التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من سبتمبر, 2025

المسئول غير مسئول: أزمة القيادة بين غياب القرار وسوء الاختيار

بقلم/ د. نجلاء الورداني المسئولية ليست لقباً شرفياً ولا مقعداً وظيفياً، وإنما هي عبء أخلاقي وواجب عملي يقتضي امتلاك الشجاعة والرؤية وتحمل النتائج. غير أنّ واقعنا يكشف عن مفارقة متكررة: مسئولون يتصدرون المشهد بلا مؤهلات حقيقية، يترددون في اتخاذ القرارات أو يتخذونها بغير وعي، فيتحول وجودهم من حلٍّ للأزمات إلى جزء من تكريسها. أخطر ما يمكن أن يصيب أي مؤسسة أو أسرة أو دولة أن يُوكل أمرها إلى مسئول يتجنب الحسم. فالقرار المؤجل لا يعني الحياد، بل يعني السماح للمشكلة بالنمو والتفاقم. الأب الذي يترك شؤون بيته من غير حسم يفقد احترام أبنائه، والمدير الذي يتردد في معالجة أخطاء العمل يشلّ مؤسسته، والمسئول العام الذي يُحيل كل قرار إلى "الظروف" أو "اللجان المختصة" يفقد ثقة المواطنين. لا يقل خطراً عن غياب القرار صدور قرارات مرتجلة أو غير مدروسة. فالمسئول الذي يوقّع قراراً بلا وعيٍ كافٍ بطبيعته أو عواقبه، ثم يتبرأ من نتائجه ويلقي باللوم على موظفيه أو على "الظروف الطارئة"، لا يمارس القيادة بل يتهرّب منها. هنا تتعرى الأزمة: انعدام الشجاعة في الاعتراف بالخطأ وتحمل تبعاته. الأخ...

التكنولوجيا بين الراحة والضغط النفسي .. الراحة الرقمية بثمن نفسي

بقلم/ د. نرمين نصر شهد العالم خلال العقود الأخيرة ثورة تكنولوجية غير مسبوقة، غيّرت أسلوب حياتنا بشكل جذري، وسهلت علينا العديد من الأمور اليومية. من الهواتف الذكية إلى الإنترنت والذكاء الاصطناعي، أصبحت التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، تقدم لنا الراحة والسهولة في التواصل والعمل والترفيه. من ناحية الراحة، قدمت التكنولوجيا حلولاً مبتكرة لتوفير الوقت والجهد. فقد أصبح بإمكاننا التواصل مع الآخرين حول العالم في ثوانٍ معدودة، وإجراء المعاملات البنكية من منازلنا، ومتابعة الأخبار لحظة بلحظة، فضلاً عن تطوير مجالات التعليم عن بعد والعمل عن بعد، مما منحنا مرونة أكبر في حياتنا اليومية. كما ساهمت التطبيقات الصحية والرياضية في متابعة حالتنا الصحية واللياقية بسهولة ودقة. ولكن في المقابل، أثبتت الدراسات أن الاستخدام المفرط للتكنولوجيا قد يولّد ضغوطًا نفسية على الأفراد. فقد ارتبطت الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي بزيادة القلق والاكتئاب، خاصة بين الشباب. فالإفراط في متابعة الإشعارات والرسائل يخلق شعورًا دائمًا بالانشغال وعدم القدرة على الانفصال عن العالم الرقمي، بينما تؤدي المقارنات المستمرة عل...

أمام القبة الخضراء

  (قصة رمزية) بقلم: عبد الرحمن هاشم ثمة لحظات لا تغيّر ما حولنا، بل تغيّرنا نحن من الداخل. لحظة أمام القبة الخضراء كانت لي كهبة سماوية عدّلت بصيرتي، فأبصرت ما كنت عنه غافلًا. برزت لي من الغيب حقائق كنت أمرّ عليها في المصحف الشريف دون تأمل. قضيت زمنًا طويلًا مقتنعًا بأفكار أثور عليها الآن، بعد هذا العمر المديد.  في شبابي كان الحماس يملأني، وكانت أسرتي كلها تحاول صرفي عن فورتي، لكن عبثًا؛ فقد كنت في سن يستهين بالمغامرة، ولو بالموت. رأيت الخطوب تصيب رفاقي، فلم أتزحزح. ثم جاءت أيام لاحقة أخجل فيها من نفسي؛ إذ خضت في أعراض وتجرأت على قامات وتسرعت في إصدار الأحكام وكأنني إله! وكان ابني ـ الإمام بالأزهر ـ يهمس لي: "كانت يا أبتي فتنة عمَّتْ، ولم ينجُ منها إلا أهل التواضع والأوبة." أدهشني أنني لم أشغل عقلي في كثير من المسائل والقضايا، كنت أهرب من الفهم. وسألت نفسي عن سر الغبش الذي يحيط بالشباب: إنه الحماس بلا حكمة، والإخلاص بلا فهم. ومنذ وقعت بلادنا فريسة للاحتلال، أخذ كل شيء يتغير. ثم اكتشفت أنّ الخلل في الفهم أمرٌ يُراد، وأنّ المحتل لا يحارب التطرف والعنف بقدر ما يغذيه. في تل...

