بقلم/ رانيا الفقي
عندما ننظر إلى الساعة الرملية، نرى ذرات الرمال تتساقط منها بهدوء بمرور الوقت، حتى تنتهي جميعها.
وفي كثير من الأحيان لا نلاحظ هذا التغيّر يوميًا، لأن التساقط يتم ببطء، لكننا في النهاية نتفاجأ بأن الرمال قد نفذت ونتساءل:
كيف حدث ذلك؟ ومتى؟ ألم تكن ممتلئة بالأمس؟
وفي تلك اللحظة، لا نملك سوى أن نقلب الساعة لتبدأ رحلتها من جديد.
لكن… ماذا لو حدث لنا نحن الشيء ذاته؟
أن تنفذ طاقتنا تدريجيًا كالساعة الرملية دون أن نشعر،
بل ربما أسرع، تبعًا لما نمرّ به من مواقف وصعوبات،
حتى نصل إلى الحد الذي ينكسر فيه الإطار الزجاجي،
ونتناثر كما تتناثر ذرات الرمال،
ولا نقدر على لملمة شتات أنفسنا.
هل سنستطيع وقتها أن نعيد ترتيب أوراقنا ونبدأ الرحلة من جديد؟
أم كان الأجدر بنا أن نستعيد أنفسنا في كل مرة شعرنا فيها بالتعب؟
شعرنا أننا استُنزفنا،
في كل مرة نظرنا في المرآة فلم نكن نحن، بل مجرد صور تشبهنا خارجيًا،
بينما ما بداخلنا لم يعد كما كان.
في كل مرة تركنا أنفسنا للحياة تعصف بنا كيفما تشاء،
أو أُجبرنا على السير في طريق لا يشبهنا،
ألم يكن الأجدر أن نعيد شحن طاقتنا قبل أن تنفذ تمامًا؟
أو نملك الطاقة التي تمكننا من تغيير وضع ساعتنا الرملية لتبدأ الرحلة من جديد؟
إننا إن فهمنا أنفسنا بصدق، واعتنينا بها بحب كما نعتني بالآخرين،
سندرك متى يجب أن نفعل ذلك، ومتى نعيد التوازن قبل أن تنفد طاقتنا تمامًا.
ولعل أجمل مايمكننا فعله لأنفسنا هو أن نمنحها دفعة من الأمل، من النور!
أن نبحث عن لحظات صغيرة تعيد لها الحياة ، ضحكة صافية ، مكالمة مع شخص نحبه، مشاهدة فيلم مفضل، نزهه قصيرة، أو على الأقل لحظات من الصمت نستمع فيها إلى همسات أنفسنا.
وأنت، عزيزي القارئ،
متى كانت آخر مرة قلبتَ ساعتك الرملية لتبدأ الرحلة من جديد؟

تعليقات
إرسال تعليق