صورة الدرويش من مُخيلة الحكَّاء الشعبي إلى مُخيلة السَّارد (قراءة في قصة "صلاة على ماء النهر") للأديب عبد الرحمن هاشم
أستاذة اللغويات بكلية الآداب في جامعة القاهرة
وأستاذة اللغويات بكلية اللغات الأجنبية في جامعة أوساكا باليابان
تبدأ قصة (صلاة على ماء النهر) للأديب عبد الرحمن هاشم بعنوان يجذب القارئ ويستحضر مشهدًا متكررًا؛ فطالما يرى الناس من يصلي ببقعة أرض بجوار ماء، أو يرونه في الأعمال السينمائية عبر شاشات العرض، وقد استقر هذا المشهد الروحاني في الوعي الجمعي، ولكن القارئ لا يستطيع أن يجزم، بعد قراءة عنوان هذه القصة، ما إذا كان الكاتب يقصد بالصلاة هنا أداء الفريضة، أم أنه يقصد الدعاء؟ أم أن العنوان يحمل دلالات أخرى سوف تكشف عنها أحداث القصة؟ فتثير القصة فضول القارئ، وتدفعه إلى متابعة القراءة.
تلوين
الزمن، والبناء الاستعاري
"في
فجرٍ غائم ٍ من نهايات نوفمبر 1980، ابتلع الضباب
الطريق، فانقلبت سيارة المعلم ساعي في مياه الترعة، فمات غريقًا. تناقل
الناس الخبر، ورأى بعضهم أنه شهيد، وزادوا في تمجيده بما عُرف عنه من إصلاحٍ بين
المتخاصمين وتجواله الدائم بين القرى كتاجرٍ للمواشي، لكنّ الأقدار لم تكن تنظر
إليه بعين الناس".
يضع السرد القارئ في قلب
مشهد مكثَّف لحادثة معلنة نهايتها، حيث تشير كل اختيارات الكاتب إلى التأكيد على
معنى الانتهاء. فمع نهاية اليوم، وكل شيء غائم وضبابي، ونهايات شهر نوفمبر، التي
جاءت بصيغة الجمع، تلون الفجر بالغيوم، فأصبح ضبابيًّا، وكان السير على طريق ضيق،
وهو طريق الترعة، مما تسبب في انقلاب السيارة في مياهها، وكان ذلك بعد أن تحول
الضباب إلى وحش مفترس يبتلع الطريق، فمات "المعلم ساعي" تاجر المواشي
غريقًا. وتناقل أهل القرية الخبر بسرعة شديدة، كعادة انتشار الأخبار في الأماكن
الصغيرة التي يعرف أهلها بعضهم البعض. فرأي بعضهم أنه شهيد، وربما ترجع تلك الرؤية
إلى ما استقر في الوعي الجمعي عن ارتباط الموت غرقًا بالشهادة في حديث للرسول صلى
الله عليه وسلم عن الشهداء ومكانتهم في الإسلام.
يتوقف القارئ أمام
اختيار الكاتب الفعل "ابتلع" في بناء الصورة المجازية "ابتلع
الضباب الطريق، فانقلبت سيارة المعلم ساعي في مياه الترعة"، ليستحضر صورة
البلع جزاء الظالمين الذين طغوا، كما في قوله تعالى: "فقيل يا أرض ابلعي
ماءك، ويا سماء اقلعي، وغيض الماء." (هود/44) على سبيل المشابهة مع ما ورد في
قصة نوح عليه السلام، وهلاك قومه بسبب ظلمهم وطغيانهم، وتجاوزهم حدود الله. وهو بناء
استعاري مكثَّف يتناص مع القرآن الكريم، يشير إلى قوة الضباب في ابتلاع الطريق،
وفي الوقت ذاته، فإن اختيار كلمة "الضباب" توحى بعدم وضوح الرؤية، وهو
معنى ينسجم بقوة مع ضبابية رؤية أهل القرية لشخصية "المعلم ساعي"، وتصورهم
أنه مات شهيدًا، بل ربما زادوا في تمجيده على سبيل المبالغة، وثقافة المبالغة هي
أيضًا من الثقافات المنتشرة في الأوساط الريفية. لقد استطاع الكاتب توظيف التشابه
بين أصوات الكلمتين (الصلاح)، و(الإصلاح) في بناء وصف شخصية "المعلم ساعي"،
فهو لم يكن من أولئك الأشخاص الذين عُرف عنهم الصلاح، وإنما عُرف عنه الإصلاح بين
المتخاصمين، وربما يرجع ذلك إلى تجواله الدائم بين القرى كتاجر للمواشي.
