التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حين يفيء القلب إلى الله


 

بقلم/ عبد الرحمن هاشم

اللهُ عزّ وجلّ يرعى مخلوقاته برحمته الواسعة، ويسدّ احتياجات البشر بعطاياه العظمى: الماء والهواء، والنبات والحيوان، والأنهار والبحار والمحيطات، والشمس والقمر، والليل والنهار. تلك النِّعم التي لا تنفد هي مظاهر لطف الله في خلقه، غير أن بعض من أُوتوا العلم والسلطة يجحدونها، فيسخّرون ما مَنَّ اللهُ به عليهم لإنتاج أسلحة الدمار الشامل، ونشر الحروب، وتدمير الحرث والنسل، وكأنهم نسوا أن العطاء الإلهي أمانة لا وسيلة للإفساد.

ومن هنا، فإن واجب المؤمن بالله سبحانه وتعالى أن يفيء إلى ربه، لأنه هو مصدر الاكتفاء والأمن والسكينة.

كيف يفيء المؤمن إلى ربه؟
برسول الله ﷺ الذي لم يُرسله الله لينشر الحروب أو الدمار، بل أرسله رحمة للعالمين، يعيد الناس إلى الله، ويعرّفهم به، ويزيل الشوائب عن فطرتهم التي فطرهم الله عليها.

شهد رسول الله ﷺ أن الله معه في جميع أحواله، فتيقن أن الله ناصره وحاميه، فعاش بالله وفي الله، في حصنٍ حصين. وهكذا ينبغي على المؤمن أن يقتدي بنبيّه في يقينه، وتوكّله، وطمأنينته بربّه.

حتى الموت لا يخيفك إذا أيقنت أن الله معك، يسندك ويحميك، ويجعل الموت بابًا تدخل منه إلى الحياة الأخرى.

ولكي تنجو من الفساد الضارب حولك في الأرض، حاول أن تشبع من مأدبة الله في الأرض ـ أي قرآنه الكريم ـ تلاوةً واستماعًا وتدبّرًا وحياةً في معانيه. فهو يمنحك الهدوء والسلام والنصرة على أعدائك الأبديين: النفس، والهوى، والشيطان، والمفسدين في الأرض.

املأ قلبك بمحبة الله، يفيض بالبركات والخيرات على من حولك، فالمؤمن الصادق حيثما حلّ نثر الخير كالمسك الذي لا يختفي أثره.

وما أجمل أن تتأمل بديع صنع الله في ملكه وملكوته حتى تتشبع بالإيمان العملي الذي ينم عن الشكر، كما قال تعالى:

"اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ" [سبأ: 13].

فشتان بين من يرى نعمة الله في رغيف خبز ملقى على التراب فينحني يرفعه شاكرًا لربه، وبين من يدوس عليه متكبرًا كافرًا بالنعمة، غافلًا عن المنعم سبحانه.

ما أحوجنا اليوم إلى أن نستعيد هذا الوعي، وهو وعيٌ يتجدد في القلب كلّما أبصر نعمةً أو أدرك حكمة، لنعرف الطريق من جديد إلى المنعم جلّ جلاله، ونسير إليه بقلوبٍ امتلأت حبًّا وشكرًا وسلامًا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شهادة لا يجب أن تُؤجل

