بقلم المستشارة/ شيماء سحاب
المحامية بالنقض
نعم، ثمة رجال يتعاملون بالقسوة فقط: أب يقهر حياة أولاده، وزوج يجعل بيت الزوجية جحيمًا لزوجته، وجار يفتك بالجار. صور القسوة كثيرة ومتعدِّدة، وما يترتب عليها من عقد نفسية وأمراض صحية ونفسية للأطفال والزوجة لا يُحمد عقباه.
الأطفال الذين يكبرون في بيت فيه أب قاسٍ لا ينشئون أطفالًا أَسوياء بالضرورة؛ فالقسوة المستمرة تُدمِّر نفوس أفراد الأسرة؛ ذلك أن البيت الذي هو نواة المجتمع الآمن ينبغي أن تسكنه الطمأنينة. القسوة تُولِّد الخوف والرغبة في الانتقام، وقد تَثمر إما شخصية ضعيفة الإرادة أو شخصية انتقامية متصلبة — وفي الحالتين تُصبح حياة الأسرة بعيدة كل البعد عن السعادة والاستقرار. فالأب الذي يظن أنه «يؤدّب» بالقسوة، يرتكب خطأ فادحًا، والطفل الذي ينشأ في محيط مفعم بالحب والحنان يكون فردًا راقٍ واثقًا من نفسه، بينما الطفل الذي ينشأ في جو يحيط به الخوف والتوتر فعادة ما يفتقد المشاعر الإنسانية وبالتالي تتعطل فرصته في بناء مجتمعه أو حتى الإسهام في بناء بيت صحي منتج ومفيد.
وأمامنا نموذج الزوجة التي نالت قسوة زوجها فنجدها تعاني أزمات يومية؛ تفتقد الحب والأمان، وقد تصاب بأمراض جسدية أو اكتئاب يتطلب علاجًا نفسيًا وأحيانًا أدوية. إنها قد تُصبح مجرد «كائن يعيش لكي يأكل ويشرب وينام»، بلا دور يذكر في الحياة، أو تصبح في حالة نفسية تدفعها إلى البحث عن التعويض خارج إطار الزواج، فتنزلق إلى علاقات محرَّمة تكون نتيجتها خرابٌ للأسرة وفضيحة للعائلة وفسوق عن الدين وهدر لحقوق الأطفال.
وهنالك نماذج لنساء أخريات يلجأن إلى الطلاق لِقُبح العشرة واستحالة البقاء مع الزوج القاسي، بما يعني تفكك الأسرة وتحميل الأطفال من الأعباء العاطفية والاجتماعية الأمر الذي لا يمكنهم من استكمال طفولتهم وبراءتهم الطبيعية.
لذلك أناشد كل أبٍ وزوجٍ: اتقِ الله في بيتك، واحفظ قلب أم أولادك بلطفك وحنانك. الأطفال لا ذنب لهم في حياة متوترة وأجواء كلها خصام ومشاحنة بسببك. أنت بيدك أن تصنع الحب وتمنح الحياة طعمها؛ أنت بيدك أن تربي أولادك على الحنان والحب والمشاعر الإيجابية. السعادة ليست مالًا فقط، بل هي المعاملة الحسنة، والمودة، والرحمة. الحب يولد حبًا؛ والقسوة تولد قسوة وخرابًا.
نصائحي للزوج القاسي الآن مع بعض الإرشادات العملية:
-
اعترف بالمشكلة أولًا: الاعتراف نصف العلاج.
-
اطلب المساعدة: مستشار أسري، علاج سلوكي، أو واعظ ديني.
-
تعلم مهارات التحكم في الغضب: تمارين تنفس، فترات تهدئة قبل الكلام الحاد.
-
حاور زوجتك وشاركها في معالجة مشكلتك ولو بالإصلاح التدريجي.
-
إياك أن تحول عنفك من عنف لفظي إلى عنف جسدي أو تهديد شديد يلجىء زوجتك إلى جهات الحماية القانونية فربما ينتج عن ذلك تداعيات تؤثر على استقرار الأسرة.
-
اجعل من روتينك اليومي التعبير عن الامتنان والمودة لزوجتك (ابتسامة وجه بشوش، تحية صباح، لمس خفيف، كلمات طيبة).
في النهاية: أيها الزوج، لا تنتظر الكارثة لتتحرك. إنّ بيتك مرآةٌ لتعاملك وأخلاقك؛ فكن صاحب فضلٍ على زوجتك وكل مَنْ تعول، ولا تكن سبب هدمٍ وكسر نفوس برئية. حاول امتلاك المفتاح الذي يفتح أبواب السعادة حتى تعم وتغمر أفراد أسرتك.

تعليقات
إرسال تعليق