بقلم/ عبد الرحمن هاشم:
من مواليد بني سويف شمال صعيد مصر؛ وجاء مولده في العاشر من سبتمبر 1938م وتوفي بمكة المكرمة في 30 يناير 1993م وصلى عليه أهل الحرم المكي الشريف عقب صلاة الفجر، ودفن في مقبرة المعلاه.
وما بين مولده ورحيله حياة زاخرة بالجد والعمل والإخلاص وحب الآخرين ودفع السيئة بالحسنة وبذل الوسع في الإصلاح بالحكمة والموعظة الحسنة.
كان لي شرف صحبته، رغم فارق السن بيننا، وهي صحبة أبرز ما يطبعها بالحُسن أنها "صحبة مسجد" قبل أن تكون "صحبة جوار"، ومصطلح "صحبة المسجد" يعطيك -بلا شك- تصور الطهارة والصفاء والصدق وإخلاص التوجه لله وبذل النصيحة له والاجتماع عليه والتفرق عليه أي على ذكره سبحانه وتعالى.
هكذا جمعتنا الصحبة في الله، فكان رحمه الله يؤمنا في صلاة الفجر والعشاء بصوته الخاشع الشجي الجذاب؛ يقرأ قصار السور وألحظ الذاكرة الآن تسعفني بسورة الغاشية وهو يتلوها بصوته الجميل وكذلك سورة الأعلى؛ فكنا نقف خلفه مستمتعين بالصلاة ونتمنى لو يمكث في مصر فترة أطول، لكن طبيعة عمله في مكة المكرمة واحتياج الناس إليه وإلى خبرته كانت تحول دون ذلك.
لا يقابل أحدا إلا باشًا في وجهه مبتسمًا، بل ومصافحًا، راضيًا كل الرضا بما قدَّره الله، ليس ساخطًا ولا ناقمًا على أحد.
وأذكر أن المسجد حين بدأ في عقد حلقات لتحفيظ الأطفال في العطلة الصيفية، دارت النقاشات بين رواده عن فائدة هذه الحقات بالنسبة لأطفال معظمهم من أسر متواضعة التربية والتعليم حتى قال قائلهم: "البذرة في الأرض غير الصالحة لا تنبت"؛ فما كان منه -رحمه الله- إلا أن شجَّع على استمرار المشروع الخيري التطوعي قائلا: "ابذر الخير تجد الخير".
وانتقل الدكتور عبد العظيم -رحمه الله- إلى رحاب مولاه، بينما عشت ورأيت بعيني ثمرة هذا التحفيظ وهذه الحقات شبابا متعلما ذا خلق تخرج في الجامعة وتزوج وسافر للعمل بالخارج رغم منبته المتواضع وإذا قابلني أحد منهم أثنى على هذه الحلقات وعلى زمنها الجميل وأرجع ما وصل إليه إليها.
وفي بيته وبين أسرته كان هو عمود الخيمة التي يستظل بها الجميع، ولذا فقد كان مصابهم فيه مصابا جللا لم يسلوهم عنه سوى موتته الحسنة التي طلبها والتي أنالها الله إياها.
وحين اختتم يناير أيامه هذا العام يكون قد مر على ذكرى رحيله 31 سنة، مرت كأنها لمح البصر، لأنه ما زال يعيش بيننا في برزخه بروحه والروح لا تفنى لأنها من أمر الله.
ألحقنا الله به على خير.. اقرؤوا لروحه الفاتحة.
(بطاقته العائلية)
(مقبرة المعلاه)
تعليقات
إرسال تعليق