التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الهجرة النبوية الشريفة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة وأيقونة النصر


كتبه:

أ.د. أحمد علي عبد الساتر كلية الأداب – جامعة الوادي الجديد

يعتبر حادث الهجرة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة حادثًا غير عادي، إذ انطلق بعدها النبي صلى الله عليه وسلم نحو تأسيس الدولة الإسلامية بكل مقوماتها والتي أصبحت فيما بعد قوة لا يستهان بها وحصنًا حصينًا للمسلمين.

أسباب الهجرة: 

في بداية صدر الدعوة الإسلامية تعرض النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لكثير من أذى المشركين في قريش، على سبيل المثال تعرض الصحابي الجليل بلال بن رباح رضي الله عنه و أرضاه لكثير من التعذيب على يد سيده اللعين أمية بن خلف، حتى كان يضعه في وقت الظهيرة في رمضاء مكة مجردًا من ملابسه واضعًا صخرة عظيمة على صدره ويقول له: اكفر بمحمد وأنت حر فمَا كان من الصحابي الجليل إلا أن يقول له: أحد أحد، فرد صمد، عذب ما شئت وافعل ما شئت، فلن تنال إلا من الجسد الذي يأكله الدود، أما قلبي فمع محمد صلى الله عليه وسلم ورب محمد.

كما تعرض اَل ياسر ( ياسر وزوجته سمية وابنه عمار) جميعًا من قبل أبي جهل لعنه الله إلى صنوف العذاب بكل قسوة ووحشية، وكان النبي صلى الله عليه وسلم، يمر بهم ولا يملك لهم من أمرهم شيئًا فيقول لهم صلى الله عليه وسلم: صبرًا آل ياسر فإن موعدكم الجنة، وحينما سب أبو جهل اللعين رسول الله صلى الله عليه وسلم تفلت على وجهه السيدة سمية، و قالت له أتسب رسول صلى الله عليه وسلم يا أبا جهل؟ فطعنها لعنه الله بحربة في موضع عفتها، فكانت أول شهيدة في الإسلام.

ويروي الإمام البخاري في صحيحه أن الصحابي الجليل خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: شَكَوْنَا إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً له في ظِلِّ الكَعْبَةِ، قُلْنَا له: أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا؟ أَلَا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا؟ قالَ: كانَ الرَّجُلُ فِيمَن قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ له في الأرْضِ، فيُجْعَلُ فِيهِ، فيُجَاءُ بالمِنْشَارِ فيُوضَعُ علَى رَأْسِهِ فيُشَقُّ باثْنَتَيْنِ، وما يَصُدُّهُ ذلكَ عن دِينِهِ، ويُمْشَطُ بأَمْشَاطِ الحَدِيدِ ما دُونَ لَحْمِهِ مِن عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ، وما يَصُدُّهُ ذلكَ عن دِينِهِ، واللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هذا الأمْرَ، حتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِن صَنْعَاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ، لا يَخَافُ إلَّا اللَّهَ، أَوِ الذِّئْبَ علَى غَنَمِهِ، ولَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ. الراوي :خباب بن الأرت | المحدث :البخاري | المصدر :صحيح البخاري.

وتحمل النبي صلى الله عليه وسلم صنوف الأذى من المشركين حتى في صلاته، ضرب حتى غُشِيَ عليه، قال أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه: فقامَ أبو بكرٍ رَضيَ اللهُ عنهُ فجعل يُنادِي : وَيلَكُم، أَتقتلُونَ رَجلًا أن يقولَ ربِّيَ اللهُ. قالوا: مَن هذا؟ قال : ابنُ أَبي قُحافَةَ رَضيَ اللهُ عنهُما. الراوي : أنس بن مالك | المحدث :ابن حجر العسقلاني | المصدر: المطالب العالية.

ورغم كل الأذى يواسي أصحابه و يأمرهم بالصبر ويقول لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اصبروا فإني لم أومر بقتال.