إذاعة البرنامج العام… سبعة عقود من التأثير

بقلم/ د. نجلاء الورداني منذ منتصف القرن الماضي، ارتبط اسم إذاعة البرنامج العام بذاكرة المصريين والعرب، بوصفها إحدى أعرق وأوسع المحطات الإذاعية انتشارًا. فمنذ انطلاقها عام 1953، وهي تؤدي دورًا وطنيًا وثقافيًا لا يقل أهمية عن دور الصحافة أو التلفزيون، لتصبح رمزًا للإعلام الرصين وصوتًا يرافق المصريين في تفاصيل حياتهم اليومية. البداية والتأسيس يُعتبر عام 1947 محطة فاصلة في تاريخ الإذاعة المصرية، إذ آلت إدارتها بالكامل إلى الحكومة بعد انتهاء التعاقد مع شركة ماركوني البريطانية. ومن هنا بدأت ملامح الإذاعة الوطنية المستقلة التي تعبر عن صوت المصريين، وتخدم قضاياهم السياسية والاجتماعية والثقافية.  وخلال الفترة من 1947 إلى 1953 شهدت الإذاعة المصرية مرحلة تأسيس حقيقية، تم فيها وضع اللبنات الأولى لشبكات البث الوطنية، وتدريب الكوادر الإذاعية المصرية، والتوسع في ساعات الإرسال والمحتوى. وفي عام 1953، بعد قيام ثورة يوليو مباشرة، انطلقت إذاعة البرنامج العام بوصفها الإذاعة الرئيسية للدولة المصرية. وقد جاء تأسيسها ليعبر عن روح تلك المرحلة التاريخية، حيث احتاجت مصر إلى صوت جامع يخاطب الشعب، وينشر الوعي...

بعد 75 عامًا من رحيل "أينشتاين العرب": تمثال لعلي مصطفى مشرفة في مئوية كلية العلوم

بقلم/ د. وليد مبارك في إطار احتفالات كلية العلوم بجامعة القاهرة بعيد الخريجين وتزامنًا مع مئويتها الأولى، شهدت الكلية حدثًا استثنائيًا بكشف النقاب عن تمثال للعالم الجليل علي مصطفى مشرفة، تخليدًا لذكراه بعد مرور 75 عامًا على رحيله. وقد أُطلق على دفعة هذا العام اسم "دفعة علي مصطفى مشرفة"؛ تقديرًا لإسهاماته العلمية التي وضعت مصر والعالم العربي على خريطة الفيزياء العالمية. حضور رسمي رفيع المستوى جاء افتتاح التمثال بحضور كل من: أ.د. أحمد رجب نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب. أ.د. محمود السعيد نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث. أ.د. سهير رمضان فهمي عميد كلية العلوم. أ.د. سحر فضل الله وكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة. أ.د. مها محمد يوسف الخاذندار وكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب. والفنان التشكيلي أ.د. محمد أحمد ماضي، الذي صمّم التمثال وأشرف على تنفيذه. كما شهد الاحتفال حضور علماء كلية العلوم والسادة رؤساء الأقسام العلمية، إلى جانب مشاركة أ.د. عادل عطية مشرفة الذي أضفى حضوره بُعدًا وجدانيًا خاصًا لهذا اليوم المميز. بصمة فنية خالدة أبدع الفنان التشكيل...

مدرسة دينا للرقص الشرقي.. وكفى!

بقلم/ د. نجلاء الورداني في خطوة أثارت جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي وبين المتابعين للشأن الفني، أعلنت الراقصة دينا عن إطلاق مدرسة متخصصة لتعليم الرقص الشرقي. الإعلان قوبل بموجة من الآراء المتباينة؛ فبينما رأى البعض أن الخطوة محاولة جادة لإعادة الاعتبار لهذا الفن، اعتبرها آخرون تجاوزاً للخطوط الحمراء ومخالفة للقيم المجتمعية. الراقصة دينا، التي ارتبط اسمها طويلاً بمهنة الرقص الشرقي، قدمت مدرستها باعتبارها منصة لتعليم أساسيات الرقص بأسلوب أكاديمي يتيح للهواة والمحترفين اكتساب مهارات أوسع. مؤيدو الفكرة اعتبروا أن الرقص الشرقي جزء من التراث المصري الشعبي لا يقل أهمية عن فنون أخرى مثل الباليه أو المسرح الاستعراضي، وأن تحويله إلى مادة تُدرَّس قد يسهم في نقله إلى أجيال جديدة بشكل منظم. لكن على الجانب الآخر، يرى معارضو المشروع أن تخصيص مدرسة لهذا الفن قد يثير جدلاً أوسع حول صورة مصر في الخارج، ويزيد من حساسية النقاش الداخلي حول الحدود الفاصلة بين الفن والابتذال. ويستشهد هؤلاء بأن الرقص الشرقي ظل طويلاً محصوراً بين كونه فناً له جذوره الشعبية واتهامات دائمة بارتباطه بالإثارة التجارية. ...

