التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المسجد والهيكل والمزاعم الصهيونية



بقلم/ أ.د. محمد رضا عوض

تكررت فى الأيام والأسابيع الأخيرة الاعتداءات الهمجية غير المسئولة على ساحة المسجد الأقصى الشريف من مسئولين فى الحكومة الصهيونية اليمينية المتطرفة وكان آخرها اقتحام وزير الأمن القومى الإسرائيلى (بن غفير) ساحة المسجد الأقصى فى حراسة الشرطة الإسرائيلية وتصريحاته العلنية المستفزة للعالم الإسلامى بالاستعداد لإقامة معبد يهودى بها بادعائهم أن هذا المكان هو المكان الذى كان يوجد به هيكل سليمان.


ويعلم الصهاينة جيدا أن هذا ادعاء كاذب، فمنذ الاستيلاء على القدس والحرم القدسى الشريف عام 1967م قام العديد من علماء الآثار الإسرائيليين والأوروبيين والأمريكيين بعمل الحفائر فى منطقة المسجد الأقصى الشريف بهدف العثور على بقايا هذا الهيكل المزعوم، فلم يجدوا أى أثر له فى منطقة المسجد الأقصى.


وقد ذكر عالم الآثار اليهودى إسرائيل فلنكشتاين وكذلك صرح عالم الآثار الأمريكى جوردن فرانز بأن علماء الآثار لم يعثروا على أى شواهد أثرية تدل على وجود الهيكل فى منطقة المسجد الأقصى، كما أن مائير بن دوف عام 2019، وهو أحد أشهر علماء الآثار فى إسرائيل والذى قاد فى الماضى الحفريات قرب الحرم القدسى الشريف، نفى وجود بقايا الهيكل تحت الحرم القدسى الشريف.


والحرم القدسى هو الذى يقع فى جنوب شرق مدينة القدس والتى تعرف بالبلدة القديمة والتى لها سور يحيط بها. وتبلغ ساحة الحرم حوالى 144000 متر مربع، وعدد المعالم به يصل عددها إلى 200 معلم منها الجامع القبلى والذى أمر ببنائه الخليفة (عمر بن الخطاب) رضى الله عنه عام 636م، ومسجد قبة الصخرة وهو المبنى المثمن ذو القبة الذهبية والذى بناه الخليفة عبد الملك بن مروان عام 691م وسميت بهذا الاسم نسبة إلى الصخرة التى تقع داخل المبنى والتى عرج منها النبى (محمد صلى الله عليه وسلم) فى ليلة الإسراء والمعراج، ومصلى باب الرحمة والمصلى المروانى والقباب والمصاطب والأروقة وأسبلة الماء والحدائق والساحات الواسعة، وغيرها من المعالم، وعلى أسواره المآذن. 

ويوجد فى سور المسجد الأقصى أيضا بقايا الآثار اليبوسية التى لا تزال باقية إلى اليوم. واليبوسيون هم قبيلة كنعانية يرجع تاريخها إلى 3000 ق.م)، وهم الذين بنوا مدينة القدس وأسموها أورشليم (مدينة السلام)، قبل هجرة أبى الأنبياء سيدنا إبراهيم من مدينة (أور) بأرض العراق إلى القدس بأكثر من ألف عام، أى أن القدس ليست مدينة يهودية. 

وقد حاول الصهاينة فى القرن الماضى السيطرة على (حائط البراق) عام 1929م، والذى يطلقون عليه (حائط المبكى) وزعموا أنه جزء من هيكل سليمان، وكانت فلسطين فى ذلك الوقت تحت الحماية البريطانية والتى أرسلت لجنة برئاسة (سير والتر شو) للتحقيق فى الأحداث التى وقعت بين الفلسطينيين والمستوطنين الصهاينة، ثم تم الاحتكام إلى عصبة الأمم والتى تمثل الأمم المتحدة قبل الحرب العالمية الثانية)، والتى أقرت أن للمسلمين وحدهم تعود ملكية هذا الحائط باعتباره جزءا لا يتجزأ من مساحة الحرم الشريف، (تقرير اللجنة المقدم لعصبة الأمم عام 1930م) .


وفى يوم 14 أكتوبر 2016، اتخذت لجنة البرامج والعلاقات الخارجية فى المجلس التنفيذى لمنظمة اليونسكو قرارًا جاء فيه أن المنظمة تعتبر المسجد الأقصى أحد المقدسات الإسلامية، ومستنكرة اقتحامه المتكرر من قبل بعض المتطرفين الإسرائيليين ومن قبل الجيش الإسرائيلى وبدون ذكر وجود أى علاقة تاريخية بين اليهود والمسجد، وهذا يعتبر تأكيدا دوليا أن القدس منطقة محتلة، وعلى إسرائيل التفاوض بشأنها. 

وهناك سؤال مهم جدا وهو أين يقع الهيكل المزعوم من ساحة المسجد الاقصى؟ فقد ذكر البروفيسير الأمريكى المشهور أرنيست مارتين الذى كتب أبحاثه على موقع معبد سليمان التاريخى فى كتاب سمى (المعبد الذى أنساه أورشليم) عام 1998م أن معبدالهيكل يبعد نحو خمسمائة متر عن قبة الصخرة والحرم الشريف حيث يوجد (نبع جيهون)، وحيث أنه هو النقطة الأساسية التى تحدد موقع معبد سليمان لأن (العهد القديم) يدلنا أن نبع جيهون هو الدليل الرئيسى الذى يشير إلى وجود موقع معبد سليمان، كما أن الكثير من علماء الآثار من اليهود أنفسهم رجحوا هذا نظرًا لأن اليهود كانوا بحاجة إلى عين مياه طبيعية، للطهارة قبل دخول الهيكل، وأن منطقة المسجد الأقصى لا يوجد فيها عين ماء أبدًا. 

