التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كيف تُحوِّل ربة المنزل منزلها إلى مشروع اقتصادي؟



بقلم/ د. إيمان شاهين 

في عالمٍ يتغيّر بسرعة وتزداد فيه التحديات الاقتصادية يومًا بعد يوم، لم تعد ربة المنزل مجرّد مديرة لشؤون البيت، بل أصبحت تمتلك القدرة على أن تكون منتجة، مبدعة، وصاحبة مشروع اقتصادي ناجح ينطلق من داخل منزلها. فالبيت اليوم لم يعد فقط مكانًا للراحة، بل يمكن أن يكون نواة لمشروع صغير يفتح أبواب الأمل والاستقرار للأسرة.


تبدأ الفكرة من الإيمان بالذات، فكل امرأة تمتلك مهارة أو موهبة يمكن أن تتحول إلى مصدر دخل. قد تكون تلك الموهبة في الطهي، أو الخياطة، أو صناعة الحلويات، أو إعداد الوجبات الصحية، أو حتى إعادة تدوير الأشياء البسيطة وتحويلها إلى منتجات مبتكرة. المفتاح الحقيقي هو الرغبة في التغيير والإصرار على النجاح، مهما كانت الإمكانيات محدودة.


بعد الفكرة تأتي مرحلة التخطيط والتنظيم. على ربة المنزل أن تضع تصورًا واضحًا لما تريد تقديمه، وتتعلم أساسيات إدارة الوقت، وحساب التكلفة والربح، والتسويق الذكي لمنتجاتها. اليوم لم تعد التجارة حكرًا على المحال والأسواق، فوسائل التواصل الاجتماعي أصبحت سوقًا مفتوحة يمكن من خلالها الوصول إلى آلاف العملاء من المنزل، دون تكاليف كبيرة.


ويُعتبر التسويق الإلكتروني أحد المفاتيح الذهبية لنجاح أي مشروع منزلي. فمن خلال تصوير المنتجات بطريقة جذّابة، والتفاعل مع الجمهور، وبناء الثقة مع العملاء، يمكن لربة المنزل أن تخلق لنفسها علامة مميزة ومتابعين دائمين لمنتجاتها. كما يمكنها الاستفادة من المنصات المجانية التي تتيح عرض المنتجات والخدمات بسهولة ويسر.


أما الدعم الأسري فهو ركيزة أساسية في هذا الطريق. نجاح أي مشروع يبدأ من داخل البيت بدعم الزوج والأبناء وتشجيعهم. وقد يشارك الأبناء في التصوير أو التغليف أو النشر، لتتحول التجربة إلى عمل جماعي يُنمّي روح التعاون والانتماء داخل الأسرة.


ولا يمكن أن نغفل جانب التمكين الاقتصادي للمرأة، فالمشروعات المنزلية تمنحها شعورًا بالقيمة والإنجاز، وتُسهم في تحسين الوضع المادي للأسرة، وتُعزّز مفهوم الاستدامة الأسرية من خلال الإنتاج والاستهلاك المسؤول. وعندما تعتمد الأسرة على منتج محلي من صنع أيديها، فهي بذلك تزرع قيم الاعتماد على الذات وتغرس في الأبناء روح الاجتهاد.


وفي النهاية، تحويل المنزل إلى مشروع اقتصادي ليس مجرد فكرة، بل هو أسلوب حياة يقوم على الإبداع، والإرادة، والتخطيط السليم. فكل بيت يمكن أن يكون مصنعًا صغيرًا للأمل، وكل ربة منزل قادرة على أن تكون قائدة في بيتها ومجتمعها، إذا آمنت بقدرتها وبدأت بخطوة واحدة صغيرة نحو النجاح.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شهادة لا يجب أن تُؤجل