شهادة قبل أن أموت — قراءة سوسيولوجية

  بقلم الأديبة الناقدة/ د. نجلاء الورداني ليست كل الحكايات مجرد سرد شخصي عن الحب أو الفقد، فبعضها يتحول إلى شهادة حيّة عن عصر مضى ما زلنا نعاني من آثاره. وفي نص «شهادة قبل أن أموت»، انظر الرابط:  https://alalamalyoumnews.blogspot.com/2024/12/blog-post_15.html ؛ نحن أمام تجربة تتجاوز حدود الاعتراف الفردي، لتصبح وثيقة اجتماعية وسياسية، تكشف ملامح جيل بأكمله. القصة تحكي حياة امرأة عاشت الحب في الظل، وانكسرت تحت وطأة الأعراف والقهر الأسري، لكنها لم تفقد إنسانيتها ولا قدرتها على المقاومة. هنا، لا نتعامل مع نص عاطفي صرف، بل مع شهادة وجودية ترصد تقاطعات الحب والسياسة والمجتمع في حياة فردية تتحول إلى مرآة لزمن مضطرب. بين السرد والذاكرة: لغة الرموز ما يلفت في النص هو لغته البسيطة والمباشرة، لكنها محمّلة بالصور الحسية التي تتحول إلى رموز كثيفة. الورقة المطوية التي تخفيها البطلة ليست مجرد ورقة، [ناولني الورقة وهمس كعادته: "رسالة.. أرجو أن تقرأيها". ولم ينتظر أن أرد، بل استدار بخفة ومضى على السلم دون أن يعطيني ظهره بل ظل ملتفتا إليَّ حتى غاب عن نظري. أغلقت الباب، وجلست أقرأ، فرأيت الكلما...

الدكتور علي مصطفى مشرفة رائد من رواد النهضة العلمية في مصر (الحلقة الأولى)

د. وليد الإمام مبارك   مركز دراسات التراث العلمي جامعة القاهرة       بمناسبة الاحتفال بمئوية كلية العلوم – جامعة القاهرة، التي تمثل حلقة مركزية في مسيرة العلم والمعرفة في مصر، نستحضر تاريخًا مجيدًا ورسالًة متجددة في خدمة الوطن والإنسان. يسرنا أن نعلن عن انطلاق سلسلة مقالات علمية وثقافية نسلط فيها الضوء على تاريخ هذه المؤسسة العريقة ودورها الحيوي في بناء النهضة العلمية في مصر. فمنذ نشأتها قبل قرن من الزمان، تواصل كلية العلوم أداء رسالتها كمنارة للفكر والبحث العلمي، ومركزًا لإعداد أجيال متعاقبة من العلماء والمفكرين الذين أسهموا بإبداعاتهم وجهودهم في تقدم العلوم على المستوى الوطني والإقليمي. لقد شكلت كلية العلوم بجامعة القاهرة مركزًا رائدًا لإعداد أجيال متميزة من الباحثين والعلماء في كافة التخصصات العلمية، وساهمت في تأسيس قاعدة علمية صلبة دعمت تطور مصر العلمي والحضاري. وقد كانت منارة لنخبة العلماء الذين تركوا بصماتهم المجيدة في مجالات الرياضيات، الفيزياء، الكيمياء، والعلوم الطبيعية، وبرز من بينهم شخصية لامعة ومتميزة مثل الدكتور علي مصطفى مشرفة، الذي يجسد المثا...

إعلام فاروس يستضيف نجوم الفن والإعلام

نظّمت كلية الإعلام وفنون الاتصال بجامعة فاروس، أمس الثلاثاء احتفالية استقبال للطلاب بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد، وذلك تحت إشراف الأستاذة الدكتورة نائلة عمارة، عميدة الكلية. شارك في الفعالية عدد من الإعلاميين والفنانين، من بينهم الإعلامي حسن فودة (مذيع بقطاع الأخبار بقناة الغد)، والإعلامي رامي الحلواني (المذيع بإكسترا نيوز وراديو 9090)، والفنانة بسنت النبراوي، بالإضافة إلى المطرب الصاعد ليل المحمدي، الطالب بالفرقة الأولى. وخلال الحفل، قدّم الضيوف كلمات تحفيزية للطلاب الجدد، حيث أكد الإعلامي حسن فودة على أن عشق الإعلام يبدأ من الصغر، مشيرًا إلى أن الالتزام بالمهنية والإخلاص يسهم في تجاوز صعوبات المهنة. و أشار الإعلامي رامي الحلواني إلى أهمية المرحلة الجامعية وعدم الانسياق وراء الترفيه فقط، داعيًا الطلاب للاستفادة من خبرات أساتذتهم. من جانبها، عبّرت الفنانة بسنت النبراوي عن سعادتها بزيارة الكلية، مشيدة بدور الإعلام كأحد أعمدة بناء الدولة. كما قدّم المطرب ليل المحمدي مجموعة من الأغاني وسط تفاعل من الحضور. واختُتمت الفعالية بفتح باب الأسئلة وتكريم الضيوف، وسط أجواء احتفالية وحماسية بين...

