التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من أكتوبر, 2025

الشهيد كـ "رمز" وجه لا يُمحى

بقلم/ د. نجلاء الورداني في الماضي، كان الشهيد رمزًا بعيدًا. كنا نسمع اسمه في نشرة الأخبار، أو نقرأ عنه في بيانٍ مقتضب، ثم نغلق التلفاز ونكمل حياتنا. لم نكن نعرف ملامحه، ولا نسمع صوته، ولا نرى ضحكته. كانت الشهادة مفهومًا عامًا، نُجِلّه ونحترمه، لكنه كان محاطًا بهالةٍ من البُعد والرمزية، لا من المعرفة والتجربة. أما اليوم، فقد تغيّر كل شيء. بفضل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، لم يعد الشهيد رقمًا في خبرٍ عابر، بل أصبح إنسانًا نعرفه ونتعلّق به. أصبح وجهه مألوفًا في شاشاتنا، وصوته حاضرًا في مقاطع قصيرة تُعيدنا إلى تفاصيل حياته، قبل أن يتحوّل إلى خبر استشهادٍ مؤلم. لقد صارت الشهادة الآن حكايةً تُروى بالصوت والصورة، لا مجرّد سطر في بيان. نعرف الصحفي أنس الشريف، الذي ظلّ يوثّق القصف والدمار حتى اللحظة الأخيرة، وهو يحتمي بالكاميرا ليحكي للعالم ما يحدث على الأرض. ونعرف صالح الجعفراوي، صديقه ورفيق دربه، الذي صار رمزًا للبسمة الفلسطينية المقاومة، ذلك الشاب الذي تحدّى الموت بالضحكة، فبقي حيًّا في وجدان الملايين بعد أن رحل. ونعرف الطفل الذي حمل أخاه الصغير في شنطة على ظهره، مشهدٌ واحد تختصر فيه ال...

تعليم الأبناء ثقافة القيمة والاعتدال في الاستهلاك من منظور الاستدامة الاقتصادية للأسرة

بقلم/ د. إيمان شاهين تُعد الأسرة النواة الأولى لبناء مجتمع مستدام، فهي المدرسة التي يتلقى فيها الأبناء دروسهم الحياتية والقيمية، ومن أهم هذه الدروس ثقافة القيمة والاعتدال في الاستهلاك، وهي إحدى الركائز الأساسية لتحقيق الاستدامة الاقتصادية داخل الأسرة. الاستدامة الاقتصادية لا تعني الاكتفاء المادي فقط، بل هي قدرة الأسرة على إدارة مواردها المالية والعينية بوعي وتوازن، بحيث تلبي احتياجاتها الحالية دون الإضرار بقدرتها على تلبية احتياجات المستقبل. وتبدأ هذه المنظومة من سلوكيات الأفراد اليومية، خاصة الأبناء الذين يمثلون جيل المستقبل الاقتصادي للمجتمع. من الضروري أن يتعلم الأبناء منذ الصغر أن لكل شيء قيمة، سواء كانت الموارد أو الوقت أو المال، فحين يدرك الطفل أن الجهد المبذول وراء كل مورد يستحق التقدير، سينشأ على احترام الأشياء وعدم التبذير فيها. ويمكن للوالدين تحقيق ذلك عبر ممارسات بسيطة مثل إشراك الأبناء في وضع ميزانية الأسرة الشهرية بشكل مبسط، وتوضيح الفرق بين الحاجة والرغبة، وتشجيعهم على الادخار لتحقيق هدف معين ليشعروا بقيمة المال. الاعتدال في الاستهلاك لا يعني الحرمان، بل هو سلوك قائم على ...

