التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر, 2025

داير.. ميلادٌ برعاية وَلِيّ

بقلم الناقدة الأدبية د. نجلاء الورداني تقدّم قصة "داير" المنشورة بموقع العالم اليوم نيوز ( https://alalamalyoumnews.blogspot.com/2025/11/blog-post_27.html ) للكاتب عبد الرحمن هاشم، نصًّا سرديًّا مكثفًا يلتقي فيه الواقعي بالروحاني، ويتجاور فيه الهامشيون مع الأولياء، في إطار حكائي يطرح أسئلة عميقة حول العدالة والرحمة والخلاص.  فهي ليست مجرد حكاية عن لصّ يتوب، بل نصّ محكم يقرأ المجتمع المصري من زاوية الفضاءات الدينية الشعبية، ويعيد تقديم صورة الإنسان الهشّ الذي يبحث عن مأوى روحاني ينقذه من العتمة. منذ الوهلة الأولى يعرض الكاتب بطله "داير" بوصفه شخصية مهمّشة، نتاجًا لغياب الأسرة وضغوط الشارع ومأوى لا يرحم . ليس شريرًا بالفطرة، بل مكسورًا وفاقدًا للسند، يسرق لا رغبة في الجريمة بل دفاعًا عن بقائه.  غير أن القصة لا تكتفي بتقديم خلفيته الاجتماعية، بل تبني شخصيته عبر استرجاع يقف عند حادثة ماضية في القطار، تبرز قسوة المجتمع في التعامل مع المهمّشين وتكشف مفارقة لافتة: "القطارات غادرة… أمّا المساجد فرحمة". بهذه الجملة يضع الكاتب تصوّره للعالم: فضاءات دينية حانية، وأخر...

داير

قصة قصيرة بقلم/ عبد الرحمن هاشم كان "داير" يعدّ المساجد بحق سوقه الرائجة ؛ يمضي بينها خفيفًا كظلّ، سريعًا كلمح برق، لا يسمع تكبيرة الإحرام حتى يكون قد دخل متسلّلًا، يتصيّد ما يمكن اختطافه من متعلّقات المصلين الوادعين، بعينيه الصغيرتين الخبيرتين اللتين لا تخطئان فريسة. ولو سُئل عن مهنته للَعَنَها شرّ لعنة ؛ فهو واحد من أولئك الذين يبرّرون طريقهم المظلم بنشأة في الشوارع وغياب بيتٍ يحمي أو يدٍ تُقوم. ولربما لو امتلك حقّ الاختيار لآثر أن يكون خفيرًا أو بوّابًا، أو سمسارًا للعقارات، يرتدي جلبابًا نظيفًا ويقف على باب رزق حلال واضح. لكن "داير" كان له سببه الخاصّ في اختيار المساجد دون غيرها… فهؤلاء الذين يدخلونها يتركون الدنيا خمس مرات في اليوم خلف ظهورهم، ويقفون أمام ربّهم يرجون العفو والنجاة؛ وكان يظنّ أن يده إن امتدّت إلى جيوبهم فلن يجد منهم بطشًا، فلا مقام للغضب عند من خرج من الدنيا إلى الصلاة! ثم إن المرة الوحيدة التي جرّب فيها السرقة خارج المساجد – وكانت في قطار – جعلته يتوب عن التجربة نفسها لا عن الفعل: ضبطوه، اجتمعوا عليه ضربًا وركلاً، ودحرجوه من القطار المسرع، ...

دينك ودين أهلك يا مواطن !!

مصطفى رجب منذ وضع كرومر قبل قرن وربع قرن تقريبا خطته الجهنمية لإبعاد المصريين عن دينهم ، بدأ بتهميش مقرر التربية الدينية في المناهج والخطط الدراسية ، وانتهى الأمر بما يظهر حاليا في واقع مجتمعنا المصري الآن، وما يعانيه الشباب من تخبط فكري، وتمزق نفسي، واستعداد للاستقطاب هنا وهناك . وهذا الواقع المأساوي يجعل من أهم واجبات وزارة التربية والتعليم – تماشيا مع ما يحدث من خلل مجتمعي - أن تُعيد النظر في سياستها المتبعة منذ مائة عام في تدريس التربية الدينية، فالذي لا شك فيه أن هناك علاقة ما، بين التخصص العلمي من جهة، والثقافة الدينية من جهة أخرى، فأكثر الشباب الذين يتحمسون للدين، ويتمسكون بظواهر النصوص، ويلجأون إلى الحدّة في الفهم، والشدة في التعبير هم أبعد الشباب من دراسة الدين دراسة عميقة، وأكثر المتشددين -كما نلاحظ- من دارسي الطب والهندسة والعلوم الطبيعية، وقلّة قليلة جداً منهم من الأزهريين أو من دارسي العلوم العربية والشرعية، ونحن نمرّ بهذه الظاهرة دون أن نُوليها ما يليق بها من الاهتمام والتأمل. إن واقع التربية الدينية في مدارسنا بدءاً بمعلمها ومنهجها ومروراً بطرائق تدريسها، ومكانها من ا...