عدوى القتل: هل يتحول العنف إلى وباء مجتمعي؟

بقلم/ د. نجلاء الورداني في كل يوم تقريبًا، تتصدر وسائل الإعلام أخبارًا عن جريمة قتل هنا أو هناك: أب يقتل أبناءه، شاب يقتل صديقه بسبب خلاف تافه، زوجة تقتل زوجها أو العكس. قد تبدو هذه الحوادث في ظاهرها أحداثًا فردية معزولة، لكن التساؤل الذي يفرض نفسه: هل يمكن أن نعتبرها "عدوى" تنتقل من واقعة إلى أخرى؟ علماء الاجتماع والجريمة بدأوا بالفعل في استخدام مصطلح "عدوى العنف" (Violence contagion) لتفسير هذه الظاهرة. ففي دراسة بارزة أُجريت في جامعة شيكاغو، تبيّن أن جرائم القتل تنتشر عبر الشبكات الاجتماعية بنفس الطريقة التي ينتشر بها المرض، أي أن حدوث جريمة في نطاق معين يزيد من احتمالية تكرارها في نفس النطاق خلال فترة قصيرة. الأمر لا يتعلق فقط بجرائم الثأر أو النزاعات الكبرى، بل حتى الجرائم الفردية اليومية قد تترك أثرًا مشابهًا. فعندما يسمع الناس بخبر أبٍ قتل أبناءه بسبب ضغوط اقتصادية، قد يتلقف آخرون الفكرة – دون وعي – باعتبارها "خيارًا ممكنًا". وهكذا يتحول القتل من حادث فردي إلى سلوك متداول، يتكرر في سياقات مختلفة. وسائل الإعلام بدورها قد تلعب دورًا مضاعفًا في هذه الع...

القاهرة تستضيف المؤتمر الصحفي لبطولة العالم للملاكمة العربية للمحترفين الثلاثاء المقبل

كتبت: مي عطية صرّح الإعلامي حسام عبد الله آل عطية، المتحدث الرسمي باسم الاتحاد الدولي للملاكمة العربية، أن الدكتور الهادي السديري رئيس الاتحاد الدولي للملاكمة العربية سيحضر المؤتمر الصحفي المقرر انعقاده يوم الثلاثاء المقبل بالمركز الأولمبي للمنتخبات الوطنية بفندق توليب بالمعادي. ويأتي ذلك بعد موافقة وزارة الشباب والرياضة، والاتحاد المصري للكيك بوكسينغ، والاتحاد الدولي للملاكمة العربية على إقامة بطولة العالم للملاكمة العربية للمحترفين، للتنافس على حزام بطولة العالم لوزن فوق المتوسط (76 كغ). وسيشهد النزال المرتقب مواجهة قوية بين بطل العالم ست مرات متتالية، البطل المصري العالمي محمد عبده، والبطل اليوناني العالمي بناجيوتيس ماتساكون، على مدى عشر جولات، في أول بطولة من نوعها تُقام في مصر. ومن جهته، صرّح سعادة أحمد سامي، رئيس مجلس إدارة إيديا جروب، الشركة المنظِّمة للبطولة، أن إقامة هذه الفعالية تأتي تزامنًا مع احتفالات ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة، مؤكدًا أن البطولة ستشهد مشاركة عشرة أبطال من دول مختلفة، وحضور عدد من الشخصيات المصرية والعربية البارزة، إضافة إلى تغطية إعلامية واسعة محلية ودول...

الموبايل حين يكون جنديا من جنود المسيخ الدجال

بقلم/ هاني جاد انظر حولك في الشارع.. الناس تمشي ورقابها منحنية إلى الموبايل. أطفال يحفظون أسماء التطبيقات أكثر مما يحفظون أسماء الصحابة، وبيوت تبدو ساكنة من الخارج لكن داخلها ضجيج إلكتروني لا ينقطع. كل واحد يعيش في عالم افتراضي صنعه لنفسه، بعيدا عن حقيقته. ألا يشبه هذا ما حذّرنا منه النبي ﷺ عن المسيخ الدجال؟! يخدع الأبصار ويقلب الحقائق، فيُرِي الجنة وهي نار، والنار وهي جنة. قال رسول الله ﷺ: «ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال» (رواه مسلم). فتنة المقارنة  شاب طيب وبسيط ضاعت حياته بسبب الهاتف. انشغل بمشاهدة حياة المشاهير: سيارات، سفر، وأموال، فامتلأ قلبه بالحسد والنقص. قارن نفسه بهم حتى غرق في الديون محاولًا تقليدهم. لكنه اكتشف متأخرًا أن ما رآه كان وهمًا، وأنه باع سعادته الحقيقية من أجل صورة خادعة. وهذا يذكّرنا بقول الله تعالى: ﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ [لقمان: 33]. فخ العلاقات المحرمة وبنت صغيرة لم تتجاوز الخامسة عشرة، انساقت وراء كلمات معسولة من شخص مجهول على الإنترنت. صدّقته، وحكت له أسرارها، ثم اكتشفت أنه...