صورة الدرويش من مُخيلة الحكَّاء الشعبي إلى مُخيلة السَّارد (قراءة في قصة "صلاة على ماء النهر") للأديب عبد الرحمن هاشم

بقلم الأديبة الناقدة/ أ.د. عزة شبل محمد أستاذة اللغويات بكلية الآداب في جامعة القاهرة وأستاذة اللغويات بكلية اللغات الأجنبية في جامعة أوساكا باليابان   تبدأ قصة ( صلاة على ماء النهر )   للأديب عبد الرحمن هاشم بعنوان يجذب القارئ ويستحضر مشهدًا متكررًا؛ فطالما يرى الناس من يصلي ببقعة أرض بجوار ماء، أو يرونه في الأعمال السينمائية عبر شاشات العرض، وقد استقر هذا المشهد الروحاني في الوعي الجمعي، ولكن القارئ لا يستطيع أن يجزم، بعد قراءة عنوان هذه القصة، ما إذا كان الكاتب يقصد بالصلاة هنا أداء الفريضة، أم أنه يقصد الدعاء؟ أم أن العنوان يحمل دلالات أخرى سوف تكشف عنها أحداث القصة؟ فتثير القصة فضول القارئ، وتدفعه إلى متابعة القراءة.     تلوين الزمن، والبناء الاستعاري "في فجرٍ غائم ٍ من نهايات نوفمبر 1980، ابتلع الضباب الطريق، فانقلبت سيارة المعلم ساعي في مياه الترعة، فمات غريقًا. تناقل الناس الخبر، ورأى بعضهم أنه شهيد، وزادوا في تمجيده بما عُرف عنه من إصلاحٍ بين المتخاصمين وتجواله الدائم بين القرى كتاجرٍ للمواشي، لكنّ الأقدار لم تكن تنظر إليه بعين الناس"....

حبٌّ على حافة الزنا

  بقلم المستشارة/ شيماء سحاب المحامية بالنقض من الحرام البيِّن الواضح في كل الديانات، وبخاصة الإسلام، أن يعشق رجل امرأة متزوجة فيشغل قلبها وفكرها، ويفسد عليها حياتها مع زوجها، وقد ينتهي بها الأمر إلى الخيانة الزوجية، وهي جريمة محرمة في جميع الشرائع السماوية. يقول الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ (الإسراء: 32) وفي الحديث الشريف، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يَزني الزَّاني حين يَزني وهو مؤمن" (متفق عليه) أولاً: الحب الصامت.. عذاب نبيل إذا كان هذا الحب في القلب فقط، ولم يُصرّح به الرجل أو يُفصح عنه للطرف الآخر، فلا إثم فيه ما دام قد كتمه وصبر عليه، واختار أن يعذب نفسه بدلاً من أن يهدم بيتًا ويشتت عائلة. هذا الرجل يُحترم لأنه قاوم هواه، والله تعالى وعد من كفَّ شهوته خوفًا منه بالجنة، كما في الحديث الشريف عن السبعة الذين يُظلهم الله في ظله: "ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله" (رواه البخاري ومسلم) ثانيًا: البوح بالعشق المحرّم أما إذا صرّح الرجل بحبه أو عشقه لامرأة متزوجة، فقد وقع في ال...

حين يفيء القلب إلى الله

  بقلم/ عبد الرحمن هاشم اللهُ عزّ وجلّ يرعى مخلوقاته برحمته الواسعة، ويسدّ احتياجات البشر بعطاياه العظمى: الماء والهواء، والنبات والحيوان، والأنهار والبحار والمحيطات، والشمس والقمر، والليل والنهار. تلك النِّعم التي لا تنفد هي مظاهر لطف الله في خلقه، غير أن بعض من أُوتوا العلم والسلطة يجحدونها، فيسخّرون ما مَنَّ اللهُ به عليهم لإنتاج أسلحة الدمار الشامل، ونشر الحروب، وتدمير الحرث والنسل، وكأنهم نسوا أن العطاء الإلهي أمانة لا وسيلة للإفساد. ومن هنا، فإن واجب المؤمن بالله سبحانه وتعالى أن يفيء إلى ربه، لأنه هو مصدر الاكتفاء والأمن والسكينة. كيف يفيء المؤمن إلى ربه؟ برسول الله ﷺ الذي لم يُرسله الله لينشر الحروب أو الدمار، بل أرسله رحمة للعالمين، يعيد الناس إلى الله، ويعرّفهم به، ويزيل الشوائب عن فطرتهم التي فطرهم الله عليها. شهد رسول الله ﷺ أن الله معه في جميع أحواله، فتيقن أن الله ناصره وحاميه، فعاش بالله وفي الله، في حصنٍ حصين. وهكذا ينبغي على المؤمن أن يقتدي بنبيّه في يقينه، وتوكّله، وطمأنينته بربّه. حتى الموت لا يخيفك إذا أيقنت أن الله معك، يسندك ويحميك، ويجعل الموت بابًا تدخل منه ...