انطلاق الدورة التأسيسية الأولى في تحقيق التراث بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا ومحاضرة افتتاحية تثريها أرقام مذهلة عن العربية

انطلقت أمس الموافق 22 نوفمبر الجاري فعاليات الدورة التدريبية التأسيسية الأولى في تحقيق النصوص التراثية، التي ينظمها مركز التراث العربي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا وتستمر حتى الأربعاء 26 نوفمبر الجاري، وذلك بمقر الجامعة بمدينة 6 أكتوبر، بمشاركة نخبة من الأساتذة والباحثين والمهتمين بالتراث العلمي واللغوي. محاضرة افتتاحية ثرية لفضيلة الأستاذ الدكتور عبد الحميد مدكور واستهلت الفعاليات بمحاضرة افتتاحية ألقاها فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الحميد مدكور، الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالقاهرة، والأمين العام لاتحاد المجامع اللغوية العربية، الذي قدّم رؤية علمية واسعة حول خصوصية اللغة العربية وثرائها المذهل، مستندًا إلى مجموعة من الحقائق والدراسات الموثَّقة، من أبرزها: تمتلك العربية نحو 16 مليون جذر لغوي مقابل نحو 1000 جذر في الإنجليزية و700 جذر في اليونانية. يمكن اشتقاق أكثر من 16 كلمة من كل جذر لغوي واحد. وثّقت المصادر أن لكلمة "ضرب" أكثر من 130 معنى في العربية. العربية هي أكبر لغة تراثية مكتوبة في العالم؛ إذ تضم أكثر من 3 ملايين مخطوطة، يليها ثاني أكبر تراث عالمي بنحو نصف مليون فق...

جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا تشارك في احتفالية دار الإفتاء بمرور 130 عامًا على تأسيسها

  انطلقت صباح اليوم فعاليات الاحتفالية الكبرى لدار الإفتاء المصرية بمناسبة مرور 130 عامًا على تأسيسها ، وذلك بقاعة الاحتفالات بمقر الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، وسط حضور رفيع من كبار الشخصيات الدينية والتنفيذية ورجال الفكر والإعلام. وشهدت الاحتفالية مشاركة قيادات جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، حيث حضرت الأستاذة الدكتورة هالة المنوفي رئيس الجامعة، و الأستاذ الدكتور أنس عطية الفقي نائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم والطلاب ومدير مركز التراث العربي، و الأستاذ الدكتور نهاد المحبوب عميد كلية الطب البشري، تأكيدًا من الجامعة على دعمها للمؤسسات الوطنية الرائدة ودورها الفاعل في تعزيز الوعي الديني والفكري لدى المجتمع. وجاء انطلاق الاحتفالية مواكبًا للذكرى التاريخية لتأسيس دار الإفتاء المصرية في 23 نوفمبر 1895 ، والتي تعد أول دار إفتاء منظمة رسميًّا في العالم الإسلامي. وخلال الفعاليات، تمت استعادة مسيرة الدار الممتدة لأكثر من ثلاثة عشر عقدًا من العمل المؤسسي الرصين، ودورها في ترسيخ منهج الوسطية وتعزيز الاستقرار المجتمعي. وتخلل الحفل عرض فيلم وثائقي تناول التطور التاريخي لل...

