التخطي إلى المحتوى الرئيسي

 

هل تحطم اليابان حلما عسكريا سعوديا؟







كتب رامي رحيّم: تضج المواقع المختصة بالشؤون العسكرية بأخبار ما يسمى بـ”مقاتلات الجيل السادس”، إذ يبدو أن سباقا قد انطلق لإنتاج وتطوير أول طائرة حربية تحمل هذا اللقب.

أما المفاجأة، فهي اقتحام السعودية لهذا المجال، في محاولة طموحة منها للانضمام إلى ناد صغير من الدول الرائدة في التصنيع العسكري التي تسعى لإنتاج مقاتلة كهذه.

ويبدو أن الرياض تحظى في مسعاها هذا بدعم بريطاني وربما إيطالي، لكنها اصطدمت بمعارضة اليابان.

فما هي قصة السعودية مع مقاتلة الجيل السادس؟ لماذا تريدها، ولماذا تعارض اليابان مسعاها؟ وما هي معالم الجيل السادس من المقاتلات الحربية؟ سباق الجيل السادس

في الحادي عشر من أغسطس/آب، كتبت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية نقلا عن مسؤولين بريطانيين وإيطاليين ويابانيين لم تكشف عن أسمائهم قولهم إن السعودية طلبت من بريطانيا واليابان وإيطاليا السماح لها بأن تصبح شريكا كاملا في “برنامج القتال الجوي العالمي” وهو مشروع مشترك بين الدول الثلاث لتطوير مقاتلة متطورة للغاية، تم التوقيع عليه في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ويهدف إلى إنجاز المهمة بحلول عام 2035 . وقالت الصحيفة إن بريطانيا وإيطاليا منفتحتان على فكرة انضمام السعودية، فيما تعارض اليابان ذلك بشدة، ما تسبب بتوترات داخل المجموعة.

هذا المشروع الثلاثي هو واحد من عدد صغير من المشاريع لتطوير مقاتلة من الجيل السادس. ففي أوروبا يوجد برنامج مشترك بين فرنسا وألمانيا وإسبانيا، وهناك تقارير تفيد بأن لكل من روسيا والصين برنامجا خاصا بهما.

أما الدولة المتقدمة في هذا السباق على الجميع، فهي الولايات المتحدة الأمريكية، وفقا لبييتير ويزيمان، الباحث لدى معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، الذي تحدث لبي بي سي نيوز عربي عن الموضوع.

وقال ويزيمان إن الولايات المتحدة “لديها برنامج سري للغاية، والمشكلة أنها قد لا تكون على استعداد لمشاركة أحد به.” ما أهمية المشروع بالنسبة إلى السعودية؟

تريد السعودية تجديد أسطولها من الطائرات الحربية، لكنها تواجه صعوبات في ذلك.

فقد باءت محاولتها للحصول على دفعة جديدة من مقاتلة يوروفايتر تايفون من بريطانيا بالإخفاق بعد أن منعت ألمانيا البريطانيين من السير قدما في الصفقة، تماشيا مع حظر على بيع الأسلحة للسعودية فرضته برلين في أعقاب مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وبصفتها إحدى الدول المشاركة في تصنيع المقاتلة.

كذلك، فإن السعودية لم تتمكن من الحصول على مقاتلة اف 35 الأمريكية، وهي الأكثر تطورا حاليا، لأسباب تتعلق بالعلاقة الأمريكية – الإسرائيلية وأولويتها بالنسبة إلى واشنطن.

ويبدو أن هذه الظروف زادت من حماسة السعودية للمشاركة في تطوير وإنتاج طائرة من الجيل السادس.

ماذا يمكن أن تقدم السعودية لمثل هذا المشروع؟

المال، بالتأكيد. لكن هل من إضافة سعودية غير المال؟

صحيفة فايننشال تايمز ذكرت، نقلا عن خبراء، أن السعودية قد تكون عرضت أن تسهم بخبرة هندسية في مختلف مراحل المشروع.

أما بييتير ويزيمان، فقال لبي بي سي: ” صحيح أن الرياض تطور صناعة عسكرية خاصة بها، لكن من الصعب أن نرى كيف يمكن لذلك أن يسهم – في الوقت الحالي – من الناحية التكنولوجية في هذا المشروع لإنتاج مقاتلة متطورة.”

أياً كانت المساهمات الأخرى، يبقى أن المال ليس تفصيلا هامشيا.

فارتفاع تكلفة المشروع قد يكون من الأسباب التي دفعت الدول الثلاث – بريطانيا وإيطاليا واليابان – إلى تشكيل مجموعة لتطوير وإنتاج المقاتلة.

قلة قليلة من البلدان مستعدة لإنفاق المبالغ اللازمة وحدها لتطوير مقاتلة من هذا النوع، وفقا لويزيمان.

وإذا أضيفت مساهمة مالية سعودية، فمن شأن ذلك “زيادة عدد المقاتلات على خط الإنتاج، وخفض تكلفة المقاتلة.”

