التخطي إلى المحتوى الرئيسي

التكنولوجيا بين الراحة والضغط النفسي .. الراحة الرقمية بثمن نفسي



بقلم/ د. نرمين نصر

شهد العالم خلال العقود الأخيرة ثورة تكنولوجية غير مسبوقة، غيّرت أسلوب حياتنا بشكل جذري، وسهلت علينا العديد من الأمور اليومية. من الهواتف الذكية إلى الإنترنت والذكاء الاصطناعي، أصبحت التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، تقدم لنا الراحة والسهولة في التواصل والعمل والترفيه.


من ناحية الراحة، قدمت التكنولوجيا حلولاً مبتكرة لتوفير الوقت والجهد. فقد أصبح بإمكاننا التواصل مع الآخرين حول العالم في ثوانٍ معدودة، وإجراء المعاملات البنكية من منازلنا، ومتابعة الأخبار لحظة بلحظة، فضلاً عن تطوير مجالات التعليم عن بعد والعمل عن بعد، مما منحنا مرونة أكبر في حياتنا اليومية. كما ساهمت التطبيقات الصحية والرياضية في متابعة حالتنا الصحية واللياقية بسهولة ودقة.


ولكن في المقابل، أثبتت الدراسات أن الاستخدام المفرط للتكنولوجيا قد يولّد ضغوطًا نفسية على الأفراد. فقد ارتبطت الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي بزيادة القلق والاكتئاب، خاصة بين الشباب. فالإفراط في متابعة الإشعارات والرسائل يخلق شعورًا دائمًا بالانشغال وعدم القدرة على الانفصال عن العالم الرقمي، بينما تؤدي المقارنات المستمرة على منصات التواصل إلى تدهور الثقة بالنفس والشعور بالنقص.

كما أدى العمل المستمر على الأجهزة الرقمية إلى متلازمة "الإرهاق الرقمي"، حيث يشعر الموظفون بالإرهاق الذهني والبدني والشعور بالعزله رغم التواصل الرقمي المستمر نتيجة الاستخدام المفرط للبريد الإلكتروني واجتماعات الفيديو، حتى خارج ساعات العمل الرسمية.


وهنا نجد أن الحل الأمثل يكمن في تحقيق توازن صحي بين الاستفادة من التكنولوجيا والحفاظ على صحتنا النفسية. فاعتماد قواعد واضحة مثل تخصيص أوقات محددة لاستخدام الأجهزة الرقمية، وممارسة الرياضة، والتواصل الواقعي مع الأصدقاء والعائلة، يمكن أن يقلل من الضغط النفسي ويجعل التكنولوجيا أداة للراحة لا عبئًا.


في النهاية، التكنولوجيا ليست عدوًا، بل وسيلة قوية لتحسين حياتنا، لكن مسئوليتنا تكمن في استخدامها بحكمة، بما يضمن تحقيق الفائدة القصوى دون الإضرار بصحتنا النفسية والجسدية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شهادة لا يجب أن تُؤجل

بقلم/ فاطمة صابر ردًا على منشور قديم نُشر عن د. أنس عطية، وما زال أثره حيًا، [انظر الرابط: https://alalamalyoumnews.blogspot.com/2024/02/blog-post_67.html ] أحب أقول: نعم، الكلمات التي كُتبت آنذاك عن د. أنس، أنا لم أقرأها فقط، بل عشتها. في سنة واحدة فقط، في مقرر واحد، شعرت كأنني أمام شخصية أب… رغم قلقي وخوفي في البداية، إلا أن تعامله العميق وأسلوبه الطيب احتواني، فشعرت بالأمان… الأمان الذي لا يُمثَّل، بل يُعاش. ولكن في زحمة الكلمات، هناك اسم آخر لا بد أن يُذكر، لا بد أن يُنصف، لا بد أن يُقدّر. اسم حين يُقال، ينحني له القلب قبل القلم… د. حنان شكري. قد أبدو لكم فتاة صامتة، لا تُكثر الكلام، وهذا صحيح… لكنني لست صامتة داخليًا. عقلي يعمل أكثر مما يظهر، ومشاعري تنبض من عمق لا يعرفه إلا القليل، ومن هذا العمق أكتب اليوم. د. حنان شكري ليست مجرد وكيلة لكلية، ولا حتى مجرد دكتورة… هي نموذج نادر من البشر، إنسانة تؤدي عملها كأنها تؤدي عبادة، وكأن التعليم أمانة كُتبت في رقبتها، لا تفرّط فيها مهما كانت التكاليف. رأيت فيها مثالًا لإنسان لا يسعى للمنصب، بل يسعى للصدق. لا تؤدي واجبها، بل تعيشه. لا تنتظر...