لقد نفى الكاتب هذه الرؤية الضبابية لدى بعض
الناس عن شخصية "المعلم ساعي"، معلنًا بكل يقين وتأكيد أن "الأقدار
لم تكن تنظر إليه بعين الناس". لقد وَحَّد الكاتب رؤية الناس لشخصية المعلم
ساعي تاجر المواشي عبر استخدام كلمة "عين" المفردة في عبارة "عين
الناس"، وكأن أهل القرية جميعًا لهم عين واحدة فقط، ولم يكن ذلك دلالة على
اتحاد الرأي فقط، وإنما كان الاكتفاء بعين واحدة فقط دالاً على عدم اكتمال الرؤية
الصحيحة، أو انتقاص الرؤية في تمييز حقيقة الشخصية، فهي بالفعل قاصرة عن نظرة
"الأقدار" التي حرص الكاتب على استخدام صيغة الجمع فيها مع كلمة
"الأقدار" للدلالة على تمايزها من شخص لآخر، وأن لكل إنسان قدره الذي
يستحقه جرَّاء أفعاله.
مرايا السِّر والعلانية
داخل كل
إنسان مساحات من المرايا بين السّر والعلانية، ودائمًا ما يحرص الكثير من الناس
على أن يظهروا بصورة إيجابية مثالية في عيون الآخرين، وهم يعرفون أن ما يمارسونه
عليهم هو من باب ارتداء الأقنعة الزائفة. إنه الصراع الدائم بين السِّر والعلانية،
أو بين ما يضمره الإنسان، وما يعلنه، أو بين ما هو مغمور في الأعماق لا يعرف عنه
أحد شيئًا، وما هو ظاهر يطفو على السطح، يعرفه العابرون.
يعود الكاتب مرة أخرى
إلى استخدام أداة التلوين في التأكيد على بشاعة الجريمة التي ارتكبها ذلك الرجل في
شبابه، "ففي أعماق سيرته ظلَّ سرّ أسود مطمورًا، حين اغتصب فتاة يتيمة،
فأنجبت منه بنتًا لا يعرفها أحد." ولم تكن تلك هي جريمته الشنعاء فقط، بل زاد
ظلمه وطغيانه عبر الزمن، مما جعله متراكمًا في الأعماق، فعندما "جاءته الأم
وابنتها بعد سنوات، يطلبان مأوى ورزقًا، فأدخلهما داره بحجة العمل، وأعطاهما
الحظيرة، لكنهما عاشتا بين مطرقة الحاجة وسندان بطشه، يستدعيهما متى شاء، ملوحًا
بالطرد والجوع حتى اُستعبدتا تحت قسوة لا يراها سواه."