الهجرة هي بداية تأسيس الدولة الإسلامية:

مما لا شك فيه أن الهجرة النبوية الشريفة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، هي علامة بارزة ونقطة فارقة في تاريخ الدولة الإسلامية، فمنها انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم داعيًا إلى الله عز وجل إلى الدين الجديد، وبدء في بناء مسجد قباء، لقد كان بناء مسجد قباء أول عمل قام به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عند وصوله للمدينة، وهو أول مسجد أُسَّس في الإسلام، وفي ذلك إشارة إلى أهمية دور المسجد في الإسلام، وأنه لا قيام للدولة الإسلامية بغير المسجد، فهو مكان التقاء المسلمين وتوطيد العلاقات بين الأخوة، ويُعدّ مدرسة لتعليم المسلمين أمور حياتهم الدينية والدنيوية، فالمسجد يقوي وينمي الروابط والأواصر بين المسلمين، ويساوي بينهم، ويتعاون فيه المسلمون على البرّ والتقوى دون النظر إلى الفوارق الطبقية التي بينهم، بل كان المسجد أيضًا مكانًا لإعلان أفراح المسلمين، ومكانًا لتربية الأطفال، ومأوى للفقراء وعابري السبيل، وقبل ذلك فهو مكان يعبد فيه المسلمون ربهم، ويحافظون على إيمانهم، ويقوون علاقتهم بربهم.

وفي مسجد قباء نزل قول الله تعالى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}(التوبة: من الآية108)، وفيه: دليلٌ على فضيلة مسجد قباء، وفضل أهله لصلاح نيتهم ـ رضي الله عنهم.

حتى تقوم الدولة الإسلامية على ركائز سليمة وأسس سليمة اَخى أسعد الخلق الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين و الأنصار، لو لم يُشر القرآن الكريم إلى قصّة المؤاخاة التي جرت بين المهاجرين والأنصار، ولو لم تدعمها النصوص النبوية الصحيحة والشواهد التاريخية الموثّقة، لربما ظننا أنها قصّة من نسج الخيال. وذلك لأن أحداثها فاقت كل تصور، محولة النظريات المثالية إلى واقع ملموس. في ظلها، قدّم الصحابة نماذج من التفاني والتضحية لم يسبق لها مثيل في تاريخ الأمم، مما يدفعنا للتأمل في دروسها واستخلاص عبرها، تبدأ القصة عندما خرج المهاجرون من مكة المكرمة إلى أرض جديدة وظروف مختلفة. نتج عن هذه الرحلة عدد من التحديات الجديدة، أبرزها الشعور بالغربة، ومفارقة الأهل والديار، وترك الأموال والممتلكات في مكة، والتكيف مع الوضع المعيشي والاقتصادي الجديد، بالإضافة إلى الآثار الصحية الناجمة عن الانتقال المفاجئ، مما أدى إلى ظهور أمراض مثل الحمى بينهم. كل هذه الظروف شكلت ضغوطًا نفسيةً كبيرةً، استوجبت حلولًا جذرية  سريعة لتعويض المهاجرين عما فقدوه في غربتهم، وإعادة كرامتهم، وإشعارهم بأنهم لن يكونوا عبئًا على إخوانهم الأنصار.

أول عمل قام به النبي  صلى الله عليه وسلم بعد بناء المسجد كان تشريع نظام المؤاخاة في دار أنس بن مالك. كانت المؤاخاة رابطة تجمع بين المهاجرين والأنصار، تقوم على أساس العقيدة، وتعزز مشاعر الحب والمودة، والنصرة والحماية، والمواساة بالمال والمتاع. المؤاخاة كانت أخص من الأخوة العامة بين المؤمنين، لأنها منحت المتآخين حق التوارث دون صلة قرابة، كما في قوله تعالى: {ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم} (النساء: 33).

استمر العمل بالتوارث حتى ألف المهاجرون المدينة و اندمجوا في مجتمع المدينة المنورة، وفتح الله لهم صنوف الرزق، فنسخ الله هذا الحكم في قوله تعالى: {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله} (الأنفال: 75). مع بقاء النصرة، وتبادل العطايا، والنصيحة، وغيرها من معاني الأخوة.

تذكر مصادر السيرة أسماء بعض الذين آخى بينهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، مثل: أبي بكر وخارجة بن زهير، عمر بن الخطاب وعتبان بن مالك، أبي عبيدة بن الجراح وسعد بن معاذ، الزبير بن العوام وسلامة بن سلامة بن وقش، طلحة بن عبيد الله وكعب بن مالك، مصعب بن عمير وأبو أيوب خالد بن زيد، وآخرين بلغوا تسعين صحابيًا.

المؤاخاة لم تعتبر الفوارق القبلية أو الطبقية، بل جمعت بين القوي والضعيف، الغني والفقير، الأبيض والأسود، الحر والعبد. بذلك، انتصرت هذه الأخوة على العصبية القبلية والجنسية و العرقية، وحلت محلها الرابطة الإيمانية والأخوة الدينية.سجل التاريخ مواقف مشرقة نشأت في ظل هذه الأخوة، مثل ما حدث بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع رضي الله عنهما، حيث عرض سعد على عبد الرحمن نصف ماله، بل خيّره بين إحدى زوجتيه. لكن عبد الرحمن شكره وطلب منه دلالة على أسواق المدينة، حتى أصبح من الأغنياء.