وبالتالي قد تكون أي مساهمة مالية سعودية مغرية بالنسبة للدول الأخرى.

لماذا تعارض اليابان انضمام السعودية؟ هناك عدة أسباب مطروحة كتفسير لمعارضة اليابان لتوسيع البرنامج ليضم السعودية.

صحيفة الغارديان أشارت إلى أن توسيع البرنامج قد يزيد من تعقيد المفاوضات وعملية اتخاذ القرارات، التي لا تضم حاليا ثلاث دول فحسب، إنما عدة شركات من كل دولة.

وفي السياق نفسه، نقل موقع المونيتور عن شيغيتو كوندو، وهو باحث لدى المعهد الياباني للاقتصاديات الشرق أوسطية، قوله إن الهم الياباني الأساسي هو الالتزام بالمهلة الزمنية لإنتاج المقاتلة، أي عام 2035، وإن طوكيو تخشى من أي تأخير قد ينتج عن توسيع البرنامج.

ويربط كوندو هذا الهم الياباني بهواجس أمنية متعلقة برغبة اليابان بألا تسبقها الصين أو روسيا في مساعيهما لتطوير سلاحهما الجوي.

أما ويزيمان، فيرى أن الأساس هو في القيود التي تضعها اليابان على نفسها في موضوع تصدير الأسلحة.

“التزمت اليابان منذ زمن بعيد سياسة عدم تصدير السلاح. يعود هذا إلى دورها في الحرب العالمية الثانية وطموحاتها الإمبريالية خلال تلك الفترة، ورغبتها بعدها بالظهور للعالم على أنها بلد مسالم لا يريد إلا الدفاع عن نفسه. لقد تغير هذا إلى حد ما، وفتح المجال أمام التعاون العسكري مع دول أوروبية، لكن هناك قيود لا تزال قائمة، وهم يرون أن هناك مخاطرة في تصدير السلاح إلى السعودية، لأسباب من قبيل طبيعة التدخل السعودي في اليمن.”

لكن هناك مؤشرات إلى أن اليابان تريد التخفيف من القيود المتعلقة بتصدير السلاح التي تفرضها على نفسها، دون أن يتضح بعد ما إذا كان ذلك قد يؤدي إلى أن تلين في معارضتها لانضمام السعودية للبرنامج.

ما هي مقاتلات الجيل السادس؟ هي عبارة عن الجيل الجديد من المقاتلات الحربية، التي لم تبصر النور بعد، ولا تزال في مرحلة التطوير.

ويقر الخبراء أن الحدود الفاصلة بين أجيال المقاتلات لم تكن يوما واضحة وحاسمة.

لكن حين تتراكم التطورات المتعلقة بالسرعة والقدرة على المناورة والقدرة على التخفي واجتناب الرادار وغيرها من الخصائص إلى درجة نوعية، يصبح بالإمكان الحديث عن انتقال إلى جيل جديد.

إذا قرأنا بعض التفسيرات على المواقع المختصة، نرى تعابير مثل “دمج كامل للمستشعرات”، مثلا، أي أن أنظمة الطائرة تدمج المعلومات التي تأتيها من الكاميرات والرادار وغير ذلك من الأجهزة، بما يسهم في إعطاء الطائرة والطيار صورة أكثر شمولا عن البيئة المحيطة بهما.

كذلك، يتوقع أن تكون هناك تطورات في قدرة أي مقاتلة من الجيل السادس على حجب نفسها عن رؤية العدو.

وقال ويزيمان إن مقاتلات الجيل السادس ستكون “أقل عرضة لأن تكشفها الرادارات وغيرها، وأيضا أكثر قدرة على الرؤية. سيكون لديها مستشعرات يمكنها أن ترى وتسمع أكثر، وأيضا يمكنها أن تدمج وتعالج تلك المعلومات بشكل أفضل من المتاح الآن”.

كذلك، سيكون للذكاء الاصطناعي دور متزايد فيها، بما يخفف من الأعباء على الطيارين. لكن وفقا لويزيمان، سيبقى القرار النهائي في يد الطيار، الذي يملك أن يقر أو يرفض قرارات نظام الذكاء الاصطناعي.

ثم هناك كثير من الحديث عن دمج المقاتلة مع سرب من المسيرات المتطورة، وكذلك يتحدث بعض المختصين عن توقعات بأن يكون لهذا الجيل من المقاتلات قدرة على استخدام سلاح الليزر.