د. عبد العزيز عبد اللطيف يكتب رسالته الثالثة إلى ليندا

من كتاب (رسائل عزيز إلى ليندا) " الرسالة الثالثة" بقلم/ د. عبد العزيز عبد اللطيف  لماذا تبتعد.. وقلبي يموت ببطء.. وروحي ترتعد.. نحب ونعشق، ونعيش الواقع بكل صوره الحقيقية والخيالية، نفرح ونضحك ونتعلم، ونحزن ونبكي ونتألم، لا نكذب ولا نتجمل، بل نتحمل، نتحمل كل ما يخطر بقلبك وعقلك من كل صور الألم والمعاناة، ولكن نصبر ونعافر ونقاتل، نحاول دائما أن نبقى في صدارة القلوب، عشقنا لا مثيل له في قلوب العاشقين، وحبنا عملة نادرة لن تجدها في اللوفر أو المتحف المصري، هو قطعة من وراء السحاب هبطت على الأرض بعد طوفان نوح عليه السلام، فامتلأت الارض رحمة وحنانا، حب يهز القلوب فتتمايل وتتراقص كما تراقصت البيوت في زلزال أكتوبر، حب يفيض من أعلى الجبال والأودية، حب أشبه ببركان تامو ماسيف، ناره تحرق الأفئدة، حب كإعصار توسونامي لا يتكرر ولكنه يزيح كل من يقف في طريقه، حب كالألغام الباقية من الحرب العالمية الثانية في الصحراء الغربية. هكذا رأيتك. نحبكم

لم أعد كما كنت

بقلم/ د. رانيا الفقي عندما قابلتها كان وجهها شاحبًا منطفئًا، لم تكن هي نفسها. سَألتُها: "ماذا أصابك؟ أين ضحكتك التي طالما ملأت المكان؟ أين ابتسامتك الجميلة؟" قالت لي: "لم يعد لدي أي شغف لأي شيء منذ أن تركني وحيدة. لم أعد كما كنت. شيئًا ما تغير بداخلي. في  الحقيقه ، فى حياة كلٍّ منّا لحظة لا نعود بعدها كما كنا. لحظة نشعر بعدها أن الدنيا تغيّرت، وأن نظرتنا للحياة والأشياء لم تعد كما كانت. لا تعود تُدهشنا الأمور التي كانت تخطف أبصارنا، ولا تُسعدنا الأشياء التي طالما أدخلت الفرح إلى قلوبنا. وحينها نتساءل: هل نضجنا؟ أم أن التجارب التي مررنا بها أثّرت فينا إلى هذا الحد؟ أم أنها طبيعة الحياة المتغيرة السريعة إيقاعها؟ قد يحدث هذا التحوّل بعد فقدان شخص عزيز، أو بعد صدمة نفسية أو عاطفية، أو خذلانٍ من أحد ظنناه سندًا. والحقيقة أنّنا جميعًا نمرّ بصدمات وتجارب قاسية، لكننا نختلف في كيفية التعامل معها: فمنّا من ينغمس فيها ويترك للمشاعر السلبية أن تسيطر عليه، ومنّا من يقاوم ويحاول استعادة ولو جزء بسيط من ذاته القديمة. وربما لو آمنّا أن هذه الأحداث جزء طبيعي من مسيرة الحياة، وأن مرورنا ...

دروس الشجرة في طريق السالكين: الستر والنمو والجمال في خدمة التصوف

بقلم/ عبد الرحمن هاشم كخادمٍ في طريق التصوّف، تعلّم أن تكون ساترًا لضعف الآخرين، حارسًا لأسرارهم، مراعياً لفضيلة الستر التي هي أصل من أصول السلوك؛ فكما تستر غيرك يسترك الله، وما أعظم قول الحق سبحانه: «ولولا فضلُ الله عليكم ورحمتُه ما زكى منكم من أحدٍ أبداً» . فالسالك الصادق لا يعيش ساعة واحدة بلا ستر الله، وهو يدرك أن النجاة كل النجاة في أن يلبسه الله ثوبه الواسع من الرحمة والحفظ. وفي رحلة السالك إلى الله، تشبه الحياة بالشجرة المثمرة؛ فهي رمز للخدمة والثبات والعطاء، وتقدّم لنا خمسة نماذج بديعة ينير بها السالك طريقه: ١ – نموذج الحياة والنمو: «كُن ناميًا» الشجرة لا تتوقف عن النمو، والنمو دليل الحياة. كذلك السالك: يخدم الطريق ويعمل باجتهاد، فلا يقف مستسلماً ولا يضعف أمام العقبات. ينمو هو، وينمو الطريق على يديه. وغاية النمو عنده: ترقية النفوس في محبة الله ونوره ، وهي مسؤولية روحية عظيمة على كل من سار في هذا الدرب. ٢ – نموذج الصمت والسكون: «كن هادئًا» الشجرة تكبر في صمت، وتثمر بلا ضجيج. وهكذا السالك: هدوؤه علامة فلاحه. يبتعد عن كل ما يربك القلب ويشتت الفكر ويشوّه صفاء الروح. فلا صخ...