حسن الاختيار أساس سعادة البنات واستقرار البيوت

  بقلم المستشارة/ شيماء سحاب المحامية بالنقض تُكرَم المرأة في بيت الزوجية كما كانت تُكرَم في بيت أهلها، بل وتزداد مكانةً وعزًّا إن وجدت من زوجها تقديرًا ورعايةً ومسؤوليةً حقيقية. وحين يتقدّم فارس الأحلام لطلب يد ابنتك لينتقل بها إلى حياة جديدة، فإن واجب الأب والأم أن يتحرّيا عنه بكل دقة، وألّا يقبلا إلا بمن يوفّر لها حياةً كريمة لا تقلّ عن تلك التي عاشتها في بيت والديها. فكثيرًا ما يُخفي بعض الرجال حقيقتهم خلف ستار من المظاهر المزيّفة؛ يُظهرون أصالةً وهم بعيدون عنها، ويتصنّعون الأخلاق وهم يجهلون معناها. وقد انتشر في زماننا التلاعب والخداع، لذا وجب الحذر الشديد وعدم التسرّع في تزويج البنات دون بحث وتمحيص. وعلى كل أب وأم أن يسألا ويتحرّيا: عن عائلة المتقدّم، وسيرته، وخلقه، وسمعته بين جيرانه، وصحيفته الجنائية، وهل سبق له الزواج أم لا. فالتقصّي الدقيق خير من الوقوع في فخ يصعب الخروج منه. تذكّر أيها الأب: سؤالك واهتمامك اليوم هو الذي يضمن لابنتك غدًا حياةً هانئة، مليئةً بالمحبّة والمودّة والسكينة، وينعكس أثره على أجيال صالحة تُنشأ على القيم والأخلاق. ففي التأنّي السلامة، وفي العجلة ...

خديعة النفوس

قصة رمزية بقلم/ عبد الرحمن هاشم سألتني بعض الفتيات أن أستخير لهن الله تعالى في دفع صاحب الملجأ، الذي يأويهن بظاهر الرحمة، ثم يستغلهن شر استغلال، حتى بلغ به الأمر إلى المتاجرة بهن. رقّ قلبي لطلبهن، فلجأت إلى الله عز وجل. في الليلة الأولى، رأيت شيخي – رحمه الله – في المنام يقرئني دعاءً مزلزلاً: {اللهم أنت المحيط بمكنون الضمائر، وأنت الناصر المطلع العالم، مالك روح فلان، اللهم أهلكه وسربله بسربال الهوان، وقمصه بقميص الردى، واقصم عمره وكوّر شمسه}. ثم تلا: (فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق)، (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد)، (فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم). وقال: يا حادثات الليالي، جدي للسير إليه، فإننا نرجو خلاصنا من يديه. ثم ختم: (قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين)، رب إني مظلوم فانتصر. استبشرتُ خيرًا. لكن بعد أيام، أتين إليّ يائسات محبطات: إذ لم يزد الطاغية إلا عتوًّا واستكبارًا، والسخرة في أعناقهن أثقل وأقسى. عدت إلى الله ضارعًا، ثم رأيت شيخي مرة أخرى، لكن هذه المرة بوجه حازم، وقد ارتسمت فيه ملامح الاستياء. قال لي: – "ل...

وجعٌ دفينٌ

بقلم/ د. نجلاء الورداني في كل عام، ومع صباح أول يوم دراسي، تقف عند شرفة بيتها وتنظر إلى الشارع المزدحم بالأطفال يحملون حقائبهم الجديدة، تتدفق ضحكاتهم البريئة مع أصوات الأمهات والآباء الذين يرافقونهم. تتعلق عيناها بكل مشهد صغير؛ يدٌ صغيرة متشبثة بذراع أمها، ابتسامة بريئة تختفي خلف حقيبة أكبر من الجسد النحيل، نظرات التوتر والفرح الممتزج بالرهبة. لحظات كهذه، بسيطة في ظاهرها، تتحول عندها إلى خنجر يطرق قلبها بحدة. لقد مرت أعوام طويلة وهي تعيش في دائرة الصمت، لا أطفال يملؤون بيتها، ولا أصوات صغيرة توقظها صباحًا، ولا واجبات مدرسية تملأ الطاولة في المساء. الناس من حولها يرونها وكأنها في نعمة، يهمسون بأنها "محسودة" لأنها لم تُثقل بمسؤوليات التربية ومصاريف المدارس. لكنهم لا يعرفون أن ما يصفونه بالحسد ليس إلا فراغًا يمزق روحها كل يوم، وأن هذا الغياب ليس راحة بل وجعًا صامتًا يتجدد كلما رأت طفلاً يضحك أو أمًّا تضم صغيرها. أشد ما يثقل قلبها هو ذلك الحلم المؤجل، حلم الأمومة الذي تحمله معها منذ كانت طفلة. كانت تتخيل طفلها يركض في غرف البيت، تتصور كيف سترتّب حقيبته المدرسية بعناية، وترافقه في...

