بقلم/ عبد الرحمن هاشم
لا تتعجب من تلك القدرة المذهلة التي يمتلكها بعض البشر على تجسيد تناقضاتهم في الحياة؛ ترى الواحدَ منهم قويًّا متسلطًا مع الضعفاء، ضعيفًا خانعًا أمام أصحاب النفوذ والسلطان.
هذا التمزق بين القول والفعل، بين المظهر والجوهر، دفع بعض الباحثين عن النور إلى أن يشرعوا بصدقٍ في طلب شيخٍ سالك، يأخذ بأيديهم إلى صفاء النفس، ويخلّصهم من ازدواجية السلوك، ليدلّهم على طريق الوصول إلى الله والتخلق بأسمائه الحسنى.
وفيما يلي باقة من وصايا الشيوخ لمريديهم؛ وهي كلمات تنتمي إلى جوهر «التخلّي والتحلّي والتزكية»، تُروى لا لتُحفظ، بل لتُعاش:
-
الخلوة اليومية التأملية بابٌ للدخول على الله من جهة الذل والضعف والمسكنة، تُعيد للمريد وعيه ببنوّته الروحية لشيخه الذي يسلكه ويهديه سبل السير.
-
خدمة الناس ماديًا ومعنويًا امتدادٌ لنَفَس المشايخ في كل عصر، والله الذي أيّدهم هو نفسه الذي يمدّ العاملين اليوم بنوره وأمداده. هذه ليست معرفة نظرية، بل حالٌ يُذاق، بها يشهد القلب شهادة «لا إله إلا الله».
-
اعبده بقلبٍ سليمٍ كامل: فالمريد ليس لقبًا أو مظهرًا، بل صفاءٌ داخلي لا يعرف الانقسام.
-
إن الانشغال المفرط بمعاش الدنيا قد يُفقد السالك جوهر دعوته، فالرزق مضمون، لكن السير إلى الله يحتاج فراغ قلبٍ لا امتلاء جيب.
-
خدمة الشيخ والإخوان يجب أن تكون بنَفْسٍ راغبةٍ، تنبع من المحبة لا من الواجب؛ فكل خدمةٍ مشبعةٍ بالشوق تُثمر بركة وتوفيقًا.
-
هناك من يجرح بكلماته وهو يظنها نصيحة، وهناك من يزرع بالمحبة فتنبت الأرض من حوله نورًا.
-
راقب الله في السر والعلن؛ فالله يراك في بيتك، في عملك، في خدمتك، في خواطرك قبل أفعالك، وما يُقال في الخفاء سيُظهره الله على السطوح.
-
نقِّ فكرك وسرّك، فالمريد مرآة طريقه، وثوبه الخارجي لا ينبغي أن يقل عن ثوبه الداخليّ طهارة ونقاءً، وإلا صار كما يقول المثل: «عقرب تحت برقع».
-
إذا قصد المريد الله في كل حركاته وسكناته، رتّب الله له حياته كلها، ووقف إلى جواره في كل خطوة.
-
الاختيار للطريق ليس بشريًا، بل إلهيًّا؛ فالله هو الذي يختار المريد من بين آلافٍ ليكون خادمًا لدعوته ولحبيبه المصطفى ﷺ بلا كسلٍ ولا فتور.
-
عمل المريد الحقيقي هو بناء النفوس المطمئنة، بتفقد إخوانه، وجلسات الذكر، والزيارات، والموعظة الحسنة.
-
والمنهج الصوفي – لأنه يمثل جوهر الهداية – لا يشيخ، بل يتجدّد مع الزمان، يبعث روح الاجتهاد، وينقذ الأرواح من جمودها لتنهض إلى سموها.
تعليقات
إرسال تعليق