تفكك الأسرة في غياب القيم ودور "مودة" في إعادة التوازن

بقلم/ د. إيمان شاهين {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} صدق الله العظيم. الأسرة هي نواة المجتمع والمكان الأول الذي يتعلم فيه الإنسان القيم والأخلاق والسلوكيات التي تشكل شخصيته وتؤثر على مستقبله، ولكن مع الأسف في السنوات الأخيرة ظهرت مشكلات كثيرة داخل الأسر بسبب غياب السلوكيات الجميلة مثل الاحترام والمودة والألفة. أصبحنا نرى الخلافات والصراعات هي اللغة السائدة بين الزوجين وأفراد الأسرة مما أدى إلى تفكك الروابط الأسرية وضعف التواصل بين أفراد العائلة وانعكس ذلك سلبا على الأبناء الذين أصبحوا يعانون من مشكلات نفسية وسلوكية كثيرة. كما أن غياب الاحترام داخل الأسرة يزرع مشاعر الكره والعناد ويؤدي إلى تدهور العلاقات بشكل مستمر، وهذا لا يتوقف فقط على الجانب العاطفي بل يمتد إلى آثار اجتماعية واقتصادية خطيرة؛ حيث ترتفع معدلات الطلاق وتزداد حالات العنف الأسري ويتأثر الأطفال دراسيا وسلوكيا. كما تظهر مشكلات اقتصادية مثل زيادة الأعباء على الدولة وتراجع ال...

النصوص الموازية في السرد بوابة الدخول إلى عالم القارئ؛ قراءة في المجموعة القصصية "حكاية العمر" للكاتبة غادة مأمون

  بقلم الأديبة الناقدة/ أ.د.عزة شبل محمد أستاذة اللغويات بكلية الآداب في جامعة القاهرة بمصر وأستاذة اللغويات بكلية اللغات الأجنبية في جامعة أوساكا باليابان   صدرت المجموعة القصصية "حكاية العمر" للكاتبة غادة مأمون عن دار المفكر العربي عام 2025م، وتضم خمسة وعشرين قصة قصيرة تحكي عن تجارب حياة متنوعة، وتثير في نفس القارئ العديد من التساؤلات، تدور حول علاقة الإنسان بنفسه، وفي الوقت نفسه تكشف عن العلاقات الإنسانية بين الأنا والآخر. تعمية الإهداء ولعبة الضمائر تُصدَّر الكاتبة المجموعة القصصية بإهداء غامض: " إلى من علمني الحب، ووضع قلبي على أعتاب السعادة وعلمه كيف ينطق حروفًا يغزلها بأوتار المشاعر، وينسجها بعبير الورود، أهدي إليك كل كلمة عذبة رقراقة، يشدو بها الوجدان فرحًا. إليك أنتَ يا: "أنا ". يقف القارئ حائرًا أمام تحديد مرجعية ضمير المخاطب " أنتَ "، وضمير المتكلم " أنا " اللذين وضعتهما الكاتبة بين قوسي تنصيص لتزيد من حيرته. أهي تهدي هذا العمل لذاتها؟ وأي ذات تقصد؟ هل تقصد شخصيتها في عالمها الاجتماعي؟ أم شخصيتها في عوالمها السردية؟ ...

