بقلم/ أ.د. محمد رضا عوض
منذ إعلان بن جوريون قيام دولة إسرائيل فى 15 مايو 1948 وبدء الصراع العربى الإسرائيلى وقيام الحرب الأولى بين جيش إسرائيل وجيوش الدول العربية بقيادة الجنرال الإنجليزى جلوب باشا والذى يواجه اتهامات تاريخية فى أثناء نكبة 1948 حيث يتهم بسوء إدارة القوات العربية ومساعدة اليهود في قيام دولتهم.
وهو ما يفسره إصراره على الموافقة على الهدنة الأولى بالرغم من تفوق الجيوش العربية حينذاك، والتي تسببت في تقوية جبهة اليهود وإضعاف الجبهتين الأردنية والمصرية مما أدى لخسارة العرب للحرب وقيام دولة إسرائيل، ونزوح مئات الآلاف من الفلسطينيين من منازلهم وبداية مشكلة اللاجئين الفلسطينيين.
ولرعاية هؤلاء اللاجئين قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتأسيس الأونروا في عام 1949 وتعنى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين، في الأردن، ولبنان، وسوريا، وقطاع غزة، والضفة الغربية، والقدس الشرقية، وفوضتها بمهمة تقديم المساعدة الإنسانية والحماية للاجئي فلسطين المسجلين في مناطق عمليات الوكالة إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم. وتعد الأونروا إحدى نتائج قرار مجلس الأمن (194) لعام 1948م الذي يعد أحد الثوابت القانونية والمادية لدعم حق العودة للاجئين الفلسطينيين. وتعد الأونروا ايضا أكبر منظمة إنسانية مسئولة عن الاستجابة الإنسانية للاحتياجات الأساسية للفلسطينيين لاسيما ما يتعلق بالمأوى والغذاء والرعاية الصحية الأساسية. ومنذ هذا التاريخ والوكالة تقوم بعملها خير قيام وأنشأت خدمات عديدة، ففى قطاع غزة قامت الوكالة بتزويد سكان غزة بكل شيء بدءًا من الغذاء والرعاية الصحية وحتى التعليم والدعم النفسي على مدى عقود. ولنجاحها فى مهمتها، عملت الجمعية العامة للأمم المتحدة وبشكل متكرر على تجديد ولاية الأونروا، وكان آخرها تمديد عملها لغاية 30 يونيو2026.
ومنذ اندلاع أحداث 7 أكتوبر 2023 تعرضت وكالة الأونروا لخسائر فادحة من جراء الاعتداءات الإسرائيلية علي مرافقها والتي تسببت في مقتل ما لا يقل عن 223 من موظفيها وتدمير ثلثي مرافقها في قطاع غزة وقدمت المنظمة منذ أحداث 7 أكتوبر 2023 نحو 145 تقريرا عن الوضع في فلسطين عموما وغزة خصوصا وهو ما يوثق الانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة، وهو ما أغضب حكومة نيتانياهو، ووجهت إسرائيل اتهامات لبعض موظفي الأونروا في قطاع غزة بضلوعهم في هجوم 7 أكتوبر 2023، والذى لم تؤكده التحقيقات التى تمت فى هذا الاتهام . وبالرغم من التطهير العرقى الذى تقوم به إسرائيل لسكان غزة على مدى أكثر من عام، وتشريد أغلب سكان القطاع، أقر الكنيست الإسرائيلي 28/10/2024 مشروعي قانون.. الأول: مشروع قانون يحظر نشاط أونروا داخل إسرائيل، في سابقة تؤدي إلى حظر أنشطة الوكالة داخل إسرائيل.
والثاني: مشروع قانون يحظر الاتصال وقطع العلاقات مع الوكالة الأممية الأونروا وتصنيفها كمنظمة إرهابية، ويحظر العلاقات بين المسئولين الإسرائيليين والوكالة ويجرد موظفيها من حصانتهم القانونية. واعترضت أكثر دول العالم على هذا القرار، حيث أعلنت مصر ان ذلك القرار يعد سابقة خطيرة على الصعيد الدولي وجزءاً من سلسلة طويلة من الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي وتعكس استخفافاً مرفوضاً بالمجتمع الدولي والأمم المتحدة حيث تأسست وكالة الأونروا بقرار أممي عام 1949، وبالتالي فإن مسئولية الإبقاء عليها تعود إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وجددت الدولة المصرية رفضها المطلق للممارسات الإسرائيلية كافة الهادفة إلى تهجير السكان الفلسطينيين من أراضيهم، وتصفية حق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين. وأكد أعضاء مجلس الأمن الدولى أهمية الدور الحيوى الذى تلعبه وكالة الأونروا وستظل العمود الفقرى لجميع الاستجابات الإنسانية فى قطاع غزة، وأنه لا يمكن لأى منظمة أن تحل محل هذه المنظمة أو تستبدل قدرة الأونروا وتفويضها لخدمة اللاجئين الفلسطينيين والمدنيين المحتاجين بشكل عاجل إلى مساعدات إنسانية منقذة للحياة، كما جددت 123 دولة دعمها للأونروا بوصفها الهيئة الأممية المنوط بها الدفاع عن وحماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين.
وأخيرا سنرى فى القريب العاجل هل ستخضع إسرائيل للضغوط الدولية أم تستمر فى عدوانها المروع على الشعب الفلسطينى ورفضها النداءات الدولية.
تعليقات
إرسال تعليق