عرض كثير من الأنصار على النبي  صلى الله عليه وسلم تقسيم الأراضي الزراعية بينهم وبين المهاجرين، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أشار عليهم بمواساة دون إضرار بأملاكهم، مما أثار إعجاب المهاجرين. حتى أنهم قالوا: "ما رأينا قومًا قدمنا عليهم أحسن مواساة في قليل، ولا أحسن بذلًا في كثير منهم". مدح الله الأنصار بقوله: {والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} (الحشر: 9).

وقد حفظ النبي  صلى الله عليه وسلم فضل الأنصار، فقال: (لو أن الأنصار سلكوا واديًا أو شعبًا، لسلكت في وادي الأنصار) رواه البخاري. وبيّن حبه لهم بقوله: (الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق؛ فمن أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله) رواه البخاري. ودعا لأولادهم وذرياتهم بالصلاح، وقال: (اللهم اغفر للأنصار، ولأبناء الأنصار، ولأزواج الأنصار، ولذراري الأنصار) رواه أحمد. وأضاف: (لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار) رواه البخاري.


الدروس المستفادة من الهجرة:

الهجرة النبوية تحمل في طياتها العديد من الدروس والعبر التي يمكن أن نستفيد منها في حياتنا اليومية والدينية. إنها ليست مجرد حدث تاريخي، بل هي منهج ودستور لحياة المسلمين. من أبرز هذه الدروس:

1- التوكل على الله والثقة في نصره:

الهجرة النبوية تعلمنا ضرورة التوكل على الله في جميع أمور حياتنا. النبي صلى الله عليه وسلم  وأبو بكر الصديق رضي الله عنه عندما كانا في غار ثور، اعتمدا كليًا على الله تعالى رغم الخطر المحدق بهما. وقد جاء في القرآن الكريم: {إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا} (التوبة: 40).


2- التخطيط والأخذ بالأسباب:

على الرغم من توكل النبي  صلى الله عليه وسلم الكامل على الله، إلا أنه خطط للهجرة بعناية فائقة، وأخذ بكل الأسباب المتاحة لضمان نجاحها. اختار الوقت المناسب، وأعد زاد الطريق، واستعان بدليل ماهر. وهذا يوضح أن الإسلام يدعو إلى التوازن بين التوكل على الله والأخذ بالأسباب.

3- التضحية في سبيل الله:

الهجرة تجسد مفهوم التضحية بكل شيء من أجل الدين. الصحابة الكرام تركوا أموالهم وأهلهم وديارهم في سبيل الله. قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُولَٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (الأنفال: 72).

4- الصبر على البلاء والمحن:

الهجرة تعلمنا الصبر على البلاء والمحن. المهاجرون تحملوا الصعاب والمخاطر في سبيل دينهم. وقد أثنى الله على الصابرين في مواضع كثيرة من القرآن، منها قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (البقرة: 155).

5- التكافل الاجتماعي والتعاون:

أظهر الأنصار روح التعاون والتكافل عندما تقاسموا مع المهاجرين ممتلكاتهم، وشاركوا معهم في كل شيء. قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" (رواه البخاري ومسلم).

6- الإيمان بالقضاء والقدر:

الهجرة تعزز فينا الإيمان بالقضاء والقدر. فرغم كل الصعوبات، كان النبي  صلى الله عليه وسلم مطمئنًا إلى أن الله سيحفظه وينصره. قال تعالى: {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (التوبة: 51).


خاتمة:

إن هجرة نبينا صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، شرفٌ عظيمٌ ومنزلةٌ ساميةٌ نالها المهاجرون، وهذه الهجرة المباركة ليست حدثًا عاديًّا، وإنما هي رمز للتضحية والفداء من أجل الإسلام. وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد النبي العربي الأمين وعلى اَله وصحبه أجمعين وسلم تسليماً كثيراً.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بالصور.. اليوم التعريفي لصيدلة "مصر للعلوم والتكنولوجيا"

