قصة قصيرة بقلم/ عبد الرحمن هاشم
لماذا لا يجد أحدٌ السعادة التي يبغيها بعد زواجه؟ سؤال ظلّ يطاردني طويلًا وأنا أراقب صديقاتي وقريباتي، وأتذكّر تجربتي بمرارة. كنتُ أنا "المرأة الأخرى"، الوجه الخفيّ في حياة رجل متزوج.
كان يأتي إلى شقتي في ساعات مختلسة، يخلع همومه عند الباب، ويتقمّص دور العاشق الولهان. أعدّ له طعامًا يحبّه، يضحك، يغازلني، ثم يتركني مع بقايا آثاره. يصرف عليّ أحيانًا — نقود موسمية تكفي حاجتي ولا تكفي كرامتي — ثم يعود إلى بيته وزوجته وأولاده وكأنني نسيًا منسيا.
كان جوابه كصفعة. أدركت حينها أنني لستُ إلا مَهْربًا، أو "البديل المؤقت" لامرأته الأساسية.
مع الوقت اكتشفت أنني لا أحبه بصدق؛ إنما أتعلق بوهم وجوده المادي بجانبي. وحين يغيب، يتفجّر في داخلي غضب وكراهية له، بل لنفسي. كنت أراه ذا وجهين: رجلٌ وقور أمام المجتمع، وعاشقٌ مستهلك أمامي. وفي كل مرة كنتُ أنا الخاسرة وأنا المضحية.
كلماته الكاشفة كنت في أشد الحاجة إليها، كحاجة الجسد المحموم للماء البارد. فهمت أنني غريبة عن نفسي، وأنني أعيش ضد فطرتي. الحلال هو الأصل، والحرام لا يجلب إلا وجعًا وتعاسة.
جلستُ تلك الليلة أكتب: "من يحبّك لا يستغلك، ومن يريدك لا يخبّئك." ثم بكيت طويلًا، وفي بكائي شعرت بشيء من الراحة والاطمئنان.
اليوم، اخترت طريقًا آخر. لم أعد أبحث عن رجلٍ ضعيف يختبئ من النور، ولا أنتظر وعود الليل التي تسيح في ضوء النهار. اخترت نفسي، وربي، وعملي. وأقول لكل امرأة: لا تقبلي أن تكوني ظلًّا في حياة أحد، فالظلّ سرعان ما يزول.
تعليقات
إرسال تعليق