ماذا لو كانت جولدا مائير تعيش بيننا الآن؟

إعداد: د. نجلاء الورداني في عالمٍ تتغير ملامحه كل يوم، ويُعاد فيه رسم خرائط القوة والنفوذ، يطلّ سؤالٌ تأمليّ يستفز الذاكرة السياسية: ماذا لو كانت جولدا مائير تعيش بيننا الآن؟ جولدا مائير، تلك المرأة التي صعدت من صفوف الحركة الصهيونية إلى أن أصبحت واحدة من أبرز قادة إسرائيل في القرن العشرين، كانت تمثل بالنسبة للكثيرين رمزًا للصلابة، وللبعض الآخر رمزًا للعناد والإنكار. عُرفت بتصريحاتها القاسية تجاه الفلسطينيين والعرب، وبإيمانها العميق بفكرة “الدولة المحاصرة” التي لا تنجو إلا بالسلاح والخوف. لكن، لو عاشت اليوم في عالمٍ يشهد تحولات غير مسبوقة — عالم التكنولوجيا، ووسائل التواصل التي كسرت حدود الرقابة، وتبدّل موازين القوة الإقليمية — فهل كانت ستحافظ على أفكارها القديمة؟ أم كانت ستعيد النظر في خطابها الصلب الذي ألغى الآخر؟ ربما كانت ستُصدم من مشهدٍ جديد لا يشبه زمنها: أصوات عربية تطالب بالسلام ولكن على قاعدة العدالة، شباب فلسطيني يستخدم الكلمة والصورة كسلاح لا يقل قوة عن البندقية، ومجتمع دولي أكثر انقسامًا وأقل يقينًا بمفاهيم النصر والهزيمة. لقد بنت مائير مشروعها السياسي على فكرة أن “الذاكرة ...

الأسرة المستدامة لمستقبل أفضل

بقلم/ د. إيمان شاهين  تُعتبر الأسرة اللبنة الأساسية لأي مجتمع، فهي الوحدة الاجتماعية الأولى التي ينشأ فيها الفرد ويتعلم القيم والمبادئ التي توجه حياته. وفي ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم من ضغوط اقتصادية واجتماعية ونفسية، برز مفهوم الاستدامة الأسرية كأحد أهم المبادئ التي تضمن استمرار الأسرة في أداء دورها الحيوي على المدى الطويل بشكل متوازن ومستقر. الاستدامة الأسرية تعني قدرة الأسرة على التكيف مع المتغيرات والمشكلات التي قد تواجهها دون أن تتفكك أو تتأثر علاقات أفرادها بشكل سلبي. فهي ليست مجرد بقاء أفراد الأسرة معًا، بل استمرارهم في تحقيق التفاهم والحب والاحترام المتبادل، وتحمل المسؤوليات المشتركة، وتقديم الدعم النفسي والمعنوي لبعضهم البعض في أوقات الشدة والرخاء. من أهم عوامل الاستدامة الأسرية التواصل الجيد بين أفراد الأسرة، فالحوار المفتوح والصريح يعزز الفهم ويحل الكثير من المشكلات قبل أن تتفاقم. كما أن الاحترام المتبادل بين الزوجين وبين الوالدين والأبناء يخلق بيئة أسرية صحية تشعر كل فرد فيها بالأمان والانتماء. إلى جانب ذلك، يشكل الترابط العاطفي أحد الأعمدة الأساسية ...