يُحكِم تاجر المواشي
قبضته على الأم وابنتها؛ مما يجعل الكاتب يحاول ملاءمة هذا المعنى، باستخدام
التناص مع التعبير الاصطلاحي "بين المطرقة والسندان" بدلالته على شدة
السيطرة وقوة الإحكام، وعدم وجود منفذ للإفلات. فقد كانت الحاجة كمطرقة تعاود الضرب
بلا هوادة، وكان بطشه بمثابة السندان. وقد جاءت الفقرة كلها مُفعمة بالكلمات الثَّرية
مُنفتحة الدلالة، فاختيار الكاتب أن يكون عمل الشخصية هو تجارة المواشي يُلقي
بظلاله على انغماس الشخصية في الغرائز الحيوانية، وهو ما دفعها إلى فعل هذه
الجريمة الشنعاء مع الفتاة اليتيمة. أما عبارة "يستدعيهما متى يشاء"، فبالإضافة
إلى أن "فعل الاستدعاء" يحمل دلالة العبء وشدة الوطأة على النفس، فإنه أيضًا
يشير إلى انعدام الإرادة وعدم الرغبة في المثول. فضلاً عن أن فعل الاستدعاء منفتح
الدلالة على العديد من السياقات المضمرة التي لم يصرح بها الكاتب، بل ترك مهمة توقعها
ملقاة على عاتق القارئ. وفي الوقت نفسه، فإن استخدام زمن المضارعة في قوله
"يستدعيهما" يدل على تكرار عملية البطش، ومما يزيد المعلم ساعي قوة
وطغيانًا أن عملية الاستدعاء منقطعة عن القيود الزمانية والمكانية، بل أصبحت مرهونة
بمشيئته فقط.
نجح الكاتب في توظيف توارد
المفردات التي تندرج تحت حقل "الماشية"، عندما انتقى عبارة "تاجر
المواشي" للإيحاء بانغماس الشخصية في غرائزها الحيوانية، أما ورود كلمة "الحظيرة"،
في وصف الغرفة التي أعطاها لهما، وأنها بجوار الحظيرة، فله دلالته على ملازمة فعل
المحظور، وعدم مفارقته، فهو يستدعيهما متى شاء، حتى صارتا عبدتين تخشيان الطرد
والجوع، ترضخان تحت سطوته التي لا يراها سواه، فقد كان أهل القرية في عماء عن تلك
الفعلة الشنعاء، لا يرونها بأعينهم، فهم لا يملكون جميعًا سوى عين واحدة، يرون بها
ما يظهره لهم من سعيه بالصلح بين المتخاصمين.
لقد استطاع الكاتب
ببراعة أن يُطلق اسمًا مميزًا يحمل سمات تلك الشخصية، يجمع بين صفاته الظاهرة التي
يعرفها الناس عنه، وصفاته الخفية في أعماقه، التي لا يعرفها أحد سواه؛ باختياره تسمية
"المعلِّم ساعي"، مع الأخذ في الاعتبار أن لفظة "ساعي" من
الألفاظ القرآنية التي وردت في سياق وصف المجرمين الذين "يسعون" في
الأرض فسادًا، أمَّا لفظة "المعلِّم" بدلالاتها الشعبية في الصورة
الذهنية، فهي تحمل معاني الفتونة والقوة والبطش، والجهل.
صورة الدرويش من الحكي
الشعبي إلى مخيلة السارد
انتقلت صورة الدرويش من
الحكي الشعبي إلى مخيلة السارد، في صورة ذلك الزاهد الصوفي الذي يترك الدنيا
وراءه، ويكرِّس وقته للعبادة والتأمل؛ لذا فهو لا يقطن وسط الزحام، بل نراه عادة
ما يعيش بعيدًا عن العمران، متخذا له بيتًا في أطراف البلدة، أو على قمم الجبال،
أو في الصحراء، أو على شاطئ النهر مثلما هو الحال في هذه القصة، وتعد صورة الدرويش
رمزًا للحكمة والقيم الأخلاقية.
كانت حالة الفتاة، وما
تقاسيه من الظلم والعذاب مبررًا منطقيًّا للظهور المفاجئ لشخصية الدرويش في القصة.
لقد حاول الكاتب استخدام مفردات متشظية الدلالة؛ للتعبير عن حالة الضيق التي لم
تستطع الفتاة تحملها، فضاقت نفسها. ويبدو
أن تأثر الكاتب بالنشأة الدينية قد ساعده في التعبير عن ضيق صدر الفتاة بما يحدث
لها بقوله: "ضاقت الأرض بالبنت"، فجعل الكاتب الأرض على اتساعها تضيق
بالفتاة، مستلهمًا معنى "الضيق" في قوله تعالى: "وَلَقَدْ نَعْلَمُ
أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ."(الحجر/97) وإمعانًا في التأكيد
على قوة الضيق وشدته؛ فقد كان هذا مبررًا منطقيًّا لظهور شخصية الدرويش. والشخصية
المساعدة تيمة حكائية من تيمات الحكي، ذكرها "بروب" في حديثه عن وظائف
الحكي في الحكاية الشعبية، ولكن دور الشخصية المساعدة يختلف من عمل لآخر وفقًا
للوظائف التي تقوم بها من ناحية، ووفقًا لعلاقتها بالشخصيات الأخرى داخل العمل من
ناحية أخرى.