أسرة قوية… تبدأ بطفل يمتلك قيمًا لا تتغير

  بقلم د. إيمان شاهين في زمن تتسارع فيه الخطوات وتتغير فيه الملامح كل يوم، تبقى القيم التربوية الثابتة هي الجسر الذي يعبر به الأبناء نحو مستقبل آمن، وهي البذرة الأولى التي تُزرع داخل الطفل ليكبر وهو يعرف نفسه جيدًا، ويحترم الآخرين، ويتحمل مسؤولية اختياراته، ويملك القدرة على التمييز بين ما ينفعه وما يضره.  فالأسرة القوية لا تُبنى بالصوت العالي ولا بالعقاب الشديد، بل تُبنى طفلاً طفلاً، وموقفًا بعد موقف، واحتواءً يتكرر كل يوم حتى يطمئن الطفل أن لديه ظهرًا قويًا يحمله لا يكسره.  الطفل الذي ينشأ على الاحترام، ليس احترام الآخرين فقط بل احترام نفسه أولًا، يصبح أكثر وعيًا بحدوده، وأكثر قدرة على التعبير عن رأيه دون خوف، وأكثر قدرة على قبول الاختلاف دون إحساس بالتهديد.  أما الصدق، فهو قيمة تتشكل داخل الطفل عندما يجد بيئة تستقبل أخطاءه دون عنف، وحوارًا يشرح، وصبرًا يحتوي، فيشعر بالأمان الكافي ليقول الحقيقة دون خوف من العقاب.  وعلى الجانب الآخر، تأتي قيمة المسؤولية التي تتحول من مجرد كلمات إلى ممارسة يومية، حين يتعلم الطفل أن له دورًا داخل الأسرة، وأن الأعمال الصغيرة التي ي...

د. عبد العزيز عبد اللطيف يكتب رسالته الثانية إلى ليندا

من كتاب (رسائل عزيز إلى ليندا)  "الرسالة الثانية" غاليتي هل تظنين أن باقة الحب انتهت. عفوا سيدتي لست موظفا في شركة we  لكنني جددت الباقة قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة. ولتعلمي أن خط الانترنت القلبي يعمل على مدار اللحظات. لن يصيبه خلل او عطل او قطع في حرارة العشق والنبضات ولو وضعنا سؤال الصباح في دائرة (أنت لي - انت بتاعي)، لعرفنا الإجابات ولتعلمي أن فاتورة الحب مسددة منذ خلق الأرض والسماوات سؤالكم عن استمرار الخدمة غير صحيح جميع الخطوط والمشاعر مشغولة بك حاول الاتصال والاشواق مرة أخرى. نحبكم.  #عزيز#

حتى لا تنفذ الرمال!

بقلم/ رانيا الفقي عندما ننظر إلى الساعة الرملية، نرى ذرات الرمال تتساقط منها بهدوء بمرور الوقت، حتى تنتهي جميعها. وفي كثير من الأحيان لا نلاحظ هذا التغيّر يوميًا، لأن التساقط يتم ببطء، لكننا في النهاية نتفاجأ بأن الرمال قد نفذت ونتساءل: كيف حدث ذلك؟ ومتى؟ ألم تكن ممتلئة بالأمس؟ وفي تلك اللحظة، لا نملك سوى أن نقلب الساعة لتبدأ رحلتها من جديد. لكن… ماذا لو حدث لنا نحن الشيء ذاته؟ أن تنفذ طاقتنا تدريجيًا كالساعة الرملية دون أن نشعر، بل ربما أسرع، تبعًا لما نمرّ به من مواقف وصعوبات، حتى نصل إلى الحد الذي ينكسر فيه الإطار الزجاجي، ونتناثر كما تتناثر ذرات الرمال، ولا نقدر على لملمة شتات أنفسنا. هل سنستطيع وقتها أن نعيد ترتيب أوراقنا ونبدأ الرحلة من جديد؟ أم كان الأجدر بنا أن نستعيد أنفسنا في كل مرة شعرنا فيها بالتعب؟ شعرنا أننا استُنزفنا، في كل مرة نظرنا في المرآة فلم نكن نحن، بل مجرد صور تشبهنا خارجيًا، بينما ما بداخلنا لم يعد كما كان. في كل مرة تركنا أنفسنا للحياة تعصف بنا كيفما تشاء، أو أُجبرنا على السير في طريق لا يشبهنا، ألم يكن الأجدر أن نعيد شحن طاقتنا قبل أن تنفذ تمامًا؟ أو نملك الطا...