د. عزة شبل محمد تكتب أحدث قصصها القصيرة: المشرَّدة

  بقلم الناقدة الأديبة/   أ.د. عزة شبل محمد أستاذة اللغويات بكلية الآداب في جامعة القاهرة وأستاذة اللغويات بكلية اللغات والترجمة في جامعة أوساكا باليابان لم أكن أعلم أني سأراها مرة أخرى، ويخفق قلبي لها بهذه السرعة، في نفس المكان، تجلس على قارعة الطريق تستند بائسة على جذع شجرة كبيرة. لم يلفت انتباهي جمالها، بقدر ما انجذبت نحو ما يصدره صدرها من أنين وعذابات، فاندفعت نحوها دون أن أدري؛ فإذا بها من هؤلاء الفاتنات الذين جرى عليهم الزمن. عيون واسعة محدِّقة ومندهِشة، مظهرُها متسخ، وشعرُها طويل مُنسدِل يحكي قصة الثراء الذي كانت تنعم به في الماضي قبل أن تصبح مشرَّدة، لكن صحتها تبدو جيدة. تعودتُ أن أسير في هذا الطريق كل مساء، بعد عودتي من العمل، على الرغم من أنه طويل ومظلم. أميل للوحدة، ولا أحب الضوضاء. وقبل أن أصل، سبقني إليها ثلاثة من الفتيان يركبون سيارة سوداء، فتسمرت قدماي في باب الفضول، لأرى ماذا سيحدث، هل ستستجيب هذه المشردة لأهوائهم، أم أن حياءها سيمنعُها؟ لم ينزل أحدُهم من تلك السيارة السوداء، بل نزلوا جميعهم مرة واحدة، مما أربكها، وأربكني معها، فرأيتها تسير وتجري مسرعة دون تر...

الذكاء الاصطناعي وصناعة الوعي الجمعي: من الخوارزمية إلى الإيديولوجيا

بقلم/ د. نجلاء الورداني الذكاء الاصطناعي ليس مجرد إنجاز تقني يُستخدم في الصناعة أو تحليل البيانات، بل تحوّل إلى فاعل ثقافي جديد يعيد تشكيل تصوراتنا عن العالم، ويعيد تعريف الوعي الجمعي في المجتمعات المعاصرة. لقد خرجت الخوارزميات من المختبرات لتصبح شريكًا خفيًا في بناء الفكر والذوق والرأي، حتى بات السؤال الملح اليوم: هل ما نفكر فيه حقًا هو نتاج وعينا الحر، أم نتيجة ما تختاره لنا الخوارزميات؟ تحول  الأداة إلى الفاعل الثقافي بداية، بدا الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة، تُبسّط المهام وتُسرّع الإنجاز. لكن مع تطور شبكات التواصل والمنصات الرقمية، تجاوز دوره التقني إلى دور اجتماعي وثقافي خالص. فالمنصات التي نستخدمها يوميًا — من "فيسبوك" إلى "تيك توك" — لا تكتفي بعرض المحتوى، بل تنتقي وتوجّه، وفق حسابات دقيقة لتفضيلاتنا وسلوكنا، ما يجعلها تتحكم بشكل غير مباشر في ما نعرفه وما نعتقده. تلك الخوارزميات لا تعمل في فراغ، بل داخل منظومة اقتصادية وثقافية ضخمة تسعى إلى السيطرة على الانتباه، وجعل “الاهتمام” سلعة تُباع وتُشترى. وهكذا، لم تعد التقنية مجرد وسيط، بل أصبحت مُنتِجًا للمعنى، تصو...