وقد ارتبط ظهور الدرويش المفاجئ
أيضًا بنفس المكان، وهو "الترعة"، مما جعل توظيف المكان في القصة يأخذ شكلاً
من أشكال الأضداد. فقد كانت "الترعة" مهلكة لذلك الباطش المستبد، عندما ابتلع
الضباب الطريق، في فجر يوم غائم، فانقلبت سيارته، وغرق فيها. ومن ناحية أخرى، فإن "شاطئ
الترعة" كان بمثابة طوق النجاة، والحصن الذي لجأت إليه الفتاة الضحية لتقابل
الشخصية المساعدة، أو الدرويش الذي يسكن كوخًا هناك.
العوالم العجائبية والكرامات
في الثقافة الشعبية
يُحلَّق الكاتب في فضاءات
النص، متجاوزًا العوالم التخييلية إلى بناء عوالم غيبية مجهولة لا يعرف مفاتيح
أسرارها سوى الراوي، يستحضرها من خلال وصف "الدرويش"، الشخصية المساعدة التي
لا تظهر إلا وقت حاجة الضحية المقهورة إليها. يسكن الدرويش "كوخًا على شط
الترعة؛ الدرويش كأنما انبثق من صحائف الغيب، يشرق وجهه بأنوار الخلوة، وتنفذ
عيناه ببصيرة تستشفُّ ما وراء الحجب."
وعلى الرغم من أن السارد
قد جعل مكان الدرويش معروفًا، لكنه عاد ليسحب البساط من تحت أقدام القارئ، ويُخرج
شخصية الدرويش عن هيئتها المألوفة، ليحيطها بأجواء أسطورية، بدلالة كلمة الأسطورة
على المعتقد الذي يؤمن به أصحابه. فقد قطع السارد كل الخيوط التي يمكن للقارئ أن
يتعقبها لمعرفة أي معلومات عن شخصية هذا الدرويش، ومعيشته في القرية، فيما عدا
تصوير لحظة وجوده، كأنما انبثق من صحائف الغيب. وهنا يتلاقى الحس السردي مع الحس
الشعبي، ويتلاقى مفهوم البطل المخلِّص مع الصديق المساعد، بتبئير الظهور العجائبي
لشخصية الدرويش، وصفاتها الخارقة، وكراماته، حيث تنفذ عيناه ببصيرة، وتستطيع أن
تستشف ما وراء الحجب، لكن يظل السارد حريصًا على إضفاء بعض الصفات البشرية عليه، لملاءمة
منطق الحكي، والإيهام بواقعيته، كارتباط الشخصية بالخلوة والبعد عن الناس، وإشراق
وجهه بالنور.
ذروة الصراع
وهناك بين خشوع الدرويش
وصمته "قصَّت البنت حكايتها. فارتجف قلبه، ثم نهض قبل انتصاف الليل، وأقام
صلاته على ضفاف الماء. لم تكن صلاته صلاة عابرة، بل كانت أشبه بطقس كوني، كأن
الملائكة تردّد خلفه. قرأ الفاتحة وسورة الفيل أربعين مرة، يكرّرها في القيام
والركوع والسجود، حتى غدا صوته امتدادًا لصرخة المظلومين عبر الأزمان."