فيجب على الدول الاسلامية أن تبين هذه الحقائق للعالم أجمع، واتخاذ موقف دولى رسمى موحد والاحتكام إلى الهيئات القضائية الدولية للحصول على حكم قضائى منها وإحياء للتقرير التى توصلت إليه اللجنة السابقة برئاسة (سير والتر شو البريطانى) والمقدم لعصبة الأمم عام 1930م)، بأن للمسلمين وحدهم تعود ملكية المسجد الأقصى، وأيضا بعدم المساس بالمسجد الأقصى من قبل المتطرفين الصهاينة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بالصور.. اليوم التعريفي لصيدلة "مصر للعلوم والتكنولوجيا"

  عقدت كلية الصيدلة والتصنيع الدوائي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا فعاليات (اليوم التعريفي للطلاب الجدد orientation day) تحت رعاية  خالد الطوخي رئيس مجلس الأمناء والدكتور نهاد المحبوب القائم بعمل رئيس الجامعة والدكتورة رحاب عبدالمنعم عميد كلية العلوم الصيدلية والتصنيع الدوائي. وشهدت الفعاليات حضور  الدكتورة مها عيسي وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث والدكتورة ولاء حمادة وكيلة الكلية لشئون التعليم والطلاب ومدير وحدة ضمان الجودة بالكلية؛ وحضور رؤساء الأقسام بالكلية وأعضاء من هيئة التدريس والهيئة المعاونة، والدكتور الحسيني الجندي رئيس قسم العقاقير ومقرر لجنة رعاية الطلاب، والدكتورة ندى لبيب؛ عميد المكتبات ومستشار رئيس مجلس الأمناء. وقام أعضاء الاتحاد العام لطلاب كلية العلوم الصيدلانية والتصنيع الدوائي بعرض الأنشطة المختلفة التي يقوم بها الاتحاد واللجان المختلفة، فضلا عن  تكريم الأوائل من الطلاب بكل دفعة بلائحة pharm D ولائحة pharm D clinical بجائزة شهادة  الدكتورة سعاد كفافي للتفوق العلمي، وأخيرا تكريم اللجنة المنظمة لفعاليات الاحتفالية. يذكر أن الفعاليات شهدت مشاركة كل من المهند

د. حنان شكري تكتب عن قضايا إثبات النسب

  د.حنان شكري أستاذ الأدب المساعد كلية اللغات والترجمة في الآونة الأخيرة طرقت مسامع المصريين كلمات جديدة، دخيلة على عاداتهم وتقاليدهم، من أمثلة ذلك: عبارة إثبات النسب، وبالتالي اكتظت أروقة محاكم الأحوال الشخصية بقضايا تُرفع لإثبات النسب، أو لعدمه، وفي حقيقة الأمر لابد أن هناك أسبابا عديدة لتلك الظاهرة، لعل أهمها غياب الدين وإهمال القيم والمبادئ التي تربينا عليها منذ الصغر، هذه المفردات الغريبة على المجتمع المصري تنذر بشر مستطير، إذا لم تتصد لها كل الجهات المسئولة، وأولها الأزهر الشريف، والمجالس التشريعية والنيابية، علاوة على دور الأسرة؛ فهي المسئول الأول عن هذا الكيان. إنه من الموجع حقا أن نجد تلك القضايا معلنة من ذويها على السوشيال ميديا، دون خجل أو حياء، وعلاوة على أنها قضايا تمس الشرف؛ فهي تؤذي نفوسا بريئة، تؤذي أطفالا صغارا ليس لهم ذنب أو جريرة، وإنني أتساءل: هل اغتيال شرف طفل وسمعته يساوي لحظات لذة محرمة عابرة؟!  والمؤسف أن مثل هذه القضايا يمتد لسنوات، فماذا جنى هؤلاء الصغار، ليكبروا فيجدوا أنفسهم على تلك الحالة بين أم تسعى لإثبات نسب وأب يتنكر لهذا النسب. وإنني كإنسانة ومواطنة مص

رحلة مريض في مدينة غنيم

  بقلم/ شريف محمد الأزهري على بعد حوالي 140 كم من القاهرة وتحديدا في أجمل محافظات مصر حيث مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية يوجد مركز المسالك البولية والكلى العالمي التابع لجامعة المنصورة، ودائما يقال في الأمثال "ليس من رأى كمن سمع". إنه شيء أشبه بالمعجزة، ومن ساقته الظروف لزيارة المكان في المنصورة لخرج حامدا شاكرا أنعم الله، ولعرف قيمة الوقاية والغذاء السليم الخالي من المواد الحافظة، فضلا عن قيمة الصحة والعافية. حصل المركز على المرتبة الأولى على مستوى العالم فيما يتعلق بأمراض الكلى والمسالك البولية حيث تخطى مركز سان فرانسيسكو بالولات المتحدة الأمريكية وذلك منذ عام 2015 إلى الآن. وظل محتفظا بالتصنيف رقم 2 على مستوى العالم فيما يتعلق بأمراض الكلى والمسالك لأعوام طويلة. وجامعة المنصورة نموذج فريد بين جامعات مصر، وتتصدر أبحاثها المجلات والصحف العلمية المحكمة. قُدر لي أن أصلي الجمعة مع الدكتور محمد غنيم الذي يتابع يوميا تلاميذه وجنوده الذين يعملون مستهدفين من المنصورة أن تكون "مدينة طبية عالمية على أرض مصرية". الدكتور غنيم يوقر الكبير ويحترم الصغير وفي ذات ا