؤسسات المعنية.  لذا، كان لزامًا اتجاه مؤسسات الأعمال نحو تدريب المنتجين على مضاعفة الصادرات، وزيادة عدد ونوع عملاء المنظمة، والانفتاح الواسع علي الأسواق العالمية المتطورة، وتعزيز شراكات العمل، ومن ثم تجسيد الارتباط بين قوة رأس المال الاجتماعي من جانب وبين تنمية شبكة الأعمال الدولية، وترويج العلامة التجارية لمنظمات المجتمع المدني، وتنمية رأس المال الإنساني لصغار المنتجين. ونستعرض في السطور الآتية بعض النماذج التطبيقية الناجحة لاتباع مثل هذه المبادرات الجامعة بين المزيجين النظري والعملي؛  فبالتطبيق علي مؤسسة CHOL-CHOL التشيلية، جاءت مبادرة توظيف النساء الحرفيات في إنتاج منسوجات عالية الجودة بالأنماط التقليدية والشعبية القديمة لمواطني مدينة"مابوتشو"، وارتكزت الإستراتيجية على ج...

رسالة دكتوراة توصي بالتوطين المحلي لصناعة السيارات

حصل الباحث محمد جمال عبد الناصر؛ المدرس المساعد بقسم إدارة الأعمال، بكلية التجارة جامعة عين شمس على درجة دكتور الفلسفة في إدارة الأعمال؛ مع التوصية بتداول الرسالة مع الجامعات الأخرى، وذلك عن رسالته بعنوان "توسيط المسئولية الاجتماعية والتسويق الأخضر في العلاقة بين أخلاقيات الشركات المدركة والولاء للعلامة (دراسة ميدانية)" وتشكلت لجنة الحكم والمناقشة من الدكتور عبد القادر محمد، أستاذ التسويق بكلية التجارة جامعة المنصورة وعميد كلية التجارة جامعة المنصورة الجديدة" رئيسًا "، والدكتورة جيهان عبد المنعم، أستاذ التسويق بكلية التجارة ، ومستشار نائب رئيس جامعة عين شمس لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة" مشرفًا"، والدكتورة عزة عبد القادر، أستاذ التسويق بكلية التجارة جامعة عين شمس" عضوًا"، والدكتورة حنان حسين، مدرس إدارة الأعمال بكلية التجارة بجامعة عين شمس" مشرفًا مشاركًا". وأجرى الباحث دراسته بالتطبيق على المشتركين في مبادرة تحويل وإحلال المركبات للعمل بالطاقة النظيفة، موصيًا  بأهمية العمل على زيادة المكون المحلي في السيارات داخل مبادرة الإحلال؛ بما...