الحب الثاني... لعنة أم إنذار؟

  بقلم المستشارة/ شيماء سحاب المحامية بالنقض إن إهمال الزوجة لزوجها قد يكون الشرارة الأولى التي تشعل نيران الانفصال العاطفي، وتفتح الباب لامرأةٍ أخرى تدخل حياته، فتكون البداية لانهيار بيتٍ كان عامرًا. فالزوجة وحدها بيدها أن تبني أو تهدم. كثير من الزيجات تبدأ عن اقتناعٍ وحبٍّ، لكنها سرعان ما تتآكل مع الوقت، خاصة بعد قدوم الأطفال، حين تترك الزوجة عالم الزوج لتغرق في تفاصيل الأمومة والتربية، ويغدو الزوج آخر اهتماماتها. في تلك اللحظة يبدأ العد التنازلي للعلاقة، ويشعر الزوج أنه فقد مكانه في قلب شريكته. يبحث الرجل عن الدفء المفقود بطرقٍ شتى؛ يسهر خارج البيت، يفرّ إلى العمل ساعاتٍ طويلة، أو ينسحب تدريجيًا من بيته إلى فراغٍ عاطفيٍّ لا يُحتمل. ومن هنا تبدأ رحلة البحث عن “البديل”... امرأةٌ جديدة تُشعره بأنه ما زال مرغوبًا، تُنصت إليه وتُنعشه بكلماتٍ كان ينتظرها من زوجته. وقد تكون هذه العلاقة الجديدة طريقًا إلى زواجٍ ثانٍ يظنه الرجل خلاصًا من ألمه، وقد تكون مجرد انزلاقٍ نحو متعةٍ محرّمة تُهدر فيها الأموال والكرامة. وفي الحالتين، تبقى النتيجة واحدة: أسرةٌ تتصدّع، وأطفالٌ يدفعون الثمن. لهذا...

الأستاذ الدكتور حسيني الجندي وأسرة مسجد جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا ينعون العالم الجليل الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر

  بمزيدٍ من الرضا بقضاء الله وقدره، ينعى فضيلة أ.د/ حسيني الجندي، المشرف العام على إدارة مسجد جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، إلى الأمة الإسلامية، فضيلةَ العالم الجليل أ.د/ أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، وأستاذ الحديث وعلومه بكلية أصول الدين، ورئيس جامعة الأزهر الأسبق، والخبير بمركز التراث العربي والمحاضر والخطيب بمسجد جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، والذي وافته المنية فجر اليوم، بعد رحلةٍ زاخرةٍ قضاها في نشر العلم والدعوة إلى الله تعالى. ويؤكد الأستاذ الدكتور حسيني الجندي أن فقيد الأمة الراحل كان عالِمًا أزهريًّا أصيلًا، وأحد أبرز علماء الحديث في عصرنا، رزقه الله حسن البيان وفصاحة اللسان، والإخلاص في الدعوة إلى الله، وخدمة سنة نبيه ﷺ، ونشر العلم، وستظل إنجازاته العلمية المتمثلة في كتبه ومحاضراته وخطبه وأشعاره منهلًا عذبًا لطلاب العلم والباحثين. ويتقدم الأستاذ الدكتور حسيني الجندي وأسرة مسجد جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا وجميع رواد المسجد بخالص العزاء وصادق المواساة إلى أسرة العالم الراحل، وزملائه وتلامذته وطلاب العلم ومحبيه، سائلين المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع ...

نائب رئيس جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا ينعى العالم الجليل الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر

بمزيدٍ من الرضا بقضاء الله وقدره، ينعى فضيلة أ.د/ أنس عطية الفقي ، نائب رئيس جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، مدير مركز التراث العربي، إلى الأمة الإسلامية، فضيلةَ العالم الجليل أ.د/ أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، وأستاذ الحديث وعلومه بكلية أصول الدين، ورئيس جامعة الأزهر الأسبق، والخبير بمركز التراث العربي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، والذي وافته المنية فجر اليوم، بعد رحلةٍ زاخرةٍ قضاها في نشر العلم والدعوة إلى الله تعالى. ويؤكد نائب رئيس جامعة مصر أن فقيد الأمة الراحل كان عالِمًا أزهريًّا أصيلًا، وأحد أبرز علماء الحديث في عصرنا، رزقه الله حسن البيان وفصاحة اللسان، والإخلاص في الدعوة إلى الله، وخدمة سنة نبيه ﷺ، ونشر العلم، وستظل إنجازاته العلمية المتمثلة في كتبه ومحاضراته وخطبه وأشعاره منهلًا عذبًا لطلاب العلم والباحثين. ويتقدم الأستاذ الدكتور أنس عطية الفقي نائب رئيس جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا بخالص العزاء وصادق المواساة إلى أسرة العالم الراحل، وزملائه وتلامذته وطلاب العلم ومحبيه، سائلًا المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ورضوانه، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يجع...