كل هذه تكهنات الخبراء، لكن ما خفي قد يكون أعظم، إذ إن المشاريع كلها تتسم قطعا بدرجات عالية من السرية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بالصور.. اليوم التعريفي لصيدلة "مصر للعلوم والتكنولوجيا"

  عقدت كلية الصيدلة والتصنيع الدوائي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا فعاليات (اليوم التعريفي للطلاب الجدد orientation day) تحت رعاية  خالد الطوخي رئيس مجلس الأمناء والدكتور نهاد المحبوب القائم بعمل رئيس الجامعة والدكتورة رحاب عبدالمنعم عميد كلية العلوم الصيدلية والتصنيع الدوائي. وشهدت الفعاليات حضور  الدكتورة مها عيسي وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث والدكتورة ولاء حمادة وكيلة الكلية لشئون التعليم والطلاب ومدير وحدة ضمان الجودة بالكلية؛ وحضور رؤساء الأقسام بالكلية وأعضاء من هيئة التدريس والهيئة المعاونة، والدكتور الحسيني الجندي رئيس قسم العقاقير ومقرر لجنة رعاية الطلاب، والدكتورة ندى لبيب؛ عميد المكتبات ومستشار رئيس مجلس الأمناء. وقام أعضاء الاتحاد العام لطلاب كلية العلوم الصيدلانية والتصنيع الدوائي بعرض الأنشطة المختلفة التي يقوم بها الاتحاد واللجان المختلفة، فضلا عن  تكريم الأوائل من الطلاب بكل دفعة بلائحة pharm D ولائحة pharm D clinical بجائزة شهادة  الدكتورة سعاد كفافي للتفوق العلمي، وأخيرا تكريم اللجنة المنظمة لفعاليات الاحتفالية. يذكر أن الفعاليات شهدت مشاركة كل من المهند

من تراث المجمعيين: الدكتور حسن علي إبراهيم

أصدر مجمع اللغة العربية ضمن سلسلة "من تراث المجمعيين" الكتاب الأول فيها، وهو بعنوان "الدكتور حسن علي إبراهيم". هذا العمل الذي قام على إعداده وتصنيفه وترتيبه فريق عمل دءوب برئاسة أ.د.حافظ شمس الدين عبدالوهاب، وأ.د.أحمد زكريا الشلق (عضوي المجمع)، والأساتذة كبيري محرري المجمع: خالد مصطفى، وجمال عبد الحي، وحسين خاطر، وإلهام رمضان علي. جدير بالذكر أن هذا العمل العلمي الرفيع القدر قد استغرق العمل فيه عدة سنوات، وأن أ.د.صلاح فضل (رئيس المجمع السابق) قد صدَّر لهذا السِّفْر الكبير قبيل وفاته. وقد جاء في تصدير سيادته: "منذ صدور المرسوم الملكي بإنشاء مجمع اللغة العربية بالقاهرة في الثالث عشر من ديسمبر عام 1932م، وعبر هذا التاريخ الممتد ظفر بعضوية هذا المجمع لفيف من العلماء والمفكرين والكتاب الرواد، واللغويين النابهين، وعدد من المستشرقين ممن لهم سهمة جلية في تحقيق التراث العربي ودراسته. وقد حرص هؤلاء العلماء منذ انتخابهم أعضاء بالمجمع على تقديم عصارة فكرهم، وخلاصة تجاربهم العلمية والحياتية، فجاءت بحوثهم المجمعيّة دالة على أصالتهم وجدتهم وعمق معارفهم وتنوع منابع ثقافتهم، ور

د. حنان شكري تكتب عن قضايا إثبات النسب

  د.حنان شكري أستاذ الأدب المساعد كلية اللغات والترجمة في الآونة الأخيرة طرقت مسامع المصريين كلمات جديدة، دخيلة على عاداتهم وتقاليدهم، من أمثلة ذلك: عبارة إثبات النسب، وبالتالي اكتظت أروقة محاكم الأحوال الشخصية بقضايا تُرفع لإثبات النسب، أو لعدمه، وفي حقيقة الأمر لابد أن هناك أسبابا عديدة لتلك الظاهرة، لعل أهمها غياب الدين وإهمال القيم والمبادئ التي تربينا عليها منذ الصغر، هذه المفردات الغريبة على المجتمع المصري تنذر بشر مستطير، إذا لم تتصد لها كل الجهات المسئولة، وأولها الأزهر الشريف، والمجالس التشريعية والنيابية، علاوة على دور الأسرة؛ فهي المسئول الأول عن هذا الكيان. إنه من الموجع حقا أن نجد تلك القضايا معلنة من ذويها على السوشيال ميديا، دون خجل أو حياء، وعلاوة على أنها قضايا تمس الشرف؛ فهي تؤذي نفوسا بريئة، تؤذي أطفالا صغارا ليس لهم ذنب أو جريرة، وإنني أتساءل: هل اغتيال شرف طفل وسمعته يساوي لحظات لذة محرمة عابرة؟!  والمؤسف أن مثل هذه القضايا يمتد لسنوات، فماذا جنى هؤلاء الصغار، ليكبروا فيجدوا أنفسهم على تلك الحالة بين أم تسعى لإثبات نسب وأب يتنكر لهذا النسب. وإنني كإنسانة ومواطنة مص