  عقدت كلية الصيدلة والتصنيع الدوائي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا فعاليات (اليوم التعريفي للطلاب الجدد orientation day) تحت رعاية  خالد الطوخي رئيس مجلس الأمناء والدكتور نهاد المحبوب القائم بعمل رئيس الجامعة والدكتورة رحاب عبدالمنعم عميد كلية العلوم الصيدلية والتصنيع الدوائي. وشهدت الفعاليات حضور  الدكتورة مها عيسي وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث والدكتورة ولاء حمادة وكيلة الكلية لشئون التعليم والطلاب ومدير وحدة ضمان الجودة بالكلية؛ وحضور رؤساء الأقسام بالكلية وأعضاء من هيئة التدريس والهيئة المعاونة، والدكتور الحسيني الجندي رئيس قسم العقاقير ومقرر لجنة رعاية الطلاب، والدكتورة ندى لبيب؛ عميد المكتبات ومستشار رئيس مجلس الأمناء. وقام أعضاء الاتحاد العام لطلاب كلية العلوم الصيدلانية والتصنيع الدوائي بعرض الأنشطة المختلفة التي يقوم بها الاتحاد واللجان المختلفة، فضلا عن  تكريم الأوائل من الطلاب بكل دفعة بلائحة pharm D ولائحة pharm D clinical بجائزة شهادة  الدكتورة سعاد كفافي للتفوق العلمي، وأخيرا تكريم اللجنة المنظمة لفعاليات الاحتفالية. يذكر أن الفعاليات شهدت مشاركة كل من المهند

د. حنان شكري تكتب عن قضايا إثبات النسب

  د.حنان شكري أستاذ الأدب المساعد كلية اللغات والترجمة في الآونة الأخيرة طرقت مسامع المصريين كلمات جديدة، دخيلة على عاداتهم وتقاليدهم، من أمثلة ذلك: عبارة إثبات النسب، وبالتالي اكتظت أروقة محاكم الأحوال الشخصية بقضايا تُرفع لإثبات النسب، أو لعدمه، وفي حقيقة الأمر لابد أن هناك أسبابا عديدة لتلك الظاهرة، لعل أهمها غياب الدين وإهمال القيم والمبادئ التي تربينا عليها منذ الصغر، هذه المفردات الغريبة على المجتمع المصري تنذر بشر مستطير، إذا لم تتصد لها كل الجهات المسئولة، وأولها الأزهر الشريف، والمجالس التشريعية والنيابية، علاوة على دور الأسرة؛ فهي المسئول الأول عن هذا الكيان. إنه من الموجع حقا أن نجد تلك القضايا معلنة من ذويها على السوشيال ميديا، دون خجل أو حياء، وعلاوة على أنها قضايا تمس الشرف؛ فهي تؤذي نفوسا بريئة، تؤذي أطفالا صغارا ليس لهم ذنب أو جريرة، وإنني أتساءل: هل اغتيال شرف طفل وسمعته يساوي لحظات لذة محرمة عابرة؟!  والمؤسف أن مثل هذه القضايا يمتد لسنوات، فماذا جنى هؤلاء الصغار، ليكبروا فيجدوا أنفسهم على تلك الحالة بين أم تسعى لإثبات نسب وأب يتنكر لهذا النسب. وإنني كإنسانة ومواطنة مص

رحلة مريض في مدينة غنيم

  بقلم/ شريف محمد الأزهري على بعد حوالي 140 كم من القاهرة وتحديدا في أجمل محافظات مصر حيث مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية يوجد مركز المسالك البولية والكلى العالمي التابع لجامعة المنصورة، ودائما يقال في الأمثال "ليس من رأى كمن سمع". إنه شيء أشبه بالمعجزة، ومن ساقته الظروف لزيارة المكان في المنصورة لخرج حامدا شاكرا أنعم الله، ولعرف قيمة الوقاية والغذاء السليم الخالي من المواد الحافظة، فضلا عن قيمة الصحة والعافية. حصل المركز على المرتبة الأولى على مستوى العالم فيما يتعلق بأمراض الكلى والمسالك البولية حيث تخطى مركز سان فرانسيسكو بالولات المتحدة الأمريكية وذلك منذ عام 2015 إلى الآن. وظل محتفظا بالتصنيف رقم 2 على مستوى العالم فيما يتعلق بأمراض الكلى والمسالك لأعوام طويلة. وجامعة المنصورة نموذج فريد بين جامعات مصر، وتتصدر أبحاثها المجلات والصحف العلمية المحكمة. قُدر لي أن أصلي الجمعة مع الدكتور محمد غنيم الذي يتابع يوميا تلاميذه وجنوده الذين يعملون مستهدفين من المنصورة أن تكون "مدينة طبية عالمية على أرض مصرية". الدكتور غنيم يوقر الكبير ويحترم الصغير وفي ذات ا