ارتجف قلب الدرويش مما
سمعه، فأقام صلاته على ضفاف الماء، ثم عاود السارد تضفير الخيالي بالعجائبي،
مستعينًا بمفتاح التشبيه، "كأنَّ" ليرسم به صورة لصلاة الدرويش لا تشبه
أي صلاة، وإنما هي أشبه بطقس كوني، وكأنَّ الملائكة تردد خلفه حتى أصبح صوته
امتدادًا لصرخة كل المظلومين عبر الأزمان، بما يحمله هذا التعبير من قوة الصرخات
وعمقها؛ مما يجعل القارئ يستحضر سطوة "أبرهه الأشرم" في حادثة هدم
الكعبة، ومعاقبة الله له؛ بإرسال الطير الأبابيل، ترميه وجنوده بحجارة من سجيل. فكان
اختيار الدرويش سورة "الفيل" يكررها بعد قراءة الفاتحة في القيام
والركوع والسجود أربعين مرة، وهو عدد له دلالته أيضًا في الثقافة الشعبية، ثم
التوجه إلى الله بدعاء طلب الحاجة، وتسمية الجاني باسمه؛ لأنه دعاء كل المظلومين
عبر الأزمان، فرفع الدرويش يديه إلى السماء وقال:
"يا
من تُحكِم قبضتك على الأرواح والدهور، يا من تُمهِل ولا تُهمِل، يا من تُسقط
الطغاة في لحظة لا تخطر ببالهم… يا من قلت وقولك حق "وكذلك أخذ ربك إذا أخذ
القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد." اللهم
خذ "ساعي" أخذ عزيزٍ مقتدر، واجعل موته آيةً بين الناس".
لم تكن الدعوة إلى الله تقتصر
على القصاص من هذا الظالم الطاغي فحسب، وإنما كانت أيضًا دعوة بأن يجعل الله موته
آية بين الناس، حتى لا تراوغ أي نفس شقية نفسها أن تفعل مثل فعلته، ثم ألقى
الدرويش تلك الدعوة في النهر بعد أن حصَّنها بما تضمنته من آي الذكر الحكيم، بقوله
تعالى: "وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد."(هود/102).
ثم كتب في ورقة: "البنت
وأمها مظلومتان، يا رب فانتصر"،
وألقاها في النهر. فكانت الدعوة أقرب إلى وحيٍ مرسَل، وكأن الماء نفسه صار رسولًا
يحمل الشكوى إلى عالم الغيب.
استجابة الدعاء وتحقق
العدالة السماوية
لقد كان الدعاء يحمل
أصوات المعذبين المظلومين على مر العصور؛ لذا فلم تمهل العدالة السماوية "المعلم
ساعي"، فكان وقت الفجر بدلالته الرمزية على انقشاع الظلام ونهاية الظلم، "وإذا
بالضباب ينسج له كمينًا، والماء يستدرجه إلى قاعه. غرق، ولم يُنتشل إلا جثة بلا
روح. ولم يعد في القرية من يذكر سوى حكاية موته الغريب، وأما سرّ حياته فقد بُعث
للعلن بقدر الله. غدت حكاية موته كأنها صفحة من كتاب القضاء الأعلى. أمّا الدرويش،
فاختفى بعد ذلك كما جاء، تاركًا في النفوس يقينًا بأن العدالة قد تنتظر، لكنها لا
تموت." وبذلك تنتهي القصة بتحقق الدعوة، وحكمة خالدة ستبقى عبر الزمن.
حفلت القصة بالعديد من
التناص مع آيات القرآن الكريم، وعبرت عن أهمية اللجوء إلى الله، والاستعانة به في
مواجهة الشدائد، كما تناصت مع الحكايات الشعبية، وبصفة خاصة من خلال توظيف تيمة
الدرويش، وقدمت حكمة خالدة مفادها أن العدالة الإلهية لا تموت، فالله تعالى يمهل
الظالمين، ويمد لهم في طغيانهم، حتى إذا ما أخذهم، كان أخذ عزيز مقتدر. تحية وتهنئة
للأديب الكبير عبد الرحمن هاشم على هذا العمل القيم الذي سيظل محفورًا في
الأذهان بما يحمله من قيم إنسانية، ومعانٍ نبيلة، متمنين له دوام العطاء والرقي، وخالص
أمنياتي للقارئ الكريم بالاستمتاع وقراءة شيقة ومتميزة.
تعليقات
إرسال تعليق