الأمية المنهجية

د. عمار علي حسن من يُطالع الأطروحات العلمية من ماجستير ودكتوراه فى حقل الإنسانيات فى جامعات عربية عدّة سيكتشف للوهلة الأولى أن أغلبها يفتقد الدقّة المنهجيّة والأصالة العلمية والقُدرة على إضافة شىء لافت أو إبداع جديد، بينما الجامعات ماضية فى منح الدرجات وفق آلية بيروقراطية، نالها الفساد والعطب الذى ضرب جَنَبَات مؤسّسات وهيئات ومسارات أخرى فى مجتمعاتنا، لنجد عشرات الآلاف ممن يحملون درجة مُدرّس أو أستاذ مُساعد أو أستاذ، لا يرقى ما لديهم من إمكانية التفكير العلمى والضبط المنهجى والعمق المعرفى إلى ما يحملونه من درجات، ويعتقد أغلبهم واهماً أنه يستحقّها، بل يتيه بها كثيراً على مَن هم دون ذلك فى المجتمع العام. إن وظائف البحث العلمى تتدرّج صعوداً من «جمع المتفرّق» إلى «إبداع الجديد» أو «اختراع المعدوم» ومروراً بـ«تكميل الناقص» و«تفصيل المُجمل» و«تهذيب المُطوّل» و«ترتيب المُبعثَر» و«تعيين المُبهَم» أو «تجلية الغامض» و«تبيين الخاطئ» و«نقد السائد»، لكن أغلب الرسائل الجامعية تدور فى الحدود الدنيا لتلك الوظائف وخاصة «جمع المُتفرّق»، بل نجد كثيراً من الباحثين قد انحدر بهذه الوظيفة وصاروا لا شغل لهم و...

ثقافة الساندويتش: حياة على عَجَل

بقلم/ د. نجلاء الورداني في مجتمعاتنا الحديثة، أصبح الزمن سلعة نادرة وثمينة. إيقاع الحياة لم يعد يمنحنا فسحة للتأمل أو البطء؛ كل شيء يتحرك بسرعة مضاعفة: العمل، الدراسة، العلاقات، وحتى أنماط الاستهلاك. في قلب هذا الاندفاع، تشكّلت ما يمكن تسميته بـ "ثقافة الساندويتش"؛ ثقافة سريعة، آنية، تُنتج وتستهلك وتستبدل بلا توقف. الساندويتش، في جوهره، ليس مجرد وجبة غذائية، بل رمز لعصر كامل. فهو طعام مُعبّأ، محمول، جاهز للأكل في أي وقت ومكان، يعكس نزوعنا إلى الحلول الفورية والتجارب السريعة والإشباع اللحظي. لقد فقدنا تدريجيًا متعة الجلوس إلى مائدة طويلة، والتمهل في الاستماع أو القراءة أو حتى التفكير. ولأن الثقافة لا تظل حبيسة الجسد، فإن انعكاساتها طالت العلاقات الإنسانية أيضًا. صداقاتنا باتت "ساندويتشية"؛ سريعة التشكل، سطحية المضمون، قليلة العمق. مشاعرنا بدورها تحولت إلى "سناكس" عاطفية، نستهلكها ثم ننتقل إلى غيرها. حتى قيمنا ومواقفنا الفكرية لم تعد تستقر طويلًا، بل تُستبدل بغيرها في لحظة اندفاع. و يبقى التساؤل: هل تُحقق هذه السرعة الدائمة سعادتنا، أم أنها حولتنا كائنات ترك...

من جيبك لا من جيبها.. هكذا تُبنى البيوت

بقلم المستشارة/ شيماء سحاب المحامية النقض لا يحق للزوج أن يمد يده إلى أموال زوجته، فلكلٍّ منهما ذمّة مالية مستقلة. لكننا نرى اليوم، وبناءً على وقائع حقيقية وقصص تتكرر، أن بعض الأزواج صاروا يعتمدون اعتمادًا شبه كامل على أموال الزوجة؛ سواء كانت عاملة أو حتى تملك مدخرات بسيطة. أصبح البيت والأطفال والاحتياجات اليومية عبئًا تُلقى مسؤوليته على كتفي المرأة، بينما الزوج يتنصل من دوره الأساسي. كثيرًا ما أسمع من زوجات يطلبن الخُلع، وعندما أسألهن عن السبب يقلن بمرارة: "زوجي تعمّد أن يفرغ جيبي، وأصبح يعتمد عليّ في كل مصاريف البيت والأولاد. يا أستاذة، على رأي المثل: خذ من التل يختل." كلام صادق ومرير. فكيف يرى الزوج نفسه قائدًا وهو يتعمّد أن يجعل زوجته بنكًا مفتوحًا ينفق منه؟! وماذا بعد أن تنفد أموالها؟ هل سيتركها تواجه مصيرها وحدها، أم يبحث عن زوجة جديدة لديها ما ينفقه؟ أيها الزوج، أنت وحدك المسؤول عن النفقة: على بيتك، على زوجتك، على أطفالك. نعم، في أوقات الأزمات تظهر المعادن الأصيلة، والزوجة الصالحة لا تتردد في مساندة زوجها لتجاوز العثرات. لكن أن تتحوّل المساندة إلى التزام دائم، فهذا جَو...