بقلم/ فاطمة صابر ردًا على منشور قديم نُشر عن د. أنس عطية، وما زال أثره حيًا، [انظر الرابط: https://alalamalyoumnews.blogspot.com/2024/02/blog-post_67.html ] أحب أقول: نعم، الكلمات التي كُتبت آنذاك عن د. أنس، أنا لم أقرأها فقط، بل عشتها. في سنة واحدة فقط، في مقرر واحد، شعرت كأنني أمام شخصية أب… رغم قلقي وخوفي في البداية، إلا أن تعامله العميق وأسلوبه الطيب احتواني، فشعرت بالأمان… الأمان الذي لا يُمثَّل، بل يُعاش. ولكن في زحمة الكلمات، هناك اسم آخر لا بد أن يُذكر، لا بد أن يُنصف، لا بد أن يُقدّر. اسم حين يُقال، ينحني له القلب قبل القلم… د. حنان شكري. قد أبدو لكم فتاة صامتة، لا تُكثر الكلام، وهذا صحيح… لكنني لست صامتة داخليًا. عقلي يعمل أكثر مما يظهر، ومشاعري تنبض من عمق لا يعرفه إلا القليل، ومن هذا العمق أكتب اليوم. د. حنان شكري ليست مجرد وكيلة لكلية، ولا حتى مجرد دكتورة… هي نموذج نادر من البشر، إنسانة تؤدي عملها كأنها تؤدي عبادة، وكأن التعليم أمانة كُتبت في رقبتها، لا تفرّط فيها مهما كانت التكاليف. رأيت فيها مثالًا لإنسان لا يسعى للمنصب، بل يسعى للصدق. لا تؤدي واجبها، بل تعيشه. لا تنتظر...

رأس المال الاجتماعي للمرأة

بقلم/ دلال عبد الحفيظ تحاول العديد من منظمات المجتمع المدني تبني إستراتيجيات تنموية من شأنها القيام بدور بارز في التحول من أهداف تحسين الحياة النوعية للنساء والحرفيات إلى تعزيز الميزة التنافسية والصورة الذهنية لمنظمات الأعمال والمستثمرين ورجال الأعمال من جماعات المصالح ذات الشراكات المتبادلة مع الشركات والمؤسسات المعنية.  لذا، كان لزامًا اتجاه مؤسسات الأعمال نحو تدريب المنتجين على مضاعفة الصادرات، وزيادة عدد ونوع عملاء المنظمة، والانفتاح الواسع علي الأسواق العالمية المتطورة، وتعزيز شراكات العمل، ومن ثم تجسيد الارتباط بين قوة رأس المال الاجتماعي من جانب وبين تنمية شبكة الأعمال الدولية، وترويج العلامة التجارية لمنظمات المجتمع المدني، وتنمية رأس المال الإنساني لصغار المنتجين. ونستعرض في السطور الآتية بعض النماذج التطبيقية الناجحة لاتباع مثل هذه المبادرات الجامعة بين المزيجين النظري والعملي؛  فبالتطبيق علي مؤسسة CHOL-CHOL التشيلية، جاءت مبادرة توظيف النساء الحرفيات في إنتاج منسوجات عالية الجودة بالأنماط التقليدية والشعبية القديمة لمواطني مدينة"مابوتشو"، وارتكزت الإستراتيجية على ج...

رسالة دكتوراة توصي بالتوطين المحلي لصناعة السيارات

حصل الباحث محمد جمال عبد الناصر؛ المدرس المساعد بقسم إدارة الأعمال، بكلية التجارة جامعة عين شمس على درجة دكتور الفلسفة في إدارة الأعمال؛ مع التوصية بتداول الرسالة مع الجامعات الأخرى، وذلك عن رسالته بعنوان "توسيط المسئولية الاجتماعية والتسويق الأخضر في العلاقة بين أخلاقيات الشركات المدركة والولاء للعلامة (دراسة ميدانية)" وتشكلت لجنة الحكم والمناقشة من الدكتور عبد القادر محمد، أستاذ التسويق بكلية التجارة جامعة المنصورة وعميد كلية التجارة جامعة المنصورة الجديدة" رئيسًا "، والدكتورة جيهان عبد المنعم، أستاذ التسويق بكلية التجارة ، ومستشار نائب رئيس جامعة عين شمس لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة" مشرفًا"، والدكتورة عزة عبد القادر، أستاذ التسويق بكلية التجارة جامعة عين شمس" عضوًا"، والدكتورة حنان حسين، مدرس إدارة الأعمال بكلية التجارة بجامعة عين شمس" مشرفًا مشاركًا". وأجرى الباحث دراسته بالتطبيق على المشتركين في مبادرة تحويل وإحلال المركبات للعمل بالطاقة النظيفة، موصيًا  بأهمية العمل على زيادة المكون المحلي في السيارات داخل مبادرة الإحلال؛ بما...