د. عزة شبل محمد تكتب أحدث قصصها القصيرة "بائعات الربيع"

  بقلم أ.د. عزة شبل محمد أستاذة اللغويات بكلية الآداب في جامعة القاهرة وأستاذة اللغويات بكلية الدراسات الأجنبية في جامعة أوساكا باليابان   امتدت يده عبر فتحة ضيقة من زجاج النافذة الأسود، وأخذ منها واحدة، وقبل أن تمتد يدها، تطايرت النقود المبعثرة، وتطايرت هي معها في سباق محموم، بعد أن انطلقت سيارته الفارهة، وعلت ابتسامة بائسة وجهها الأسمر النحيل. ما زال معها الكثير، لم تستطع التخلص إلا من واحدة، وقد أوشك الظلام أن يغيم. تقدمت باستحياء ممسكة بأخرى، واقتربت أكثر وأكثر، لكن ملابسها المتسخة، وعينيها الغائرتين كانتا تدفعان السيارات للسباق مع الريح في الممرات الضيقة. تحسست البقع الزرقاء المتفرقة التي ترقد على جسدها النحيل، لم يكن هناك أمل في النجاة. استجمعت قواها، واقتحمت الميدان، فإذا بالفوضى تعم الميدان، وأصوات الضجيج تعلو وتعلو، لتجد أختها الكبرى ملقاةً على الجانب الآخر من الطريق. نظرات متبادلة يملؤها الفزع والفقر والجوع، والمارة يعبرون هنا وهناك. لفَّ السكون الميدان، وعمَّ الصمت، وتحول الميدان إلى قبر ابتلع الفتاتين.   لمعت فكرة وسط هذا السكون، حاولت الصغرى تقل...

من مشرفة إلى سهير رمضان... التمثال الذي عاد بعد 75 عامًا ليُخلّد عبقرية العلم في مئوية كلية العلوم

بقلم/ د. وليد الإمام مبارك   المنسق الإداري لمركز دراسات التراث العلمي بجامعة القاهرة  في مارس عام 1950، وبعد رحيل عبقري الفيزياء العربية الدكتور علي مصطفى مشرفة بخمسة أشهر فقط، أصدر اتحاد الجامعة المصرية قرارًا بتخليد ذكراه داخل كلية العلوم – جامعة القاهرة، بإنشاء تمثال له يُعبّر عن تقدير الأجيال لعطائه العلمي والوطني. كان مشرفة في حياته رمزًا للعقل المصري الحر، وفي وفاته أصبح رمزًا للخلود العلمي. ورغم مرور عقود طويلة على هذا القرار النبيل، ظلّ حلم إقامة التمثال مؤجلاً... حتى جاء اليوم الذي تعود فيه الروح إلى الفكرة من جديد، مع احتفال الكلية بمئويتها الأولى تحت قيادة أول عميدة في تاريخها، الأستاذة الدكتورة سهير رمضان فهمي، التي جعلت من هذه المناسبة التاريخية نقطة التقاء بين الماضي العريق والمستقبل الواعد. ففي عصرها، تجتمع رمزية الزمان والمكان: كلية العلوم التي أنجبت العلماء والرواد، ومشرفة الذي كان أول عميد مصري لها، وها هي بعد 75 عامًا تشهد ميلاد التمثال الذي انتظره التاريخ. إن إقامة تمثال للدكتور علي مصطفى مشرفة في مئوية الكلية لا تمثل مجرد تكريمٍ لشخصٍ رحل، بل هي رسال...

«الانتماء والمواطنة والهوية المصرية» ندوة بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا

كتب: عبد الرحمن هاشم في إطار جهود جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا في تنمية وعي الشباب وترسيخ قيم الانتماء والمواطنة، نظمت الجامعة ندوة مساء الثلاثاء 11 نوفمبر الجاري بعنوان «الانتماء والمواطنة والهوية المصرية» ، وذلك بمناسبة افتتاح مركز القيادات الطلابية بالتنسيق مع وزارة الشباب والرياضة . شارك في الندوة نخبة من الشخصيات الأكاديمية والوطنية، حيث أكد الأستاذ الدكتور كمال درويش ، عميد الأنشطة الطلابية، في كلمته أن «الانتماء للوطن لا يُغرس بالشعارات، بل بالممارسة اليومية الصادقة، حين يضع كل فرد نفسه في موقع المسؤولية تجاه مجتمعه ووطنه». كما تحدث الأستاذ الدكتور أحمد نظمي ، وكيل وزارة الشباب والرياضة للبرامج والأنشطة الجامعية، عن جهود الوزارة في إعداد جيل من القادة الشباب القادرين على الإسهام في التنمية الشاملة، مشيرًا إلى أن الجامعة شريك فاعل في تنفيذ المبادرات الوطنية التي تستهدف تمكين الشباب. وشارك كذلك الأستاذ الدكتور محمد عبد العزيز ، وكيل الأنشطة الطلابية بالجامعة، و الدكتور سيد شحاتة ، مدير إدارة الاتحادات والأسر الطلابية بوزارة الشباب والرياضة، مؤكدين أن الوعي بالهوية المصرية هو ال...