مولد السيدة زينب عليها السلام: الروحانية الوجدانية والكرنفالية الشعبية المُعَبِّرة بـ"نظرة يا ست"

بقلم/ د. نجلاء الورداني مولد السيدة زينب عليها السلام واحدًا من أبرز الموالد الشعبية والدينية في مصر، حيث يتحول حي السيدة زينب بالقاهرة كل عام إلى ساحة احتفالية ضخمة تستقطب مئات الآلاف من الزوار من مختلف المحافظات. يقام المولد في شهر رجب، ويستمر عادةً لأيام عدة، ليجمع بين الطابع الروحي الوجداني والبعد الاجتماعي والاقتصادي والثقافي. البعد الروحي يرتبط المولد بذكرى السيدة زينب عليها السلام بنت سيدنا الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام؛ حفيدة سيدنا رسول الله ﷺ، التي تحظى بمكانة روحية خاصة في قلوب المصريين. خلال المولد يتوافد الزوار إلى المسجد والضريح لإقامة حلقات الوعظ والذكر وقراءة الفاتحة، وتقديم النذور، وطلب البركة، في أجواء يغلب عليها الشعور بالسكينة والطمأنينة. البعد الاجتماعي والثقافي لا يقتصر مولد السيدة زينب عليها السلام على الجانب الروحي فحسب، بل يشكل أيضًا ملتقى اجتماعيًا واسعًا، حيث تنتشر حلقات الذكر والمديح الصوفي، وتقام خيام الضيافة التي تقدم الطعام مجانًا للزوار، في تعبير عن قيم الكرم والتكافل. كما تتحول الساحات المحيطة بالمسجد إلى سوق شعبي كبير يعرض السلع البسيطة والألعاب وا...

من الغيرة ما قتل!

بقلم/ د. نجلاء الورداني لم تعد الغيرة بين الزوجات مجرّد همس مكتوم أو نظرات حادة خلف الأبواب المغلقة؛ بل تحوّلت في بعض البيوت المصرية إلى صرخة مدوية تهز الجيران وتصل إلى دفاتر الشرطة. من منافسة صامتة على قلب رجل واحد، إلى مشادات كلامية حادة، ثم إلى عراك ترتفع فيه الأيادي وتفحش الألفاظ، قبل أن يسقط أحدهم ضحية... قد تكون الزوجة الأخرى، أو الزوج نفسه، وأحيانًا الأبناء الذين يُستَخدمون كورقة انتقام بين المتصارعات. قصص الجرائم التي تملأ صفحات الحوادث وساعات البث الفضائي لا تبدأ عادة بسكين أو سمّ، بل بشرارة صغيرة: كلمة قاسية، نظرة غيظ، أو إحساس بالظلم وعدم المساواة؛ إنها الشرارة التي تنتج حريقا في بيت يفتقد الحوار والتوازن العاطفي، وربما يتفاقم أوار هذا الحريق فلا يجد مَنْ يطفئة. علماء الاجتماع يربطون الأمر بخلل في بنية الأسرة نفسها: غياب الاستقرار، تضارب الأدوار، إحساس النساء بعدم العدالة. وفي غياب العلاج النفسي والاجتماعي، تتحول الغيرة من شعور إنساني طبيعي إلى غيرة مَرَضية تُهدّد أمن البيت والمجتمع معًا. أمّا من جهة الأمن، فالأرقام تكشف عن جرائم أسرية تتكرر كل عام، وقصص متشابهة تكاد تصوغ نف...

قراءة نقدية: "علاقات الظل... سردية الاعتراف والتوبة"

  بقلم/ د. نجلاء الورداني يبحر نص "امرأة في الظل" للزميل الأستاذ عبد الرحمن هاشم [انظر الرابط: https://alalamalyoumnews.blogspot.com/2025/09/blog-post_24.html  ] في زوايا معتمة من العلاقات الإنسانية، متخذاً من تجربة "المرأة الأخرى" مدخلاً لسبر أغوار الضعف الإنساني والبحث عن الذات. ما يميزه ليس فقط جرأة الطرح، بل قدرته على تحويل الاعتراف الفردي إلى مرآة تعكس أزمة مجتمعية أوسع. رحلة الألم والتحرر ينطلق النص من سؤال وجودي عن السعادة الزوجية، لينحصر سريعاً في تجربة شخصية معقدة. البطلة ليست مجرد ضحية؛ إنها شريكة في علاقة قائمة على الوهم، تستقبل الرجل في ساعات مسروقة وتمنحه ما لا يجده في بيته. غير أن هذا "المهرب العاطفي" للرجل يتحول تدريجياً إلى "سجن عاطفي" للمرأة. لحظة الوعي الحاسمة تأتي حين يواجهها الرجل باعتراف قاسٍ: أي زواج منه سيحوّلها إلى نسخة أخرى من زوجته. هنا يحضر الاستهلاك العاطفي الذي تعرّضت له البطلة في أشد صوره قسوة وعنف الرمز والمعنى، وتبدأ رحلة التحرر عبر إدراك الحقيقة ورفض الاستمرار  خلف حوائط الظل والخيال. رحلة الخلاص النص لا يكتفي بتش...