رأس المال الاجتماعي للمرأة

بقلم/ دلال عبد الحفيظ تحاول العديد من منظمات المجتمع المدني تبني إستراتيجيات تنموية من شأنها القيام بدور بارز في التحول من أهداف تحسين الحياة النوعية للنساء والحرفيات إلى تعزيز الميزة التنافسية والصورة الذهنية لمنظمات الأعمال والمستثمرين ورجال الأعمال من جماعات المصالح ذات الشراكات المتبادلة مع الشركات والمؤسسات المعنية.  لذا، كان لزامًا اتجاه مؤسسات الأعمال نحو تدريب المنتجين على مضاعفة الصادرات، وزيادة عدد ونوع عملاء المنظمة، والانفتاح الواسع علي الأسواق العالمية المتطورة، وتعزيز شراكات العمل، ومن ثم تجسيد الارتباط بين قوة رأس المال الاجتماعي من جانب وبين تنمية شبكة الأعمال الدولية، وترويج العلامة التجارية لمنظمات المجتمع المدني، وتنمية رأس المال الإنساني لصغار المنتجين. ونستعرض في السطور الآتية بعض النماذج التطبيقية الناجحة لاتباع مثل هذه المبادرات الجامعة بين المزيجين النظري والعملي؛  فبالتطبيق علي مؤسسة CHOL-CHOL التشيلية، جاءت مبادرة توظيف النساء الحرفيات في إنتاج منسوجات عالية الجودة بالأنماط التقليدية والشعبية القديمة لمواطني مدينة"مابوتشو"، وارتكزت الإستراتيجية على ج...

رسالة دكتوراة توصي بالتوطين المحلي لصناعة السيارات

حصل الباحث محمد جمال عبد الناصر؛ المدرس المساعد بقسم إدارة الأعمال، بكلية التجارة جامعة عين شمس على درجة دكتور الفلسفة في إدارة الأعمال؛ مع التوصية بتداول الرسالة مع الجامعات الأخرى، وذلك عن رسالته بعنوان "توسيط المسئولية الاجتماعية والتسويق الأخضر في العلاقة بين أخلاقيات الشركات المدركة والولاء للعلامة (دراسة ميدانية)" وتشكلت لجنة الحكم والمناقشة من الدكتور عبد القادر محمد، أستاذ التسويق بكلية التجارة جامعة المنصورة وعميد كلية التجارة جامعة المنصورة الجديدة" رئيسًا "، والدكتورة جيهان عبد المنعم، أستاذ التسويق بكلية التجارة ، ومستشار نائب رئيس جامعة عين شمس لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة" مشرفًا"، والدكتورة عزة عبد القادر، أستاذ التسويق بكلية التجارة جامعة عين شمس" عضوًا"، والدكتورة حنان حسين، مدرس إدارة الأعمال بكلية التجارة بجامعة عين شمس" مشرفًا مشاركًا". وأجرى الباحث دراسته بالتطبيق على المشتركين في مبادرة تحويل وإحلال المركبات للعمل بالطاقة النظيفة، موصيًا  بأهمية العمل على زيادة المكون المحلي في السيارات داخل مبادرة الإحلال؛ بما...