التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بين الرضا الوظيفي والاستحقاق النفسي

 


 

آية   شحاتة

 يعد الانغماس أو المشاركة الوظيفية تعبيرًا عن الدرجة التي ينظر فيها العامل إلى أدائه الوظيفي، باعتباره مركزًا لكيانه الذاتي أو احترام الذات؛ حيث تتحول الأنا الذاتية إلى شريك رئيسي لا ينفصل عن الحياة العملية للموظف.

ويتسم العامل بهذا الانغماس عندما تكون مهنته جزءًا من تعريفه الذاتي لنفسه مع الآخرين؛ كنتاج مباشر لالتزامه، وأدائه مهام عمله بتفان، وجدية، وإخلاص، مع امتلاكه مهارات الكفاءة الإدراكية لمتطلبات وظيفته، لتحقيق الأهداف والغايات التنظيمية. 

لذا، فإن العامل المنغمس وظيفيًا في مهام عمله؛ يصبح أقل عرضةً للتغيير؛ لأنه يبذل قصارى جهده نحو تطوير ذاته، ونحو دعم زملائه أيضًا، لتحقيق أهداف المنظمة؛ حيث تؤدي بيئة العمل التي يسود فيها الاحترام، والتقدير، والرضا، والقبول بين الموظفين، واعتبار مكان العمل مكانًا مرغوبًا فيه إلى تنامي مستوى انغماسهم الوظيفي.

ويكون الإنسان أكثر عرضة للنجاح في التعامل مع الضغوط، إذا كان لديه مجموعة متنوعة من الموارد، بدلاً من الاعتماد على مورد واحد؛ حيث يتم تخصيص وتوجيه هذه الموارد لأداء مختلف المهام والأهداف، فضلًا عن استخدامها في التعامل والتكيف مع الضغوط المختلفة، كي يكون قادرًا على الحفاظ على رفاهيته، والاستمرار في أداء مهام عمله بشكل طبيعي. 

وفي سياق المشاركة الوظيفية والولاء التنظيمي، تشير النظرية إلى أن امتلاك ممارسي العلاقات العامة رأس مال نفسي كافٍ، فمن الأرجح أن يكونوا أكثر انغماسًا في عملهم، وأكثر ولاءً نحو منظماتهم.

أما إن لم يكن لدى الموظف موارد كافية للتعامل مع الضغوط، ومواجهة مطالب وأعباء عمله، فمن المحتمل أن يعاني عواقب سلبية مثل: (الإرهاق، العزلة، تدني مستوى الرفاهية) ما قد يؤدي في النهاية إلى انخفاض معدلات مشاركته الوظيفية، وولائه التنظيمي.

وإن عرضنا تحليلًا لمكونات رأس المال النفسي الإيجابي؛ نجد أنها متمثلة في "التفاؤل" الذي يمنح العامل ثقة في نفسه، فيعزي النجاح لقدراته الذاتية، ويحرص دومًا على بلوغ النجاح، ومواجهة التحديات، بينما يكمن عنصر "الأمل" في منح الموظف دافعية مواصلة العمل، وتحويل المشكلات إلى فرص.

وبالطبع إن لم نمتلك رضا تامًا بقضاء الله وقدره، فلن نتمتع بـ"المرونة"، وهي الخصيصة اللازمة لصقل مهارات الإنسان، كي يتمتع بـ"المثابرة" في إيجاد حلول للمشكلات وعقبات العمل الصعبة، فضلا عن "الانتعاش" سريعًا بعد انتكاسات العمل، ويأتي عنصر "الكفاءة" ليعني قدرة الموظف على تلبية مطالب عمله، والاحتفاظ بمستوى ثقته بنفسه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بالصور.. اليوم التعريفي لصيدلة "مصر للعلوم والتكنولوجيا"