د. عبد العزيز عبد اللطيف يكتب رسالته الأولى إلى ليندا

بقلم/ د. عبد العزيز عبد اللطيف من كتاب (رسائل عزيز إلى ليندا) "الرسالة الأولى" هل ما زلت تلهو خلف الظباء، فتبتل قدمك في بحيرة كونستانس، وتطارد الفراشات الجميلة، وتداعب النجوم ، وتعزل من نور القمر حريرا سويسريا، وتمسك بالناي وتعزف أنشودة الحياة. تجتمع الطيور لتسمع صوتك الحاني، فتتراقص وتتمايل لتعزف (بحيرة البجع)، حتى الوحوش تدور من حولك وقد رسمت العالم على أرض الغابة، وتتساقط الثمار قبل أوانها، وتقفز فرحة بنزولها أرض السعادة، ويتغير لون السحاب ليشبه نقاء قلبك العظيم، وتتوقف الأرض عن دورانها لتلفت انتباهك، وتدور مجموعاتنا الشمسية صانعة استعراضات وتبلوهات فنية كالتي تصنعها فرقة البولشوى الروسية، والأمطار تخترق الأرض فتنبت ورودا حمراء ذات رائحة تفوق المسك والعنبر ودانهيل.  هل ما زالت مسبحتي بين أناملك تسبح الله، وتمجد الخالق.  لقد صنعتي تاريخا لك وحدك، اكتبي ما تشائين، فتاريخك يمتد لملايين اللحظات الجميلة، كل لحظة هي ديوان شعر، وبستان ورد. نحبكم

50 طالبًا وطالبة من جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا يشاركون في مبادرة "صحح مفاهيمك" لتعزيز الوعي الديني والفكري

  كتب عبد الرحمن هاشم: في إطار حرص جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا على تنمية وعي طلابها الفكري والثقافي، وتعزيز مشاركتهم في المبادرات الوطنية الرامية إلى تصحيح المفاهيم الخاطئة ومواجهة الفكر المتطرف، شارك وفد من طلاب الجامعة يضم 50 طالبًا وطالبة في فعاليات اللقاء الحواري الذي أقيم اليوم بقاعة الاحتفالات الكبرى في مجمع الفنون والثقافة بجامعة حلوان، ضمن مبادرة "صحح مفاهيمك" التي تنظمها وزارة الأوقاف المصرية بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي . شهدت الندوة حضور كلٍّ من الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري ، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية ووزير الأوقاف، و الأستاذ الدكتور محمد أيمن عاشور ، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، و الأستاذ الدكتور السيد قنديل ، رئيس جامعة حلوان، حيث دار حوار مفتوح مع طلاب الجامعات والمعاهد حول القيم الدينية والإنسانية الراسخة في الإسلام، وأهمية تصحيح المفاهيم المغلوطة وتعزيز روح الانتماء والوسطية والتسامح. وتأتي مشاركة جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا في هذا الحدث تأكيدًا على التوجه الذي تتبناه الجامعة برئاسة الأستاذة الدكتورة هالة المنوفي ...

انطلاق فعاليات تحكيم الموسم الرابع لجائزة "سعاد كفافي للإبداع" بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا تحت شعار "مبدعو مصر"

  كتب عبد الرحمن هاشم: بحضور الأستاذ الدكتور أنس عطية الفقي نائب رئيس جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا لشؤون التعليم والطلاب، والأستاذ الدكتور محمد عبد العزيز وكيل الأنشطة الطلابية، انطلقت اليوم أولى لجان تحكيم جائزة الأستاذة الدكتورة سعاد كفافي للإبداع – الموسم الرابع ، التي تُقام هذا العام تحت شعار "مبدعو مصر" ، والمؤهلة للمشاركة في مسابقة "إبداع" التابعة لوزارة الشباب والرياضة. بدأت فعاليات التحكيم بمسابقة الرسم والتصوير ، حيث شهدت مشاركة 42 عملًا فنيًا في ثلاثة أقسام متنوعة: الرسم بالفحم، والتصوير الفوتوغرافي، والرسم بالألوان المختلفة ، وقد عكست الأعمال المقدَّمة تنوع المواهب الفنية وتميز الحس الإبداعي لدى طلاب الجامعة. وأشاد الأستاذ الدكتور أنس عطية الفقي بالمستوى الفني المتميز للطلاب، مؤكداً أن الجامعة تولي اهتمامًا خاصًا باكتشاف ورعاية الموهوبين في مختلف المجالات الإبداعية، باعتبارهم ركيزة أساسية لبناء جيل مبدع يساهم في تنمية المجتمع. تكوّنت لجنة التحكيم من الأستاذة الدكتورة أماني الحسيني عميدة كلية الإعلام وفنون الاتصال، والأستاذ الدكتور أشرف العيسوي ...

جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا تختتم مشاركتها في دورة بنك المعرفة المصري لتطوير مهارات البحث العلمي

  كتب عبد الرحمن هاشم: في إطار حرص جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا على دعم البحث العلمي وتعزيز مهارات أعضاء هيئة التدريس والباحثين والطلاب في التعامل مع قواعد البيانات والمصادر البحثية الرقمية، شارك وفد من الجامعة في الدورة التدريبية التي نظمها بنك المعرفة المصري بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، والتي تناولت أحدث أدوات البحث العلمي وأساليب الوصول إلى قواعد البيانات الدولية، واختُتمت فعالياتها اليوم. انعقدت الدورة التدريبية بجامعة عين شمس تحت عنوان “آليات ومعايير إدراج المجلات الأكاديمية بقاعدة بيانات Scopus” ، وأدارها كل من المستشارة الأولى لنجاح العملاء لوشيا شوومبي ، و الأستاذ خالد شعلان مدير نجاح عملاء المؤسسات لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بشركة إلسيفير (Elsevier) . وضم وفد جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا عددًا من أعضاء هيئة التدريس والباحثين من مختلف الكليات، بإشراف ومتابعة الأستاذة الدكتورة هالة المنوفي رئيس الجامعة، و الأستاذ الدكتور أنس عطية الفقي نائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم والطلاب، ورئيس تحرير مجلة جامعة مصر للدراسات الإنسانية، ومدير مركز التراث العربي . وتأتي...

الشاعر الدكتور عبد العزيز عبد اللطيف يكتب أحدث قصائده: وفي المساء

شعر د. عبد العزيز عبد اللطيف  وفي المساء نجلس أرضا ونلتحف السماء وعند دوران النجوم قالت لي السمراء هي ليلة بيضاء فقلت: احذري البقرة الصفراء قالت: يا زيزو والنساء؟ فقلت: من تقصدين إسراء، ولاء، آلاء، علياء؟ قالت: سناء قلت: أخت شيماء هي حيزبون شمطاء قالت: وماذا عن حسناء؟ قلت: بلهاء قالت: ولقاء؟ قلت: حمقاء قالت: وفيحاء؟ قلت: خرقاء  قالت: وماذا عن ميساء؟ قلت: ابنة عمي. الشقراء ذات العين الخضراء لا أعرفها ...  قالت: بل تعرفها، هي جارتكم في الزهراء. قلت: حسنا حسنا، لكن عينها زرقها قالت:  ولمياء؟ قلت: ماتت في أيلول الأسود يوم ثلاثاء قالت: ووفاء؟ قلت: معصعصة عجفاء  قالت: وقصواء؟ قلت: ذات الخصلة الحمراء هي عمياء لا تعرف العود من الأفعى في الليلة الظلماء قالت: وهيفاااااء؟ قلت: عارية الصدر....  صديقة دعاء هي عرجاء لا تحسن فعل الأشياء قالت: ويلك يا زير النساء قلت: اتق الله في الدعاء فأنت النبتة الخضراء مراكشية أندلسية مصرية عربية ريفية أمزيغية أفريقية بدوية تسكن الصحراء واحتي وحبيبتي وظلي في الرمضاء وحضني الدافي في الشتاء قالت: كذبت قلت: أنت في القلب السويداء أنت نوري ف...

