بقلم/ د. وليد الإمام مبارك
المنسق الإداري لمركز دراسات التراث العلمي بجامعة القاهرة
في مارس عام 1950، وبعد رحيل عبقري الفيزياء العربية الدكتور علي مصطفى مشرفة بخمسة أشهر فقط، أصدر اتحاد الجامعة المصرية قرارًا بتخليد ذكراه داخل كلية العلوم – جامعة القاهرة، بإنشاء تمثال له يُعبّر عن تقدير الأجيال لعطائه العلمي والوطني. كان مشرفة في حياته رمزًا للعقل المصري الحر، وفي وفاته أصبح رمزًا للخلود العلمي.
ورغم مرور عقود طويلة على هذا القرار النبيل، ظلّ حلم إقامة التمثال مؤجلاً... حتى جاء اليوم الذي تعود فيه الروح إلى الفكرة من جديد، مع احتفال الكلية بمئويتها الأولى تحت قيادة أول عميدة في تاريخها، الأستاذة الدكتورة سهير رمضان فهمي، التي جعلت من هذه المناسبة التاريخية نقطة التقاء بين الماضي العريق والمستقبل الواعد.
ففي عصرها، تجتمع رمزية الزمان والمكان:
كلية العلوم التي أنجبت العلماء والرواد،
ومشرفة الذي كان أول عميد مصري لها،
وها هي بعد 75 عامًا تشهد ميلاد التمثال الذي انتظره التاريخ.
إن إقامة تمثال للدكتور علي مصطفى مشرفة في مئوية الكلية لا تمثل مجرد تكريمٍ لشخصٍ رحل، بل هي رسالة حضارية بأن مصر لا تنسى علماءها، وأن كلية العلوم ما زالت وفية لجذورها العلمية والوطنية، وأن قيادة الكلية اليوم – بقيادة د. سهير رمضان فهمي – تُعيد كتابة فصول من المجد الجامعي، حيث يتلاقى الإبداع العلمي مع الوعي الثقافي والتاريخي.
تمثال مشرفة اليوم ليس حجرًا جامدًا، بل رمزًا حيًا لعقلٍ مصريٍّ عبقريٍّ آمن بالعلم طريقًا للتحرر، وبالجامعة منارةً للأمة.
وبينما تقف الأجيال الجديدة أمام هذا التمثال في ساحة الكلية، فإنها لا ترى فقط ملامح العالم الجليل، بل تقرأ في قسماته قصة وطنٍ آمن بالعلم فصنع من ترابه مجدًا خالدًا.
هكذا يكتمل المشهد بين مشرفة وسهير رمضان: بين أول عميد مصري وأول عميدة مصرية، في لوحة إنسانية وعلمية تُجسّد روح مصر التي لا تنطفئ.

تعليقات
إرسال تعليق