  عقدت كلية الصيدلة والتصنيع الدوائي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا فعاليات (اليوم التعريفي للطلاب الجدد orientation day) تحت رعاية  خالد الطوخي رئيس مجلس الأمناء والدكتور نهاد المحبوب القائم بعمل رئيس الجامعة والدكتورة رحاب عبدالمنعم عميد كلية العلوم الصيدلية والتصنيع الدوائي. وشهدت الفعاليات حضور  الدكتورة مها عيسي وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث والدكتورة ولاء حمادة وكيلة الكلية لشئون التعليم والطلاب ومدير وحدة ضمان الجودة بالكلية؛ وحضور رؤساء الأقسام بالكلية وأعضاء من هيئة التدريس والهيئة المعاونة، والدكتور الحسيني الجندي رئيس قسم العقاقير ومقرر لجنة رعاية الطلاب، والدكتورة ندى لبيب؛ عميد المكتبات ومستشار رئيس مجلس الأمناء. وقام أعضاء الاتحاد العام لطلاب كلية العلوم الصيدلانية والتصنيع الدوائي بعرض الأنشطة المختلفة التي يقوم بها الاتحاد واللجان المختلفة، فضلا عن  تكريم الأوائل من الطلاب بكل دفعة بلائحة pharm D ولائحة pharm D clinical بجائزة شهادة  الدكتورة سعاد كفافي للتفوق العلمي، وأخيرا تكريم اللجنة المنظمة لفعاليات الاحتفالية. يذكر أن الفعاليات شهدت مشاركة كل من المهند

من تراث المجمعيين: الدكتور حسن علي إبراهيم

أصدر مجمع اللغة العربية ضمن سلسلة "من تراث المجمعيين" الكتاب الأول فيها، وهو بعنوان "الدكتور حسن علي إبراهيم". هذا العمل الذي قام على إعداده وتصنيفه وترتيبه فريق عمل دءوب برئاسة أ.د.حافظ شمس الدين عبدالوهاب، وأ.د.أحمد زكريا الشلق (عضوي المجمع)، والأساتذة كبيري محرري المجمع: خالد مصطفى، وجمال عبد الحي، وحسين خاطر، وإلهام رمضان علي. جدير بالذكر أن هذا العمل العلمي الرفيع القدر قد استغرق العمل فيه عدة سنوات، وأن أ.د.صلاح فضل (رئيس المجمع السابق) قد صدَّر لهذا السِّفْر الكبير قبيل وفاته. وقد جاء في تصدير سيادته: "منذ صدور المرسوم الملكي بإنشاء مجمع اللغة العربية بالقاهرة في الثالث عشر من ديسمبر عام 1932م، وعبر هذا التاريخ الممتد ظفر بعضوية هذا المجمع لفيف من العلماء والمفكرين والكتاب الرواد، واللغويين النابهين، وعدد من المستشرقين ممن لهم سهمة جلية في تحقيق التراث العربي ودراسته. وقد حرص هؤلاء العلماء منذ انتخابهم أعضاء بالمجمع على تقديم عصارة فكرهم، وخلاصة تجاربهم العلمية والحياتية، فجاءت بحوثهم المجمعيّة دالة على أصالتهم وجدتهم وعمق معارفهم وتنوع منابع ثقافتهم، ور

د. حنان شكري تكتب عن قضايا إثبات النسب

  د.حنان شكري أستاذ الأدب المساعد كلية اللغات والترجمة في الآونة الأخيرة طرقت مسامع المصريين كلمات جديدة، دخيلة على عاداتهم وتقاليدهم، من أمثلة ذلك: عبارة إثبات النسب، وبالتالي اكتظت أروقة محاكم الأحوال الشخصية بقضايا تُرفع لإثبات النسب، أو لعدمه، وفي حقيقة الأمر لابد أن هناك أسبابا عديدة لتلك الظاهرة، لعل أهمها غياب الدين وإهمال القيم والمبادئ التي تربينا عليها منذ الصغر، هذه المفردات الغريبة على المجتمع المصري تنذر بشر مستطير، إذا لم تتصد لها كل الجهات المسئولة، وأولها الأزهر الشريف، والمجالس التشريعية والنيابية، علاوة على دور الأسرة؛ فهي المسئول الأول عن هذا الكيان. إنه من الموجع حقا أن نجد تلك القضايا معلنة من ذويها على السوشيال ميديا، دون خجل أو حياء، وعلاوة على أنها قضايا تمس الشرف؛ فهي تؤذي نفوسا بريئة، تؤذي أطفالا صغارا ليس لهم ذنب أو جريرة، وإنني أتساءل: هل اغتيال شرف طفل وسمعته يساوي لحظات لذة محرمة عابرة؟!  والمؤسف أن مثل هذه القضايا يمتد لسنوات، فماذا جنى هؤلاء الصغار، ليكبروا فيجدوا أنفسهم على تلك الحالة بين أم تسعى لإثبات نسب وأب يتنكر لهذا النسب. وإنني كإنسانة ومواطنة مص