دور المرأة في القيادة من منظور الاستدامة الأسرية

بقلم/ د. إيمان شاهين في عالمٍ يتسارع بخطاه نحو التنمية الشاملة، لم تعد القيادة تُقاس بالمناصب أو النفوذ فحسب، بل أصبحت ترتكز على القدرة على تحقيق الاستدامة في مختلف مجالات الحياة، وعلى رأسها الاستدامة الأسرية التي تُعدّ الركيزة الأولى لأي مجتمع مزدهر. ومن هذا المنطلق، تتجلّى المرأة القائدة كعنصرٍ فاعلٍ في تحقيق التوازن بين التنمية المجتمعية واستقرار الأسرة، فهي القلب النابض الذي يمنح الحياة معنى الاستمرارية والعطاء. المرأة في جوهرها قائدة بالفطرة؛ فهي تُدير بيتها بحكمة، وتوزّع الأدوار، وتُنمّي القيم، وتغرس في أبنائها مبادئ المسؤولية والمواطنة. لكن من منظور الاستدامة الأسرية، يتجاوز دورها حدود الإدارة اليومية إلى بناء منظومة واعية تُوازن بين الحاضر والمستقبل، بين حاجات الأسرة الآنية ومتطلبات الأجيال القادمة. إنها قائدة تفكر بعقلٍ استراتيجي، فتُرشد الاستهلاك، وتدعم الاقتصاد المنزلي، وتُربي على احترام الموارد، وتحافظ على الروابط الاجتماعية كجزء من استدامة العلاقات الإنسانية. القيادة النسائية في هذا الإطار ليست مجرّد توجيه، بل هي قيادة قيمية تقوم على الرؤية والقدوة. فالمرأة التي تزرع في أس...

المتحف المصري الكبير أيقونة عبور الزمن

بقلم أ.د. حنان شكري      أستاذ الأدب العربي المساعد بكلية اللغات والترجمة جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا ا لأمس الموافق أول نوفمبر 25، تاريخ يُحفر من نور في ذاكرة المصريين؛ حيث عاشت مصر والعالم يوما استثنائيا متفردا، يوم افتتاح المتحف المصري الكبير. بدأت فكرة نقل المتحف المصري من ميدان التحرير منذ سنوات، وبالفعل تم وضع حجر الأساس للمتحف الجديد عام 2002، وكانت البداية مجرد حلم يراود وزير الثقافة الأسبق الدكتور فاروق حسني، الذي يُعد من أفضل من اعتلى هذا المنصب في مصر، وتم عرضها على الرئيس الراحل محمد حسني مبارك الذي وضع حجر الأساس بنفسه لهذا الصرح، وكان اختيار مكان المتحف الجديد اختيارا عبقريا بامتياز، نعم.. منطقة أهرامات الجيزة، وعلى بعد ألفي متر تقريبا من هرم خوفو كان التأسيس لهذا الصرح العملاق.. المتحف المصري الكبير. والمتحف المصري الكبير أعظم من كونه مشروعا حضاريا، أو مكانا لعرض آثار وأحجار؛ المتحف المصري قاطرة حضارة، جسر يصل الماضي بالحاضر، المتحف المصري الكبير هو مخزون الذاكرة الزمنية الحضارية، ذاكرة تضرب بجذورها في عمق التاريخ، ذاكرة عمرها سبعة آلاف عام من الرقي ...

الحرب النفسية وأجهزة العلاقات العامة والاستخبارات العسكرية

  بقلم د. أحمد عيسى استشاري العلاقات العامة والرأي العام بالمبادرة الرئاسية أعزائي القراء من دواعي سروري أن أكتب فى هذا الموضوع الذى أعتبره واجبا وطنيا على كل المعنيين بالرأي العام وتوجهات الجماهير النوعية ودعم الدولة والقيادة السياسية فيما يحاك ضدها من حروب نفسية. ومن الجدير بالذكر أن الحروب النفسية لا تمارس فقط ضد الدول، وإنما فى عالم الاقتصاد والمال يتم ممارستها ضد الشركات والمؤسسات والكيانات، فهي حرب تهدف إلى هدم الكيانات داخليا فلا تقوى على أي منافسة خارجية. وقبل أن أبدأ فى الحديث التفصيلى عن الحرب النفسية أو ما يطلق عليها تحديدا حروب الجيل الرابع، دعونا نأخذ جولة سريعة لمعرفة تطور الحروب. فى البداية، أحب أن أوضح أنه لا يوجد تاريخ فاصل يوضح بشكل قطعي المراحل الفاصلة بين كل جيل من الحروب وآخر، ولكنها بشكل تقريبي يتم تحديدها، وقد بدأت حروب الجيل الأول تقريبا في الفترة ما بين 1600 و1880 ميلادية، واتضحت معالم حروب الجيل الأول بوضوح فيما يسمى بالحرب النابليونية. وركزت هذه النوعية من الحروب على العدد أو القوة البشرية وكانت الجيوش فيها تتلاقى في الصفوف الأمامية وجها لوجه، وكانت الخسا...