​الملبن: قصة حلوى تصنعها الذاكرة

بقلم/ د. نجلاء الورداني ​لا يمكن اعتبار الملبن مجرد حلوى؛ إنه قطعة من الذاكرة الشرقية، قصة مكتوبة بالسكر والمكسرات، تروي حكايات الأعياد والمناسبات العائلية. خلف غلافه الأبيض الناعم من النشا أو السكر البودرة، يختبئ عالم من الطعم الغني، تمامًا كتحفة فنية تنتظر من يكتشفها. ​تذوب حلاوته الطرية في الفم، تاركةً إحساسًا بالبهجة الخالصة. وعندما يمتزج مع عين الجمل أو الفستق، يتحول إلى لوحة متكاملة من النكهات والقوام، حيث يجمع بين نعومته وقرمشة المكسرات التي ترسخ مذاقه في الذاكرة. ​الملبن هو حلوى بسيطة وصادقة، لا تتكلف ولا تتصنع. يمثل جسرًا بين الماضي والحاضر، حيث يحافظ على نفس الطعم الذي عرفه الأجداد، ليمرره إلى الأجيال الجديدة. هذه البساطة هي سر سحره وجاذبيته. ​في كل قضمة من الملبن، يكمن شعور بالحنين إلى الأيام الخوالي، وإلى الدفء الذي يرافق المناسبات السعيدة. إنه حلوى تلامس الروح قبل اللسان، وتذكرنا بأن أجمل الأشياء غالبًا ما تكون الأكثر بساطة ونقاءً.

امرأة في الظل

قصة قصيرة بقلم/ عبد الرحمن هاشم لماذا لا يجد أحدٌ السعادة التي يبغيها بعد زواجه؟ سؤال ظلّ يطاردني طويلًا وأنا أراقب صديقاتي وقريباتي، وأتذكّر تجربتي بمرارة. كنتُ أنا "المرأة الأخرى"، الوجه الخفيّ في حياة رجل متزوج. كان يأتي إلى شقتي في ساعات مختلسة، يخلع همومه عند الباب، ويتقمّص دور العاشق الولهان. أعدّ له طعامًا يحبّه، يضحك، يغازلني، ثم يتركني مع بقايا آثاره. يصرف عليّ أحيانًا — نقود موسمية تكفي حاجتي ولا تكفي كرامتي — ثم يعود إلى بيته وزوجته وأولاده وكأنني نسيًا منسيا. مرّت شهور. وفي لحظة صفاء، سألته: – "لماذا لا نديم هذا الهناء، ما المانع في أن نتزوج؟ لماذا لا نجعل ما بيننا حلالًا في النور يراه كل الناس؟". ابتسم ابتسامةً بلا معنى وتمتم: – "لا تغيّري ما هو جميل... بمجرد ما أن أتزوجك تصبحين نسخة من زوجتي القابعة في البيت الآن!". كان جوابه كصفعة. أدركت حينها أنني لستُ إلا مَهْربًا، أو "البديل المؤقت" لامرأته الأساسية. مع الوقت اكتشفت أنني لا أحبه بصدق؛ إنما أتعلق بوهم وجوده المادي بجانبي. وحين يغيب، يتفجّر في داخلي غضب وكراهية له، بل لنفسي. ...

عندما يصبح البيت جحيمًا: أثر قسوة الزوج على صحة الزوجة وسلامة الأبناء

  بقلم المستشارة/ شيماء سحاب المحامية بالنقض نعم، ثمة رجال يتعاملون بالقسوة فقط: أب يقهر حياة أولاده، وزوج يجعل بيت الزوجية جحيمًا لزوجته، وجار يفتك بالجار. صور القسوة كثيرة ومتعدِّدة، وما يترتب عليها من عقد نفسية وأمراض صحية ونفسية للأطفال والزوجة لا يُحمد عقباه. الأطفال الذين يكبرون في بيت فيه أب قاسٍ لا ينشئون أطفالًا أَسوياء بالضرورة؛ فالقسوة المستمرة تُدمِّر نفوس أفراد الأسرة؛ ذلك أن البيت الذي هو نواة المجتمع الآمن ينبغي أن تسكنه الطمأنينة. القسوة تُولِّد الخوف والرغبة في الانتقام، وقد تَثمر إما شخصية ضعيفة الإرادة أو شخصية انتقامية متصلبة — وفي الحالتين تُصبح حياة الأسرة بعيدة كل البعد عن السعادة والاستقرار. فالأب الذي يظن أنه «يؤدّب» بالقسوة، يرتكب خطأ فادحًا، والطفل الذي ينشأ في محيط مفعم بالحب والحنان يكون فردًا راقٍ واثقًا من نفسه، بينما الطفل الذي ينشأ في جو يحيط به الخوف والتوتر فعادة ما يفتقد المشاعر الإنسانية وبالتالي تتعطل فرصته في بناء مجتمعه أو حتى الإسهام في بناء بيت صحي منتج ومفيد. وأمامنا نموذج الزوجة التي نالت قسوة زوجها فنجدها تعاني أزمات يومية؛ تفتقد الحب وا...