بقلم/ د. نجلاء الورداني في زمنٍ تُثقِل فيه الضوضاءُ الأرواح، وتتناسل فيه الأصوات حتى تكاد تطغى على المعاني، بزغ برنامج "دولة التلاوة" كنافذة مضيئة تعيد للأذن شيئًا من أُنس القرآن وجلال حضوره. بدا المشهد في لحظاته الأولى واعدًا؛ فكرة تتوهّج بقدسية رسالتها، وتحلم بإحياء مدرسة تلاوةٍ أصيلة كان ظلّها الطويل مسندًا للوجدان العربي والإسلامي عبر عقود. غير أنّ البدايات المشرقة كثيرًا ما تحمل في عمقها ظلالًا لا تتبدّى إلّا مع توالي الخطوات. ومع امتداد حلقات البرنامج، ظهر أنّ هذه “الدولة” التي رُفعت رايتها لتكريم القرّاء، تُهدر— من حيث لا تقصد — أصواتًا كان يمكن أن تشكّل ملامح مدرسة جديدة لو أُتيح لها أن تتنفس خارج ضيق المنافسة. فبدلًا من أن تكون التلاوة فضاءً للتذوّق الروحي، تحوّل المشهد إلى سباق تحكمه نقاط التحكيم، وتُعمِّده تقاليد العرض التلفزيوني، وتعيد صوغ الموهبة كسلعة تخضع لاعتبارات الصورة وإيقاع الإبهار. والتلاوة — في جوهرها — عبادة لا تعترف بأضواء المسرح. خشوعها لا يُقاس بالتصويت، وصفاؤها لا يُختبر أمام الكاميرات. فالقرآن الذي نزل ليُتلى على قلوب تتطهّر، لا على منصات تتنافس، أ...
.............................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................