بقلم/ فاطمة صابر ردًا على منشور قديم نُشر عن د. أنس عطية، وما زال أثره حيًا، [انظر الرابط: https://alalamalyoumnews.blogspot.com/2024/02/blog-post_67.html ] أحب أقول: نعم، الكلمات التي كُتبت آنذاك عن د. أنس، أنا لم أقرأها فقط، بل عشتها. في سنة واحدة فقط، في مقرر واحد، شعرت كأنني أمام شخصية أب… رغم قلقي وخوفي في البداية، إلا أن تعامله العميق وأسلوبه الطيب احتواني، فشعرت بالأمان… الأمان الذي لا يُمثَّل، بل يُعاش. ولكن في زحمة الكلمات، هناك اسم آخر لا بد أن يُذكر، لا بد أن يُنصف، لا بد أن يُقدّر. اسم حين يُقال، ينحني له القلب قبل القلم… د. حنان شكري. قد أبدو لكم فتاة صامتة، لا تُكثر الكلام، وهذا صحيح… لكنني لست صامتة داخليًا. عقلي يعمل أكثر مما يظهر، ومشاعري تنبض من عمق لا يعرفه إلا القليل، ومن هذا العمق أكتب اليوم. د. حنان شكري ليست مجرد وكيلة لكلية، ولا حتى مجرد دكتورة… هي نموذج نادر من البشر، إنسانة تؤدي عملها كأنها تؤدي عبادة، وكأن التعليم أمانة كُتبت في رقبتها، لا تفرّط فيها مهما كانت التكاليف. رأيت فيها مثالًا لإنسان لا يسعى للمنصب، بل يسعى للصدق. لا تؤدي واجبها، بل تعيشه. لا تنتظر...

رأس المال الاجتماعي للمرأة

بقلم/ دلال عبد الحفيظ تحاول العديد من منظمات المجتمع المدني تبني إستراتيجيات تنموية من شأنها القيام بدور بارز في التحول من أهداف تحسين الحياة النوعية للنساء والحرفيات إلى تعزيز الميزة التنافسية والصورة الذهنية لمنظمات الأعمال والمستثمرين ورجال الأعمال من جماعات المصالح ذات الشراكات المتبادلة مع الشركات والمؤسسات المعنية.  لذا، كان لزامًا اتجاه مؤسسات الأعمال نحو تدريب المنتجين على مضاعفة الصادرات، وزيادة عدد ونوع عملاء المنظمة، والانفتاح الواسع علي الأسواق العالمية المتطورة، وتعزيز شراكات العمل، ومن ثم تجسيد الارتباط بين قوة رأس المال الاجتماعي من جانب وبين تنمية شبكة الأعمال الدولية، وترويج العلامة التجارية لمنظمات المجتمع المدني، وتنمية رأس المال الإنساني لصغار المنتجين. ونستعرض في السطور الآتية بعض النماذج التطبيقية الناجحة لاتباع مثل هذه المبادرات الجامعة بين المزيجين النظري والعملي؛  فبالتطبيق علي مؤسسة CHOL-CHOL التشيلية، جاءت مبادرة توظيف النساء الحرفيات في إنتاج منسوجات عالية الجودة بالأنماط التقليدية والشعبية القديمة لمواطني مدينة"مابوتشو"، وارتكزت الإستراتيجية على ج...

رسالة دكتوراة توصي بالتوطين المحلي لصناعة السيارات

حصل الباحث محمد جمال عبد الناصر؛ المدرس المساعد بقسم إدارة الأعمال، بكلية التجارة جامعة عين شمس على درجة دكتور الفلسفة في إدارة الأعمال؛ مع التوصية بتداول الرسالة مع الجامعات الأخرى، وذلك عن رسالته بعنوان "توسيط المسئولية الاجتماعية والتسويق الأخضر في العلاقة بين أخلاقيات الشركات المدركة والولاء للعلامة (دراسة ميدانية)" وتشكلت لجنة الحكم والمناقشة من الدكتور عبد القادر محمد، أستاذ التسويق بكلية التجارة جامعة المنصورة وعميد كلية التجارة جامعة المنصورة الجديدة" رئيسًا "، والدكتورة جيهان عبد المنعم، أستاذ التسويق بكلية التجارة ، ومستشار نائب رئيس جامعة عين شمس لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة" مشرفًا"، والدكتورة عزة عبد القادر، أستاذ التسويق بكلية التجارة جامعة عين شمس" عضوًا"، والدكتورة حنان حسين، مدرس إدارة الأعمال بكلية التجارة بجامعة عين شمس" مشرفًا مشاركًا". وأجرى الباحث دراسته بالتطبيق على المشتركين في مبادرة تحويل وإحلال المركبات للعمل بالطاقة النظيفة، موصيًا  بأهمية العمل على زيادة المكون المحلي في السيارات داخل مبادرة الإحلال؛ بما...