بقلم/ د. نجلاء الورداني
لم تعد الغيرة بين الزوجات مجرّد همس مكتوم أو نظرات حادة خلف الأبواب المغلقة؛ بل تحوّلت في بعض البيوت المصرية إلى صرخة مدوية تهز الجيران وتصل إلى دفاتر الشرطة.
من منافسة صامتة على قلب رجل واحد، إلى مشادات كلامية حادة، ثم إلى عراك ترتفع فيه الأيادي وتفحش الألفاظ، قبل أن يسقط أحدهم ضحية... قد تكون الزوجة الأخرى، أو الزوج نفسه، وأحيانًا الأبناء الذين يُستَخدمون كورقة انتقام بين المتصارعات.
قصص الجرائم التي تملأ صفحات الحوادث وساعات البث الفضائي لا تبدأ عادة بسكين أو سمّ، بل بشرارة صغيرة: كلمة قاسية، نظرة غيظ، أو إحساس بالظلم وعدم المساواة؛ إنها الشرارة التي تنتج حريقا في بيت يفتقد الحوار والتوازن العاطفي، وربما يتفاقم أوار هذا الحريق فلا يجد مَنْ يطفئة.
علماء الاجتماع يربطون الأمر بخلل في بنية الأسرة نفسها: غياب الاستقرار، تضارب الأدوار، إحساس النساء بعدم العدالة. وفي غياب العلاج النفسي والاجتماعي، تتحول الغيرة من شعور إنساني طبيعي إلى غيرة مَرَضية تُهدّد أمن البيت والمجتمع معًا.
أمّا من جهة الأمن، فالأرقام تكشف عن جرائم أسرية تتكرر كل عام، وقصص متشابهة تكاد تصوغ نفسها: بيت كان يُفترض أن يكون ملاذًا آمنًا، فإذا به يتحول إلى مسرح جريمة.
ويبقى السؤال مفتوحًا: هل يكفي أن ننتظر يد العدالة بعد وقوع المأساة؟ أم أن الحل يبدأ مبكرًا، من جلسة حوار، أو استشارة أسرية، أو توعية مجتمعية تُعيد للغيرة معناها الطبيعي قبل أن تُصبح لعنة قاتلة؟
تعليقات
إرسال تعليق