بيجامة أكتوبر

بقلم/ د. نجلاء الورداني في ظهر يومٍ هادئ من أيام الخريف، كانت الصحراء صامتة كأنها تستمع إلى نبضٍ خفيّ تحت الرمال. لم يكن أحدٌ يدري أن التاريخ على وشك أن يستيقظ من نومه الطويل. على الضفة الغربية من القناة، كانت عيون الجنود المصريين تتلألأ بالعزم، وقلوبهم تدق على إيقاع كلمة واحدة: العبور. في تمام الثانية ظهرًا، صدح الأفق بزئير الطائرات المصرية. تحوّلت السماء إلى نارٍ منقوشة بالشجاعة، وارتجّت الأرض تحت وقع المدافع. وفي الضفة المقابلة، كانت المفاجأة كالصاعقة؛ جنود العدو يركضون بالبيجامات، مذهولين، يبحثون عن بنادقهم كما يبحث الغريق عن الهواء. لم يتصوّر أحدهم أن النيل سيُرسل أبناءه ليعبروا القناة في وضح النهار. كانت المياه تشتعل بالزوارق والدماء والتكبيرات. جندي شاب، في أوائل العشرينات، كان يدفع قاربًا صغيرًا وسط اللهب، وهو يهتف: “مصر… حقها لازم يرجع!” عبر الموج والرصاص، رفع العلم على الضفة الشرقية. لحظتها، شعر الجميع أن الأرض نفسها تهتف معهم، وأن التاريخ يُكتب من جديد، لا بالحبر، بل بالدماء والعزيمة. وفي معسكر العدو، كان القائد الإسرائيلي يصرخ غاضبًا: “كيف حدث هذا؟!” فيرد عليه أحد جنوده، مر...

إلى الباحثين عن النور

  بقلم/ عبد الرحمن هاشم لا تتعجب من تلك القدرة المذهلة التي يمتلكها بعض البشر على تجسيد تناقضاتهم في الحياة؛ ترى الواحدَ منهم قويًّا متسلطًا مع الضعفاء، ضعيفًا خانعًا أمام أصحاب النفوذ والسلطان. يتحدث عن التقوى بلسانٍ فصيحٍ، لكن فعله وسلوكه لا يُشمّ منه عبير الورع، فيتبدّى كمن يضع قناعًا من نورٍ يخفي وراءه ظلامًا كثيفًا. هذا التمزق بين القول والفعل ، بين المظهر والجوهر، دفع بعض الباحثين عن النور إلى أن يشرعوا بصدقٍ في طلب شيخٍ سالك، يأخذ بأيديهم إلى صفاء النفس، ويخلّصهم من ازدواجية السلوك، ليدلّهم على طريق الوصول إلى الله والتخلق بأسمائه الحسنى. وفيما يلي باقة من وصايا الشيوخ لمريديهم ؛ وهي كلمات تنتمي إلى جوهر «التخلّي والتحلّي والتزكية»، تُروى لا لتُحفظ، بل لتُعاش: الخلوة اليومية التأملية بابٌ للدخول على الله من جهة الذل والضعف والمسكنة، تُعيد للمريد وعيه ببنوّته الروحية لشيخه الذي يسلكه ويهديه سبل السير. خدمة الناس ماديًا ومعنويًا امتدادٌ لنَفَس المشايخ في كل عصر، والله الذي أيّدهم هو نفسه الذي يمدّ العاملين اليوم بنوره وأمداده. هذه ليست معرفة نظرية، بل حالٌ يُذاق، به...